ترجمة: وحدة الترجمة في مركز الدراسات الاستراتيجية
الناشر: معهد بروكينغز
تحليل: م. د هناء جبوري محمد / مركز الدراسات الاستراتيجية
في 28 تشرين الأول 2022، اجتمعت مجموعة دراسة الكونغرس للعلاقات الخارجية والأمن القومي، لمناقشة تفويض ٢٠٠٢ لاستخدام القوة العسكرية AUMF““ في العراق، والذي سمح بالغزو الأمريكي عام 2003، لكن لم يتم تطبيقه لأكثر من عقدين، في حين تم الاستشهاد به فيما يتعلق بالعديد من الأعمال العسكرية الأمريكية منذ ذلك الحين. وقد تضمن الاجتماع تفسير التفويض وتطبيقه،والأثر المحتمل للمقترحات الحالية لإلغائه.
شارك في الاجتماع خبيران متخصصان بهذا الشأن،وهما: “سكوت اندرسون“ وهو زميل في معهد بروكينغز والمحامي السابق في وزارة الخارجية الامريكية، و“بريان فينوكين” كبير مستشاري البرنامج الأمريكي في مجموعة الأزمات الدولية.
قبل المناقشة، قام فريق الدراسة بتعميم قراءات المعلومات الأساسية المتمثلة في:
• الأذن باستخدام القوة العسكرية ضد العراق قرار عام ٢٠٠٢.
• تقرير البيت الأبيض عن الأطر القانونية والسياسية التي توجه استخدام الولايات المتحدة للقوة العسكرية وعمليات الأمن القومي ذات الصلة (كانون الاول 2016).
تم في البدء وصف أصول تفويض ٢٠٠٢ في الفترة التي سبقت غزو العراق عام ٢٠٠٣، وعلى الرغم من تفضيل إدارة جورج دبليو بوش في البداية لوثيقة أكثر انفتاحًا، إلا إنَّالتدابير النهائية عكست بعض القيود “في الكونغرس“، التيتمثلت في اشتراط تقديم الرئيس إلى الكونغرس، بعض الشهادات الإجرائية التي تؤكد أنَّ الوسائل الدبلوماسية غير كافية للرد على التهديدات، فضلا عن فرض التزامات على السلطة التنفيذية بتقديم تقارير منتظمة، وقال مقدمو العرض: إنَّ نص تفويض“AUMF” لعام ٢٠٠٢ كان واسع النطاق وشاملًا، لكنه سمح بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي وحماية الولايات المتحدة من تهديدات العراق.
وتم مناقشة مجموعة واسعة من الأنشطة التي اضطلع بها،في إطار تفويض عام ٢٠٠٢، فضلا عن العمليات المتوقعة ضد القوات العراقية النظامية وغير النظامية، إذ اتخذت الولايات المتحدة وقوات الحلفاء، إجراءات ضد مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة، كالمقاتلين الأجانب والجماعات القبلية والفصائل وغيرها من المنظمات، كما تم الاعتماد على هذا التفويض في تحمل المسؤوليات بعدَّها قوة احتلال بعد الغزو، بما في ذلك ردع الأعمال العدائية ضد العراق، وضمان سلامته الإقليمية، والمسؤولية عن مجاله الجوي،والحفاظ على النظام العام فيه.
بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق بين عام ٢٠١١-٢٠١٤، رفضت إدارة أوباما الاعتماد على هذا التفويض في أي أعمال عسكرية، لكن في عام ٢٠١٤ شنت الإدارة ذاتها غارات جوية على داعش في العراق وسوريا.اعتمدت الحكومة في البدء على المادة ٢ من دستور الولايات المتحدة، لكنها بدأت مؤخرًا بتقديم حجج قانونية تستند إلىتفويض ٢٠٠١، الذي أصدره الكونغرس لأول مرة بعد هجمات ١١ أيلول، وبعدها عام ٢٠٠٢. ومنذ ذلك الحين؛عدّت السلطة التنفيذية لغة تفويض ٢٠٠٢ الذي سمح باتخاذ إجراءات ضد التهديدات في العراق، يمكن أن تدعم مكافحة التهديدات الإرهابية في العراق، وعدَّت توفير الكونغرس للأموال بمنزلة تأييد لهذه الحجج القانونية.
واصلت إدارة ترامب الاعتماد على تفويض ٢٠٠٢، بعدَّه سلطة داعمة للحركة المناهضة لداعش، وعدَّته سلطة قانونية لاستهداف الفصائل المدعومة من ايران في العراق، وكذلك قضية مقتل الجنرال سليماني عام ٢٠٢٠، وعلى العكس من ذلك، رفضت إدارة بايدن الاعتماد على تفويض عام ٢٠٠٢في أي شيء آخر غير عمليات مكافحة “داعش“، وأيدت إلغاءه على اعتبار أنَّ الإلغاء لن يؤثر في العمليات العسكرية الأمريكية الجارية. ولاحظ فريق الدراسة أن المنهجية التفسيرية والنطاق الواسع للأنشطة التي تتبعها السلطة التنفيذية، تصلح لتفسيرات واسعة جدا قد تشمل استخدام قوة عسكرية كبيرة ضد العديد من التهديدات،مادام الأمر متعلق بالعراق، ويشمل هذا القوات الإيرانية والفصائل المسلحة الأخرى.
إنَّ إلغاء أو تقويض تفويض ٢٠٠٢ يمكن أن يحد من المخاطر الحالية، المتمثلة في إمكانية مواصلة هذا الإجراء من قبل الفرع التنفيذي من دون دعم الكونغرس، لكن هذا لن يؤثر في العمليات العسكرية الحالية الجارية، ولن يقوض قدرة السلطة التنفيذية على الدفاع عن الأفراد الأمريكيين.
التحليل: إنَّ القوة هي إحدى الوسائل والأدوات التيتستخدمها الدولة لتحقيق أهدافها، فمفهوم القوة شامليستند إلى مجموعة من العوامل، ومنها عوامل اقتصاديةوسياسية وعسكرية وبشرية تؤثر بعضها في بعض، وتعدّعاملًا لتحقيق سياسة الدولة في العلاقات الدولية والمجتمعالدولي، وهناك جملة من المظاهر المنظمة لاستخدام سياسةالقوة في العلاقات الدولية، وأهمها: التدخل المباشر كالحربالعسكرية واستخدام القوة بشكل مباشر وغير مباشر، عبرالمؤامرات وحرب العصابات والتحالفات الجماعية وتحالفاتسياسية وعسكرية، كالحلف الأطلسي وتحالفات سياسيةواقتصادية كالاتحاد الأوروبي، ثم هناك التدخلات غيرالمباشرة كالعقوبات الاقتصادية والسياسية أو ما يسمىبأسلوب الحرب غير المعلنة، ومن أبرز الصفات الأساسيةالمميزة لظاهرة استخدام القوة في العلاقات الدولية، هواستخدام القوة الجماعية أي التنظيم الجماعي لظاهرةاستخدام القوة، والتي أخذت تظهر بعد الحرب العالميةالثانية وبخاصة في فترة الحرب الباردة، التي أدت إلىتشكيل المنظمات الجماعية المختلفة بهدف تنظيم ظاهرةالقوة، وإنَّ مجالات تنظيم هذه الظاهرة قد تنوعت، فظهرتبذلك المنظمات العسكرية والسياسية والاقتصادية، كما أنَّهذه القوة أصبحت تشكل دورًا مهمًا في السياسة الدولية،بحيث أصبحت تتجلى بوضوح في التفاعل الحاصل بينالدول، وبذلك كانت مواضيع القوة في العلاقات الدولية منبين المواضيع إثارة للخلاف، حول مدى فعاليات ومقتضياتالقانون الدولي، وأحيانا حول حقيقة وجوده، ذلك أنَّ الهدفمن وراء ذلك هو محاولة الوقوف وتقنين استخدام القوةالعسكرية واللجوء إليها، وذلك عن طريق ضبط مثل هذاالاستعمال. وعليه نجد أنَّ تفويض “AUMF” لعام 2002 وسِّع نطاقه، فبعد دخول نظام المحكمة الجنائية الدولية في مرحلة النفاذ في (1/7/2002)، تقدمت الولايات المتحدة الامريكية بطلب منح الحصانة والاعفاء لمدة عام لقوات حفظ السلام في البلقان، وقد صدر القرار الاول رقم 1422، وما برح إلى اليوم يُعاد تفعيل مضامينه، والمستغرب إنَّ قرارات الاعفاء والحصانة اصبحت لتشمل القوات التي غزت العراق واحتلته، لأنَّ مجلس الأمن صنفها لاحقاً ضمن مسميات قوات السلام الدولية، وكذلك قوات الحلف الأطلسي في أفغانستان.
ومع ذلك ما زال هناك نصوص ونقص يعتري الاتفاقياتوالإعلانات إزاء بعض الموضوعات المتعلقة باستخدام القوة،والمؤدية إلى مجموعة من الاختلافات والانقسامات الحادةفي هذا المجال، ولعلها أسهمت بصورة كبيرة في استخدامالقوة في حالات عديدة وبصورة متعسفة وغير مسوغة، كماأنَّ هذه التفسيرات لاستعمال القوة تحتاج إلى دراسة معمدى انسجامها مع القانون الدولي قصد الإلمام باستخدامالقوة في العلاقات الدولية، ومعرفة حدود هذا الاستعمال بكلأشكاله وتناقضاته، حتى يتسنى لنا الوصول إلى حقيقة بأنالعلاقات الدولية هي علاقة أو علاقات بين الأعداء لا يحكمهاإلا منطق القوة، وأن السلام بمفهومه الأخلاقي ليس من عالمالعلاقات الدولية، كما أنَّ الاعتماد على القوة العسكرية دونغيرها، لن يجعل العالم إمبراطورية واحدة، كما أنَّ المفاهيموالنظريات نجدها توصي بالإعداد وامتلاك القوة، لأنهاضرورة لإحقاق الحق وإزالة العوائق، وجميع حروب الهيمنةوالحروب التوسعية ثم الحروب غير العادلة، هي حروباستعمارية عدوانية وغير مشروعة وغير عادلة، ذلك أن الحربوالمجابهة من صميم العلاقات الدولية، لذلك يقتضي الأمرامتلاك القوة واستعمالها لرد العدوان. وبهذا فإنه لا يجوزلأطراف المجتمع الدولي استخدام السلطان، والاستعمالغير القانوني للقوة العسكرية في العلاقات الدولية، مما يضعالسلام والأمن الدوليين في خطر حقيقي ،ولاسيما إنَّ هناكمن يقف فوق القانون وفوق البشرية، وينتهكون حقوقالإنسان ويتصرفون على هذا الأساس، وذلك من أجل فرضالهيمنة والتحكم في السياسة الدولية