د. نبراس حسين مهاوش
كلية الإعلام/ جامعة بغداد
حزيران / 2022
الحجاج في اللغة: ” يُقَالُ: حاججتُه أُحاجُّه حِجاجاً ومُحاجَّةً حتَّى حَججتُه أَي غلبتُه بالحُجج الَّتِي أَدليتُ بها،وجمعُ الحُجَّة: حُججٌ، وحِجاجٌ، وحاجَّه مُحاجَّةً، وحجاجاً: نَازعه الحُجَّةَ“.
أمّا اصطلاحًا:
فالحجاج: “نشاطٌ كلاميٌّ، واجتماعي، وعقلي، الغرضُ منه: إقناع ناقد معقول (reasonable critic) بمقبولية وجْهة نظر (standpoint) عن طريق تقديم كوكبة من القضايا المبرَّرة، أو المُفنَّدة للقضية المُعبَّر عنها في وِجْهة النظر”.
يُعدّ الحجاج عملا تواصليا؛ لذا نحصل على ثلاثة نماذج تواصليّة للحُجَّة، وهي:
1ـ الأُنموذج الوصلي للحُجّة: وهو الأُنموذج الذي تكون فيهالوظيفة التواصليّة للحُجَّة وظيفة ايصال، فتُعامل معاملة البناء الاستدلاليّ المستقل الذي تمتاز عناصره بوصلها وصلا تاما، فالحُجَّة تُجرد من الفعاليّة الخطابيّة نحو بنية دلاليّة مجردة ويقع تجريده من هذه الفعالية بطريقتين، هما: (محو الوظائف الخطابيّة)؛ للمخاطِب (المتكلم)، وللمخاطَب(المستمع)، مثل: أسماء الإشارة، وأسماء الضمائر، وتُستبدل بهذه الأسماء السياقيّة، والمقاميّة أسماء، وأوصاف للمخاطِب، والمخاطَب تغني عن الحاجة إلى الرجوع إلى أي سياق، ومقام، و(اظهار المعاني المضمرة)؛ لوجود معارف مشتركة بين المستدلين بها.
2ـ الأُنموذج الايصالي للحُجّة: وهو الأُنموذج الذي تكون فيهالوظيفة التواصليّة للحُجَّة وظيفة ايصال؛ لأنه يجعل من الحُجَّة فعلا استدلاليّا يتوجه به المخاطِب (المتكلم) إلى المخاطَب (السامع)، فهذا الأنموذج من الحُجّة يتعلق بـ: (المخاطِب)؛ وذلك لأنّها تُعدّ فعلا قصديّا متميزًا، ويظهر تميز قصديّة الحُجَّة الموجهة في أمرين:
الأول: عدم انفكاك القصديّة عن اللغة.
الثاني: تراتب القصديّة.
مستندا في ذلك إلى نظرية الأفعال اللغويّة، فتكون نتيجة لهذا الانشغال الواقف عند المخاطِب، جعل الحجاج، بنية دلاليّة موجهة.
3ـ الأُنموذج الاتصالي للحُجّة: وهو الأُنموذج الذي تكون فيهالوظيفة التواصليّة للحُجَّة وظيفة اتصال؛ لأنّها فعلا مشتركا بين المخاطِب (المتكلم)، والمخاطَب (المستمع) جامعًا بين توجيه المخاطِب، وتقويم المخاطَب، فيركز في علاقة التفاعل الخطابي بين المخاطِب، والمخاطَب، مسوغًا أهمية التزاوج في القصد، والوظيفة (التكلم، والاستماع)، والسياق ودور الممارسة الحية التي تورث الحُجّة بنية مجازية، وخلقية يتسع معها العمل، والعقل، مستندا في ذلك إلى نظرية الحوار مع تطويرها، وإنّ ثمرة الفعل المشترك في الفعاليّة الخطابيّة بين المخاطِب، والمخاطَب، هو: إحياء الحجاج، وجعله بنيّة تداوليّة يجتمع فيها التوجيه المقترن بالافعال الكلاميّة، والتقويم المقترن بالاخلاق.