الكاتبة: رویا سليمي.
المترجم: أ.م خالد حفظي التميمي.
الناشر: مركز الأبحاث العلمية والدراسات الاستراتيجية في الشرق الأوسط.
https://www.cmess.ir/Page/View/2022-12-31/5204
الاستراتيجية التي تنتهجها الصين لإدارة وضعها الحالي، في علاقتها الاستراتيجية مع أمريكا ودول المنطقة، هي استراتيجية عرفت بـ(الحصانة). نظرًا لأنَّ القضايا الأمنية تشكل أساس هذه الاستراتيجية، والغرض منها هو تنويع السلوكيات الاستراتيجية للدول التي تتعرض إلى التهديدات الأمنية، وتوفير الأمن النسبي في الهيكل الفوضوي للعلاقات الدولية، فإنَّ الدول تستخدمها عادة من أجل خلق توازن، وتوفير منصات التعاون والتفاعل، لابتكار طرق لإدارة المنافسة الأمنية، فضلا عن الاستجابة غير المباشرة للتهديدات ذات الكلف المنخفضة.
لذلك، توفر هذه الاستراتيجية قدرات موثوقة للدولة المدافعة في شكل ردع، مما يخفف من المخاوف الأمنية، ومن ناحية أخرى يحاول خلق التفاعل والتعاون مع القوة المهددة، من أجل منعها من المنافسة الجيوسياسية.
ومن أجل تعظيم الفوائد, فإنَّ عدم الأمان أو لغز الأمان في البيئة الخارجية، وكذلك في التوزيع النسبي للسلطة, قد أخذ شكلًا من أشكال المتطلبات الأساسية لهذه الاستراتيجية، إذ تتأثر الشروط الرئيسة لتشكيلها، بالبنية والوضع الفوضوي والمنافسة في المجالات الجيوسياسية وقضايا مثل هذه, لذلك فإنَّ الدولة الحامية (التي تحصن نفسها)، والتي تتبنى هذه الاستراتيجية والنمط السلوكي، في بيئة سلمية نسبيًا، ولكنها مصحوبة بالتهديدات، تستخدم جميع أساليب التفاعل، وفي الوقت نفسه لإدارة مصدر التهديدات (تقليل التهديدات على المدى الطويل)، وزيادة المصالح والقوة والتأثير. ومع ذلك يمكن تفسير العلاقات الحالية بين الصين والولايات المتحدة، وطريقة اتخاذ هذين البلدين للقرارات يشكل مثل هذه الاستراتيجية.
خلال السنوات الماضية، كانت الصين تحاول تحسين وضعها استراتيجيًا واقتصاديًا، وجعل التفوق الإقليمي والعالمي أحد أهدافها. في هذا الصدد لطالما كانت استراتيجية الصين استراتيجية محسوبة، فيما يتعلق بجيرانها وحتى الدول خارج العالم، بحيث اتبعت هذه الدولة استراتيجية ذات مستويين، للحفاظ على مصالحها، وهي: استراتيجية تأتي في المقام الأول في شكل المنافسة مع أمريكا، وثانياً في إرضاء الدول المجاورة لها وشركائها, إنَّه يعني تبني نهج يكون جوهره مطمئنًا. لذلك، من أجل التفوق في موقع قوة عالمية، كانت الصين تبحث في المقام الأول عن طريقة بغية تحقيق الاستقرار في موقعها، من وجهة نظر جيوسياسية وجغرافية اقتصادية، ولتعزيز مجال نفوذها التكنولوجي السياسي، كأداة للتوازن مع الولايات المتحدة، ومن أجل توزيع القوة في مستوى النظام الدولي، يجب أن تستخدم بما يتماشى مع مصالحها ونموها, وهذا ما يقود السياسة الخارجية لهذا البلد اليوم في هذا الاتجاه.
لذلك، في السنوات الأخيرة، يعد استمرار النمو الاقتصادي للصين، أحد العناصر الرئيسة لتعزيز مصالحها، لأنَّ هدف هذه الدولة هو خلق تآزر اقتصادي بنمط يكون مكسبًا للجميع، فيما يتعلق بالعالم الخارجي. وبالتوازي مع هذا الظهور، والزيادة في القوة الاقتصادية والمكانة الخاصة لهذا البلد، كانت هناك مخاوف على المستوى الدولي من البلدان الشريكة والجيران، وكذلك القوة خارج الإقليمية للولايات المتحدة، مما أدى إلى إنشاء توازن استراتيجي من جانب الصين، وزيادة في اللغز الأمني. أصبحت الولايات المتحدة والدول المجاورة، تعي أنَّ الصين تسعى إلى زيادة قوتها النسبية، وبالوقت نفسه ترى بكين أنَّ استراتيجية تحول أمريكا نحو آسيا والمحيط الهندي والمحيط الهادئ، ونهج التعاون في شكله، ما هو إلا تقييدها كإجراء لتطويق قوتها.
على الرغم من أنَّ نافذة الاقتصاد السياسي كانت سهلة لفترة طويلة، إلا أنَّنا نرى اليوم عمليًا، أنَّ إدارة الصين قد اوجدت تحديًا متعدد الأوجه لأمريكا، في كل من القضايا الاقتصادية والاستراتيجية. وبالنظر لأنَّ الصين لا يمكن أن تعد طرفًا غير فعّال, في الوقت نفسه لا يمكن عدّ إدارتها سهلة، في وقت يتجه فيه محور استراتيجيات الولايات المتحدة نحو آسيا، وبهذا الإجراء تريد أمريكا عن طريقه مواجهة نفوذ الصين المتنامي.
لقد حافظت الصين على علاقتها مع الولايات المتحدة، عن طريق الاستفادة من استراتيجية الدفاع، وخفَّضت التهديدات الحالية الموجهة إليها من هذا البلد إلى الحد الأدنى، وحاولت استخدام هذا النفوذ والتوازن الناعم، لتحسين أمنها في النظام الدولي، عن طريق علاقة مباشرة مع الولايات المتحدة في شكلها المعروف بأحادية القطب.
