دور وسائل التواصل الاجتماعي في زيادة التفكك الاسري

      التعليقات على دور وسائل التواصل الاجتماعي في زيادة التفكك الاسري مغلقة

م.د. حوراء رشيد الياسري .

قسم الدراسات القانونية .

    أخذت مواقع التواصل الاجتماعي حيزاً كبيراً في الحياة الانسانية، لكونها تتخلل أغلب جوانب الحياة، فقد أصبحت ذات تأثير كبير في الحياة ولاسيما الشخصية منها؛ إذ أصبح الفرد يمارس أغلب أعماله ونشاطاته عن طريقاستخدام التقنية والمعلوماتية، حتى انسحب تأثيرها على المستوى الشخصي للفرد، واخترقت حياتهُ الشخصية.

   تعرف وسائل التواصل الاجتماعي، بأنها: عبارة عن تكنولوجيا يتم استخدامها عبر شبكة الإنترنت العالمية من خلال أجهزة متعددة، كالهواتف الذكية والكومبيوتر والأجهزةاللوحية، وتتيح هذه الوسائل لمُستخدميها إمكانية التفاعل مع المستخدمين الآخرين، كالعائلة والأصدقاء وغيرهم من الأفراد، وذلك عن طريق نقل المعلومات وتخزينها عبر هذه الوسائل، كالصور والفيديوهات والنصوص.

كما هو متعارف عليه أن التواصل الأسري ينعكس على نفسية الفرد وسلوكه، وهو من أهم مقومات المجتمع السليم،فهو عمود بنائه لينتج مجتمع سليم وسوي، لكونه يمثل بداية الطريق لبناء المجتمع الآمن، وأن هذا الترابط (التماسك) الأسري يعمل على:

بناء أسرة قادرة على احترام مشاعر بعضهم بعضا، وزرعالمحبة والود بينهم.

يعدّ وسيلة بنائية علاجية تساعد في حل كثير من المشكلات في الأسرة.

يعمل على تخفيف مشاعر الكبت عند الأبناء.

يعمل على تحرير النفس من الصراعات والمشاعر العدائية،والمخاوف والقلق عند الأبناء.

يعمل على دعم النمو النفسي والفكري والاجتماعي لشخصية الأبناء.

يعمل على ترويض النفوس وقبول النقد من الطرف الآخر.

يعزز الثقة لدى أفراد الأسرة مما يجعلهم أكثر قدرة على تحقيق طموحاتهم وآمالهم.

يتعلم كل فرد في الأسرة أهمية احترام الرأي الآخرفيسهل تعامله مع الآخرين.

يعدّ وسيلة بنائية وعلاجية تساعد في حل الكثير من المشكلات التي قد تواجه الأسرة.

مما تجدر الاشارة إليه إنّ الأسرة والمدرسة تقومان بدور أساسي في تكوين مدارك الإنسان وثقافته، وتسهمان في تشكيل القيم والأخلاق التي يتمسك بها ويتخذها كمقومات للسلوك الاجتماعي بما فيها علاقات الآباء بالأبناء؛ لكن اليومانتقل جزء كبير من هذا الدور إلى شبكات الإنترنت والهواتف الذكية، الأمر الذى حلَّ محل الحوار والمحادثة بين أفراد الأسرة الواحدة، وأدى إلى توسيع الفجوة والصراع بين الآباء والأبناء، وتقصيرهم في واجبهم تجاه أبنائهم وبناتهم في التربية والتوجيه؛ في المقابل فإنَّ انشغال أفراد الأسرة بوسائل التواصل، أدى إلى تقصيرهم مع والديهم في البر والطاعة.

ومن مظاهر تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأسرة ظاهرة التباعد الأسري، إذ أصبح الحديث بين أفرادها مقتصراً على الأحاديث الضرورية والمختصرة، وغابت الجلسات العائلية الحميمة بين أفراد الأسرة الواحدة،وأصبح لكل فرد فيها تفضيلاته الخاصة، وقامت وسائل التواصل الاجتماعي بتعزيز العزلة والتنافر بين أفرادها،وتلاشي قيم التواصل الأسري، واستبدل الأبناء الانترنت بآبائهم كمصدر للمعلومات، وفقدوا الترابط الأسري وقاموا بتفضيل الحوار مع الغرباء، واستخدام بعض التطبيقات التي تتيح للشخص تقمص شخصية وهمية، تتيح له التفاعل مع مجتمع وهمي وأصدقاء وهميين.                                                          

إنَّ قضاء الأطفال والمراهقين أوقاتاً طويلة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، يؤثر في دور الأسرة في نقل ثقافة المجتمع إليهم، وإكسابهم المهارات المختلفة، وتنمية سلوك الأبناء وغرس القيم والأخلاق لديهم، كما يؤثر في دور الأسرة في مراقبة الأبناء ومتابعتهم، نضيف لذلك أيضاً إنَّ متابعة الأطفال للمشاهد العنيفة على وسائل التواصلالاجتماعي تزرع الخوف في نفوسهم، فهي تزيد منالمشكلات السلوكية، كالعدوانية وهذا يؤثر سلباً فيتواصلهم مع أفراد أسرتهم. وفي دراسة أجراها الباحث (هشام البرجي) حول تأثير شبكات التواصل الاجتماعيعلى الأسرة، أظهرت النتائج أن من تأثيراتها السلبية تقليلالحوار البيني التفاعلي بين أفراد الأسرة بنسبة (65.5%وأن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الأبناء يؤدي إلى تغيير سلبي في سلوكهم بسبب عزلتهم بنسبة (60%).                                                        

ومما تجدر الإشارة إليه إنَّ وسائل التواصل الاجتماعي تمتلك من الايجابيات مثل امتلاكها للسلبيات. وتتمثل الايجابيات بما يأتي:

1-توسيع قاعدة العلاقات الاجتماعية.

2-تقليل الحواجز التي تعيق الاتصال.

3-وسيلة لتشكيل رأي عام فعّال.

4-وسيلة فعالة للترويج.

5-متابعة أخبار العالم وتطوراتها.

6-الوصول للمعلومات في أي وقت وأي مكان.

7-سهولة التواصل بين جميع الافراد على اختلاف طبقاتهم واعراقهم ودياناتهم.

أما بالنسبة لسلبيات هذه الوسائل فهي:

1-مخاطر الاحتيال وسرقة الهوية.

2-اضاعة وهدر كبير للوقت.

3-اختراق واضح للخصوصية.

4-التأثير الواضح في العلاقات الأسرية والزوجية.

5-العزلة الواضحة والاكتفاء بجهاز الموبايل.

6-تدني المستوى العلمي والدراسي لأغلب الطلاب وفي جميع المراحل، لكون هذه الوسائل أخذت حيزاً واضحاً من حياتهم.

عليه يبقى الفرد هو من يحدد مدى الاستفادة من هذه التقنية الجديدة، واستخدامها في وجهتها الصحيحة، عن طريقتحقيق الاستفادة الكاملة من هذا التقدم التقني، الذي حقق مكانة تحسب لهُ في معظم الدول، والابتعاد عن ما هو سلبي قدر الامكان.