الصين في الاستراتيجية الأمريكية للأمن القومي 2022

      التعليقات على الصين في الاستراتيجية الأمريكية للأمن القومي 2022 مغلقة

ترجمة : أ.م. مؤيد جبار حسن .

عرض وتحليل: م.د. حوراء رشيد الياسري .

     تعد جمهورية الصين الشعبية المنافس الوحيد الذي لديه نية لإعادة تشكيل النظام الدولي وبشكل متزايد، وتمتلك القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية للقيام بذلك، وبكين لديها طموحات لخلق مجال نفوذ معزز في المحيطين: الهندي والهادئ، وأن تصبح القوة الرائدة في العالم، لكونها تستخدم قدرتها التكنولوجية وتأثيرها المتزايد في المؤسسات الدولية، لخلق ظروف أكثر تساهلاً لنموذجهاالاستبدادي، وصياغة استخدامات ومعايير التكنولوجيا العالمية، لإبراز مصالحها وقيمها، وكثيراً ما تستخدم بكين قوتها الاقتصادية لإكراه البلدان، مستفيدة من انفتاحالاقتصاد الدولي بينما تحد من الوصول إلى أسواقها المحلية، وتسعى إلى جعل العالم أكثر اعتماداً على جمهورية الصين الشعبية مع تقليل اعتماده على العالم. تستثمر جمهورية الصين الشعبية أيضاً في جيش يتم تحديثه بسرعة، وقدرات متزايدة في منطقة المحيطين: الهندي والهادئ، وتزايد قوتها وانتشارها عالمياً، كل ذلك يتواكب معتآكل التحالفات الأمريكية في المنطقة وحول العالم.

     في الوقت نفسه، تعد جمهورية الصين الشعبية أيضاًمركزاً للاقتصاد العالمي، ولها تأثير كبير في التحديات المشتركة، لاسيما تغير المناخ والصحة العالمية، ومن الممكن أن تتعايش الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية بسلام، والمشاركة معاً في التقدم البشري والمساهمة فيه.وتتمثل استراتيجيتنا تجاه جمهورية الصين الشعبية في ثلاثة جوانب:

1) للاستثمار في أسس قوة وطننا قدرتنا التنافسية، وابتكارنا، ومرونتنا، وديمقراطيتنا.

2) لمواءمة جهودنا مع شبكة من الحلفاء والشركاء، نعمل لغرض مشترك ولمصلحة مشتركة.

3) نتنافس بمسؤولية مع جمهورية الصين الشعبية للدفاع عن مصالحنا وبناء رؤيتنا للمستقبل.

أول وثاني العناصر (الاستثمار والمواءمة) في القسم السابق، ضرورية للتفوق على جمهورية الصين الشعبية، في المجالات التكنولوجية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والاستخباراتية والعالمية.

إنَّ مجالات المنافسة مع جمهورية الصين الشعبية تظهر في منطقة المحيطين: الهندي والهادئ، ولكنّها تزداد أيضاًبشكل متزايد دولياً حول العالم، في السعي لكتابة قواعد الطريق، وتشكيل العلاقات التي تحكم الشؤون العالمية،والتي تقوم بدورها في كل منطقة، عبر الاقتصادوالتكنولوجيا والدبلوماسية والتنمية والأمن والحكومة العالمية.

في المنافسة مع جمهورية الصين الشعبية كما هو الحال في الساحات الأخرى من الواضح أن السنوات العشر القادمة ستكون حاسمة، ونحن نقف الآن عند نقطة الانعطاف، حيث الخيارات التي نتخذها والأولويات التي نتابعها اليوم، ستضعنا على مسار يحدد وضعنا التنافسي لفترة طويلة إلى المستقبل.

   يقف العديد من حلفائنا وشركائنا خاصة في منطقة المحيطين: الهندي والهادئ على الخطوط الأمامية في وجهجمهورية الصين الشعبية، وهم مصممون على السعي إلى ضمان استقلاليتهم وأمنهم وازدهارهم، وعليه سندعم قدرتهم على اتخاذ قرارات سيادية تتماشى مع مصالحهم،وقيم خالية من الضغط الخارجي، ونعمل على توفير معايير عالية ومتدرجة لاستثمار والمساعدة الإنمائية والأسواق، لذلك تتطلب استراتيجيتنا أن نتشارك الاحتياجات الاقتصادية والتنموية للدول الشريكة وندعمها ونلبيها، ليس من أجلالمنافسة ولكن لمصلحتهم الخاصة. سوف نعمل لغرض مشترك لمعالجة مجموعة من القضايا من البنية التحتية الرقمية غير الموثوق بها، والعمل الجبري في سلاسل التوريد وغير القانوني وغير المبلغ عنه، والصيد غير المنظم،وسنحاسب بكين على الانتهاكات – الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية في شينجيانغ ، وانتهاكات حقوق الإنسان في التبت، وتفكيك هونغ كونغ والاضرار باستقلاليتها وحريتها – حتى في الوقت الذي نسعى فيه إلى الضغط على البلدان والمجتمعات لاتخاذ الصمت،سنواصل إعطاء الأولوية للاستثمارات في جيش قتالي ذيمصداقية، يردع العدوان على حلفائنا وشركائنا في المنطقة، ويمكن أن يساعد هؤلاء الحلفاء والشركاء في الدفاع عن أنفسهم.

نضيف لذلك أن لدينا مصلحة دائمة في الحفاظ على السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان، وهو أمر حاسم للأمن والازدهار الإقليمي والعالمي، ومسألة ذات اهتمام دولي، ونحن نعارض أي تغييرات أحادية الجانب للوضع الراهن من قبل أحد الجانبين، ولا نؤيد كذلك استقلال تايوان، وسنبقى ملتزمين بسياسة صين واحدة، التي تسترشد بها للعلاقات مع تايوان، والبيانات المشتركة الثلاثة والتأكيدات الستة؛ ونحن سوف نتمسك بالتزاماتنا بموجب قانون العلاقات مع تايوان، لدعم الدفاع عن النفس لتايوان،وللحفاظ على قدرتنا على مقاومة أي لجوء إلى القوة أو الإكراه ضدها.

وعلى الرغم من أنَّ الحلفاء والشركاء قد يكون لديهم وجهاتنظر متميزة حول جمهورية الصين الشعبية، فإنَّ نهجناالدبلوماسي وسلوك جمهورية الصين الشعبية، أنتج فرصاًكبيرة ومتنامية للتوافق النهجي، وتحقيق النتائج المرجوة عبرأوربا وآسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وإنَّالدول على دراية بطبيعة التحديات التي تطرحها جمهوريةالصين الشعبية، فالحكومات يريدون موارد مالية عامةمستدامة، ويريد العمال أن يعاملوا بكرامة واحترام، أمّا المبتكرون يريدون أن يكافؤوا على براعتهم ومخاطرتهموجهودهم الدؤوبة، والأعمال الحرة تريد مياه مفتوحة وحرةيمكنها عن طريقها تداول منتجاتها.

بينما نتنافس بقوة سندير المنافسة بمسؤولية، وسنسعى إلىاستقرار استراتيجي أكبر، عن طريق تدابير تقلل من خطرالتصعيد العسكري غير المقصود، وتعزيز الاتصالات فيالأزمات، وبناء الشفافية المتبادلة، وإشراك بكين في نهايةالمطاف بالمزيد من جهود الحد من التسلح. سنكون دائماًعلى استعداد للعمل مع جمهورية الصين الشعبية حيث لدينامصالح مشتركة، لا يمكننا أن ندع الخلافات التي تفرقناتمنعنا من المضي قدماً في الأولويات التي تتطلب أن نعملمعاً، من أجل مصلحة شعبنا والمصلحة العامة، وهذايشمل:

1- المناخ.
2- التهديدات الوبائية ومنع انتشارها.
3- مكافحة التجارة غير المشروعة للمخدرات، وأزمة الغذاءالعالمية وقضايا الاقتصاد الكلي.

باختصار سوف نشارك بشكل بنّاء مع جمهورية الصينالشعبية حيثما أمكننا ذلك، ليس كخدمة لنا أو لأي شخصآخر ولا مقابل ذلك أبداً الابتعاد عن مبادئنا، ولكن لأن العملمعاً يؤدي لحل التحديات الكبيرة، وهذا ما يتوقعه العالم منالقوى العظمى، ولأن ذلك يصب في مصلحتنا مباشرة، لاينبغي لأي بلد حجب التقدم في القضايا الوجودية العابرةللحدود، مثل: أزمة المناخ بسبب الخلاف في العلاقاتالثنائية، بينما لدينا خلافات عميقة مع الحزب الشيوعيالصيني والحكومة الصينية، هذه الاختلافات بين الحكوماتوالأنظمةوليس بين شعوبنا أُصر العلاقات الأسريةوالصداقة تصل بين الشعبين الأمريكي والصيني، ونحننحترم بعمق إنجازاتهم وتاريخهم وثقافتهم، ولا مكانللعنصرية والكراهية في أمة بنتها أجيال من المهاجرين،لتحقيق وعد الفرص للجميع، ونحن ننوي العمل معاً لحلالقضايا الأكثر أهمية لشعبي البلدين.

التحليل:

     من العرض السابق يتضح لنا دور الصين المتنامي،ورغبة حكومتها في دعم هذا التقدم والتطور المستدام وتنميتهُ، فضلا عن الدور المحوري الذي أصبحت تتمتع بهمن قبل محيطها الدولي، وأخذ قوتها الاقتصادية والعسكرية في الحسبان، ليس من أجل شيء بل من أجل المحافظة والسيطرة التامة على قدراتها، وتحجيم هذه القدرات وعدم استخدامها في غير محلها؛ ولكن في الوقت نفسه التشجيع على تنمية هذه القدرات واستدامتها، وإنَّ الاختلافات التي قد تنشأ لا علاقة لشعب البلدين فيها بل حكوماتهم فقط،وتبقى عملية التبادل الثقافي والعلمي والتقني والتكنولوجي قائمة بينهم، وهذا أساس لبناء علاقات سياسية واقتصادية داخل نظام عالمي يحفظ الأمن لجميع دول المنطقة.

5