الكاتب: أ.م. مؤيد جبار حسن
جامعة كربلاء/ مركز الدراسات الاستراتيجية
قبل عشرة أيام وبالتحديد في 20 آب /2022، أُعلن عن غرق العقيد الطيار عمار عاصي حمدان في نهر تشويلا في الولايات المتحدة، هذه الحادثة العرضية، بوصف البعض، فتحت الباب على ملف التدريب على استخدام الطائرات الامريكي من فئة (F16)، والتي يتم تدريب الطيارين من باقي البلدان الحليفة ومنهم العراق عليها.
فإذا رجعنا بالذاكرة قليلا إلى أيلول /2017، حيث وقعت حادثة مميتة للرائد الطيار نور فالح حزام الخزعلي، والذي تحطمت طائرته من ذات الفئة المذكورة آنفا، خلال طلعة تدريبة في ولاية اريزونا الأمريكية.
وإذا ما رجعنا بالذاكرة أكثر إلى حزيران /2015، إذ لقي العميد الطيار راصد محمد صديق حتفه، وهو قائد سرب طائرات الـ(F16)، وتحطمت طائرته في ولاية اريزونا ايضا.
التحليل: هناك لكل واقعة أو حادثة، لاسيما ان تكررت بذات الآلية والمكان، عدة تفسيرات، نسردها تباعا:
اولا: نظرية المؤامرة: يرى أصحابها أنَّ الكفاءات العراقية بعد عام 2003، تم استهدافهم بصورة مكثفة، ومنهم الطيارون، حيث سعت مخابرات دول الجوار الى الانتقام من صقور الجو العراقيين الذين كان لهم الاثر البالغ في المعارك والانتصارات، وبعد ذلك دخلت الولايات المتحدة ومن ورائها اسرائيل على الخط، لتقضي على ما تبقى من كفاءات عسكرية عراقية، كونها تشكل تهديدًا مستقبليًا على الكيان الصهيوني الغاصب.
فالطائرات من فئة (F16) تمتلك من التقنية الكثير والتي تحافظ على حياة الطيار، ومنها آلية الكرسي القافز، والتي لم تعمل، لسبب ما، مع اثنين من خيرة الطيارين العراقيين، اما العقيد عمار عاصي فمات غرقا وهذا لا يتناسب مع ابسط متطلبات وتدريبات الطيارين حول العالم، الذين يتمتعون بقدرات بدنية ورياضية متقدمة.
ثانيا: قضاء وقدر: وهنا يجب أخذ الأمور بروية وتلقائية، فالحوادث تقع في كل مكان، ففي ذات التدريبات سقط العديد من الطيارين، ومنهم من جنسية امريكية. وليس من مصلحة الطرف المدرب أن يكتسب سمعة سيئة في العراق والعالم، وذلك يضر بالصناعات العسكرية والتي تعد من أكبر واضخم الاستثمارات المالية في الولايات المتحدة والعالم.
ثالثا: الفساد العراقي: الفساد في مؤسسات الدولة ومنها المؤسسة العسكرية، فالصيانة والادامة للمعدات الحربية غير مناسبة، وقد أضرت بجودة الآلة العسكرية وهددت حياة من يستخدمها بالفعل، وقد يكون لهذا الحديث شيء من المصداقية. وفي ذات السياق، رأي آخر يظن أنَّ المحسوبية والمنسوبية ادخلت عناصر غير كفوءة في سلاح الجو العراقي، وهذا الكلام مردود، لأنَّ العناصر التي تم ارسالها الى الولايات المتحدة للتدريب، كانوا من أكفأ الطيارين بشهادة الكثيرين، فكان لهم صولات على الجبهة الشرقية وفي الحرب ضد التنظيمات الارهابية، ومن غير الممكن ان وفاتهم كانت بسبب قلة خبرتهم وكفاءتهم في استخدام الطائرات الحديثة من فئة (F16).
الخلاصة: ما نعرفه أنَّ هناك ثلاثة من الطيارين العراقيين، من الرتب العسكرية العليا، توفوا بحوادث متنوعة في امريكا، أثناء مشاركتهم في دورات تدريبية، السؤال: لماذا ترسل الدولة العراقية خيرة طياريها لغرض تدريبهم؟ أليس الاجدى إرسال الطيارين المستجِدّين لذلك؟ وأين هي تقارير لجان التحقيق المشتركة مع الجانب الامريكي حول الحوادث الثلاث؟ ألا يجب أن تعرض وزارة الدفاع امام الامة العراقية، الحقائق عن وفاة أو مقتل هؤلاء الطيارين، بعدّهم ثروة وطنية ومن حق الشعب أن يعرف ماذا حصل بالضبط، ومن هدرها وأساء التصرف بها.