الاقتصاد الأمريكي في ضائقة والرئيس بايدن في حيرة

      التعليقات على الاقتصاد الأمريكي في ضائقة والرئيس بايدن في حيرة مغلقة

م.د. عبير مرتضى حميد

باحثة في قسم إدارة الأزمات

مركز الدراسات الاستراتيجية، جامعة كربلاء

حزيران ٢٠٢٢

       تواجه اقتصادات العالم بشكل عام موجة كبيرة من التضخم الجامح، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الأمريكية، التي ارتفعت معدلات التضخم فيها بشكل كبيروهو أعلى ارتفاع منذ (40) عاما، فقد ارتفع معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع ليصل إلى (8.6٪) في أيار من عام 2022، وهو أعلى معدل منذ كانون الأول عام 1981. إذ ارتفعت أسعار الطاقة بنسبة (34.6٪)، وهي أكبر نسبة منذ تشرين الثاني عام 2005، بسبب الارتفاع الكبير في أسعار البنزين وزيت الوقود إلى (48.7٪، 106.7٪) على التوالي، أمّا الكهرباء فقد ارتفعت أسعارها إلى (12٪)، وهي أكبر زيادة حصلت منذ عام 2006. في حين ارتفع الغاز الطبيعي إلى (30.2٪) وهي أكبر نسبة منذ تموز 2008. أمّا السلة الغذائية فقد ارتفعت تكاليف الغذاء إلى (10.1٪)، وهي أول زيادة بنسبة (10٪) أو أكثر منذ آذار عام 1981، إذ ارتفعت أسعار اللحوم والدواجن والأسماك والبيض إلى نسب مرتفعة تصل إلى (14.2٪). كما شوهدت زيادات أخرى في تكلفة المأوى بنسبة (5.5٪)،وهي أكبر نسبة منذ فبراير 1991، والأثاث المنزلي والعمليات بنسبة (8.9٪)، والسيارات والشاحنات المستعملة بنسبة (16.1٪)، وأسعار تذاكر الطيران بنسبة (37.8٪)،في حين خففت تكلفة المركبات الجديدة.

أمّا أهم الأسباب التي أسهمت في تأزم الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية فهي العقوبات الاقتصادية التي وضعتها الولايات المتحدة على الصين منذ عام 2018 2020، وجائحة كوفييد-19، والأزمة الروسية- الأوكرانيةوالعقوبات الاقتصادية التي وضعتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي على روسيا. فمنذ بداية الحرب الروسية –الأوكرانية التي بدأت 24 شباط عام 2022، بدأت أسعار الوقود والغاز والمواد الغذائية ترتفع ارتفاعًا كبيرا، إذ ارتفعت أسعار الطاقة بعد شهر من الحرب إلى (32%)، في حين ارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى (8.8%).

في هذا السياق، يمكن القول إنَّ الاقتصاد الأمريكي يعاني من ضائقة اقتصادية كبيرة، وإنَّ الرئيس جو بايدن في حيرة من أمره، إذ صرَّح العديد من المسؤولين في واشنطن أنَّالرئيس جو بايدن يسعى إلى تحسين العلاقات الاقتصاديةبين الصين – الولايات المتحدة الأمريكية، عن طريق بدء التخفيف التدريجي لبعض العقوبات المفروضة على السلع الصينية، ولاسيما السلع التي تمس حياة المواطن بشكل كبير، مثل: الأدوات المنزلية، والملابس، والدراجات، والمواد الأساسية الصينية المستوردة، مما سيسمح بمزيد من السيولة في السوق، وحرية تداول المنتجات مما سيقلل من معدلات التضخم، وبدون حدوث أضرار كبيرة في الهيكل الصناعي الأمريكي.

ويمكن أن يكون الأمر سيان مع العقوبات الاقتصادية على روسيا، إذ يمكن أن تحدث بعض المشاورات مع الاتحاد الأوربي لتخفيف بعض القيود الاقتصادية على روسيا، لتوريد الغاز والنفط وذلك لتخفيف حدة أزمة الوقود والغاز في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي.

إلا أنَّ المنظمات والشركات التجارية الأمريكية الغاضبة تعيق تحسين تلك العلاقات، فهي ترى أنَّ تخفيف العقوباتوخفض الأسعار على المنتجات الصينية سيعني تلقائيًا الإضرار بنمو الشركات الأمريكية الصغيرة والمتوسطة الحجم، والتعامل مع المنتجات الأجنبية الرخيصة التي تؤدي إلى خسائر في المبيعات للطبقات المتوسطة من المستهلكين.

وعلى الرغم من أمل العديد من المراقبين الاقتصاديين بوضع الحكومة الأمريكية السياسات والقوانين الكفيلة بتحسين الوضع الاقتصادي وتخفيف حدة التضخم، إلا أنَّ إعلان البنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة للحد من أزمة التضخم خلال الأشهر القادمة، قد لا يؤدي إلى النتائج المرجوة، لذا قد تكون حكومة بايدن بين خيارين أمّا معالجة الأزمة وكسب الشعب عن طريق تخفيض العقوبات على الصين وروسيا، أو الخضوع للأزمة الاقتصادية والاعترافبانهيار الاقتصاد الأمريكي.