بايدن للسعودية: تسريع محادثات بغداد بين طهران والرياض
الجزء الاول
الناشر: مركز الأبحاث العلمية والدراساتالاستراتيجية في الشرق الأوسط
ترجمة: أ.م خالد حفظي التميمي
لأشهر، كتب الكثير عن أهمية زيارة بايدن للمنطقة، إذنشر جو بايدن مقالاً في صحيفة الواشنطن بوست بعنوان:“لماذا أريد السفر إلى السعودية”، إذ أشار إلى بعض النقاط المهمة للغاية فيما يتعلق بأهمية هذه الرحلة، بالنظر إلى الظروف الداخلية للولايات المتحدة، والوضع الجديد للنظام الدولي، ومناقشة الفرص والتحديات التي تواجه إيران:
1- عودة السياسة الحقيقية إلى البيت الأبيض تحت حكم بايدن:
بايدن سيزور السعودية في وقت قال فيه مرارًا وتكرارًا في حملاته الانتخابية إنَّ على السعودية “دفع ثمن ما فعلته”، في إشارة إلى مقتل خاشقجي بأمر من ابن سلمان،والانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان من قبل السعودية فيحرب اليمن. في السنوات الأخيرة كان هناك الكثير من الضغوط من الجماعات المحلية والدولية الداعمة لحقوق الإنسان على حكومة الولايات المتحدة، لتغيير سياستها معالسعودية، وأخيراً كان بايدن هو الذي وعد بإعطاء الأولوية لقضايا حقوق الإنسان في شعاراته الانتخابية. لذلك، ومنذ اليوم الذي أثيرت فيه إمكانية ذهاب بايدن إلى السعودية، كان هناك العديد من الاحتجاجات ضد هذا الإجراء من جانب بايدن، واعتقد الكثير أنَّ حكومة بايدن لديها دعم ضعيف في الكونجرس، حتى بين الديمقراطيين، وهذا الإجراء ممكن أن ينهي مستقبل بايدن في الانتخابات القادمة، لذلك فإنَّ بايدن يواجه قرارًا صعبًا، حيث رأينا أخيرًا أنَّ الرحلة إلى السعودية كانت قرار بايدن النهائي. تحتوي هذه الرحلة على رسالة واضحة لمنظري العلاقات الدولية والنقاش بين المثالية والواقعية في سياسات البيت الأبيض: “بغض النظر عن المُثُل العليا التي يجب أن تدعمها أمريكا لحقوق الإنسان ونشر الديمقراطية في العالم، فإنّها تعمل في النهاية على تأمين مصالحها الخاصة، وان واشنطن تمد يد الصداقة إلى أشد منتهكي حقوق الإنسان وأكثر دولة غير ديمقراطية في العالم. لذلك، يمكن اعتبار مقال الواشنطن بوست الأخير كمبرر للرأي العام المحلي للولايات المتحدة بأن بايدن يبحث عن خطاب جديد وانحراف الرأي العام عن قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية وإظهار ذلك. هي أكثر القضايا أهمية بالنسبة للمصالح الوطنيةوالأمن القومي للولايات المتحدة، مما تسبب في وصول بايدنللسعودية.
2- أزمة أوكرانيا والتحول في النظام الدولي واللعبة الجديدة للحكومات الإقليمية:
تسببت أزمة الحرب في أوكرانيا، وعقوبات الطاقة الروسية في ارتفاع أسعار الطاقة في العالم، ولا يخفى على أحد أنَّأوروبا وأمريكا إلى حد ما واجهت أزمة جديدة. لكن ما لم يكن متوقعا أن السعودية كحليف لأمريكا وأكبر مصدر للنفط في العالم لم تدعم سياسات أمريكا النفطية ضد روسيا بعد بداية هذه الأزمة! الحقيقة هي أن قضايا، مثل:الانسحاب المفاجئ للولايات المتحدة من أفغانستان والانسحاب التدريجي لقواتها من المنطقة، أدت إلى عدم كفاءة الدعم الأمريكي لأوكرانيا لمنع روسيا من مهاجمة هذا البلد، كما أعطت منطقًا جديدًا للدول بما في ذلك الحكومات التي دأبت على حماية أمنها ومصالحها على مدى عقود،وكانت مرتبطة بوجود أمريكا في المنطقة الأمر الذي أجبرها على تجربة طرق أخرى غير الاعتماد على أمريكا، لتأمين مصالحها وأمنها. ولعل من أوضح علامات هذا المنطق الجديد بعد الأزمة الأوكرانية، عدم امتثال دول المنطقة للعقوبات الأمريكية والأوربية ضد روسيا. عقدت أمريكا وأوروبا على وجه الخصوص العديد من المشاورات معالسعودية والإمارات ودول أخرى غنية بالنفط في المنطقة،لزيادة صادراتها، حتى تتمكن من تعويض نقص موارد الطاقة في أوروبا، والتحكم في أسعار النفط والسيطرة على سوق الطاقة العالمي, لكن السعودية إلى حد كبير رفضت هذا القرار وفضلت الحفاظ على علاقاته مع روسيا في (أوبك +)، وتزويد نفسها بمزيد من الفوائد عن طريقزيادة سعر النفط. أيضًا مع انسحاب أمريكا من المنطقةحيث سيكون لروسيا دور فاعل للغاية تنظر له السعودية في التعاون معها من أجل تأمين مصالحها الوطنية في المستقبل، ويلاحظ ذلك عن طريق وجود وزير الخارجية الروسي لافروف في الاجتماع الأخير لمجلس التعاون الخليجي. لذلك من الضروري السفر إلى السعودية تماشيا مع اهمية هذا الموضوع لتقديم تنازلات للسعودية، لزيادة صادرات النفط والتحكم في أسعار الطاقة في السوق العالمية، ولكن إذا كانت السعودية قد اظهرت عدم رغبتها أن تتماشا مع سياسات أمريكا، فإنَّه لا جدوى لهذه الرحلة في الوقت الحاضر.
3- توسع نفوذ الصين في المنطقة:
استمرارًا لموضوع الانتقال في النظام الدولي، وانسحاب القوات الأمريكية من المنطقة، كان للصين بوصفها القوة الدولية العظمى الثانية، والمرشحة للهيمنة على النظام العالمي المستقبلي، حضور بطيء في المنطقة، إلا إنّها الآن تخطو تدريجياً على الأماكن الشاغرة للولايات المتحدة في المنطقة. كذلك في مواجهة قوة اقتصادية عظمى جديدة، ترى دول المنطقة مصالحها الوطنية في التعاون معها، ولا تلتفت إلى حقيقة أن هذا البلد هو أكبر منافس للولايات المتحدة حليفهم التقليدي، وهذا يعني أنَّ الحلفاء التقليديين الرئيسين للولايات المتحدة في المنطقة، كالسعودية والإمارات وقطر إلى تركيا العضو في الناتو، قد أقاموا تعاونًا واسعًا للغاية (حتى أكثر من إيران) مع الصين، وهوما يضر بمصالح الولايات المتحدة، والذي ينهي دور أمريكافي المنطقة. ولعل أهم هذه التعاونات على الصعيد الأمني والاقتصادي السياسي يمكن أن يكون التعاون الأمني السعودي مع الصين لبناء صواريخ باليستية، وبناء قواعد عسكرية صينية في الإمارات والخليج العربي. وربما الأهم هو الاتفاقية بين السعودية والصين لبيع النفط بمدفوعات النقد الأجنبي بالعملة الوطنية للصين ألا وهي اليوان، وهو ما يعدّ تهديدا خطيرا لهيمنة الدولار على نظام العملات العالمية. لذلك فالأمريكي الذي يعدّ نمو الصين بالنسبة له حالياً أهم تهديد، ويسعى إلى احتواء هذا البلد، فإنَّ خسارة منطقة غرب آسيا لمصلحة الصين، لن تكون مرغوبة لهذه الحكومة إطلاقاً، لذا فإنَّ أهمية زيارة بايدن للسعودية هيمن أجل التعاون وتنسيق السياسات مع السعودية، لمنع الصين من اكتساب المزيد من المصالح في المنطقة .
رابط المقال : https://www.cmess.ir/Page/View/2022-07-16/5139