الكاتب: Ziad Daoud، Galit Altstein،Bhargavi Sakthivel.
الناشر: وكالة بلومبرغ.
ترجمة وتحليل: م.د. عبير مرتضى حميد السعدي
جامعة كربلاء/ مركز الدراسات الاستراتيجية
رابط المقال الأصلي: https://www.bloomberg.com/news/features/2023-10-12/israel-hamas-war-impact-could-tip-global-economy-into-recession#xj4y7vzkg
مثل كل الحروب في الشرق الأوسط التي وقعت في الماضي، يمكن أن يكون الصراع بين إسرائيل وحماس الذي اندلع الأسبوع الماضي قادرًا على إلحاق أضرار بالاقتصاد العالمي، وهذا هو الخطر الحقيقي، حيث يستعد الجيش الإسرائيلي لغزو غزة ردًا على هجوم تشنه الجماعة المسلحة، ومع تزايد عدد القتلى من هجوم حماس والغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة على غزة الذي يصل إلى الآلاف، هناك مخاوف من أن الميليشيات في لبنان وسوريا التي تدعم حماس سوف تنضم إلى القتال، لذا أي تصعيد قد يدفع إسرائيل إلى صراع مباشر مع إيران، التي تزود حماس بالسلاح والمال، والتي صنفتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنَّها جماعة إرهابية.
لذا في هذا السيناريو، تشير تقديرات بلومبرغ الاقتصادية إلى أنَّ أسعار النفط قد ترتفع إلى (150) دولارًا للبرميل، وينخفض النمو العالمي إلى (1.7%)، وهو الركود الذي يقتطع حوالي تريليون دولار من الناتج العالمي. بالطبع، لا تزال الأولوية الكبرى تتعلق بالمأساة الإنسانية التي حدثت في الأسبوع الماضي، ومعظم الضحايا في هذا النزاع كانوا من المدنيين، مع احتجاز عدد كبير من الإسرائيليين كرهائن في غزة، كما أنَّ القذائف والهجمات البرية المتوقعة تهدد حياة الفلسطينيين في القطاع، ولا يوجد لديهم وسيلة للهروب. ويمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى مزيد من التصاعد العسكري، وهو ما يمكن أن ينتج عنه تأثيرات ثانوية سلبية تؤثر في الاقتصاد العالمي والاستقرار السياسي.
إنَّ الصراع في الشرق الأوسط قد يرسل هزات ارتدادية للعالم، كونه يمتلك أهمية استراتيجية كبيرة بسبب موارده الطاقوية، ودوره كممر للشحن البحري الرئيس. ويُعتبر الصراع العربي الإسرائيلي في عام 1973 مثالًا واضحًا على كيفية تأثير الأحداث في المنطقة في الاقتصاد العالمي، إذ أدى إلى حظر صادرات النفط وتدهور اقتصادي طويل الأمد في الدول الصناعية. لذا تجدر الاشارة إلى أنَّ الاقتصاد العالمي في وضع ضعيف حاليًا، وما زال يعاني من تداعيات التضخم الذي ازداد بسبب النزاع في أوكرانيا العام الماضي، وإنَّ نشوب حرب جديدة في المنطقة سيكون تأثيرها كبيرًا في إمدادات الطاقة، مما يعني زيادة في حدة التضخم، وهذه التأثيرات قد تمتد إلى مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية، بدءًا من الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة، والتأثير في أسعار البنزين التي تؤدي دورًا مهمًا في آراء الناخبين.
جميع هذه السيناريوهات تعتمد على تطورات الصراع في الأسابيع والأشهر القادمة، وتحمل معها تأثيرات جدية في النمو العالمي والتضخم.
صراع محصور أم حرب إقليمية؟
هناك ثلاثة سيناريوهات لكيفية تطور الصراع بين إسرائيل وحماس:
في الحالة الأولى، تظل الأعمال العدائية محصورة إلى حد كبير في غزة وإسرائيل. وفي الحالة الثانية، يمتد الصراع إلى الدول المجاورة مثل لبنان وسوريا التي لديها ميليشيات قوية تدعمها طهران – مما يحوله بشكل أساسي إلى حرب بالوكالة بين إسرائيل وإيران. والثالث ينطوي على التصعيد إلى تبادل عسكري مباشر بين العدوين الإقليميين.
في كل هذه الحالات، كان الاتجاه الاقتصادي هو نفسه ارتفاع أسعار النفط، وارتفاع معدلات التضخم، وتباطؤ النمو – ولكن بأحجام مختلفة، وكلما اتسع نطاق الصراع، أصبح تأثيره عالميًا وليس إقليميًا.
الأثر الاقتصادي للحرب:
النمو العالمي وتأثير التضخم لثلاثة سيناريوهات لكيفية تطور الصراع بين إسرائيل وحماس
سيناريو تفاصيل تأثر أسعار النفط ومؤشر VIX تأثر الناتج المحلي الإجمالي والتضخم العالمي
حرب محصورة -الغزو البري لغزة
– صراع إقليمي محدود وأوسع
– انخفاض إنتاج الخام الإيراني النفط: +4 دولار للبرميل
VIX: لا يوجد أي تأثير الناتج المحلي الإجمالي: -0.1 نقطة.
التضخم: +0.1 نقطة مئوية.
حرب الوكالة -حرب متعددة الجبهات في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا
– الاضطرابات في الشرق الأوسط الأوسع النفط: +8 دولار للبرميل
VIX: +8 نقاط الناتج المحلي الإجمالي: -0.3 نقطة.
التضخم: +0.2 نقطة مئوية.
حرب مباشرة – إسرائيل وإيران في صراع مباشر
– الاضطرابات في الشرق الأوسط الأوسع النفط: 64+ دولار للبرميل
VIX: 16+ نقاط الناتج المحلي الإجمالي: -0.1 نقطة.
التضخم: +1.2 نقطة مئوية.
وبطبيعة الحال، فإن النطاق الفعلي للمخاطر والاحتمالات أوسع وأكثر تعقيدا مما تستطيع هذه السيناريوهات التقاطه. وحتى السلاسل الاقتصادية الضيقة القائمة على السبب والنتيجة، ثبت أنه من الصعب التنبؤ بها وسط التقلبات التي شهدتها السنوات الأخيرة – كما أصبح التنبؤ بالحروب أصعب بكثير. ومع ذلك، فإنَّ السيناريوهات التي نرسمها هنا يجب أن تساعد على الأقل في صياغة التفكير بشأن المسارات المحتملة المقبلة.
في السيناريو الأول، يقتصر الصراع على غزة. وفي عام 2014، كان اختطاف ثلاثة إسرائيليين وقتلهم على يد حماس هو الدافع وراء الغزو البري لغزة الذي خلف أكثر من (2000) قتيل. ولم ينتشر القتال خارج الأراضي الفلسطينية، وكان تأثيره في أسعار النفط – والاقتصاد العالمي – ضعيفا.
وعلى الرغم من أنَّ عدد القتلى في الأسبوع الماضي أعلى بالفعل، إلا أن أحد المسارات المحتملة للصراع الحالي قد يكون في الأساس إعادة تلك القصة المأساوية – إلى جانب فرض عقوبات أميركية أكثر صرامة على النفط الإيراني. وقد زادت طهران إنتاجها النفطي بما يصل إلى (700) ألف برميل يوميا هذا العام، حيث يشير تبادل الأسرى وتجميد الأصول إلى ذوبان الجليد في العلاقات مع الولايات المتحدة. إذا اختفت تلك البراميل تحت الضغط الأمريكي، تقدر وكالة بلومبرغ الاقتصادية زيادة تتراوح بين (3 إلى 4) دولارات في أسعار النفط. سيكون التأثير في الاقتصاد العالمي في ظل هذا السيناريو ضئيلًا، لاسيما إذا قامت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بتعويض البراميل الإيرانية المفقودة باستخدام طاقتهما الاحتياطية.
ما الذي يحرك أسعار النفط؟
مساهمة صدمات العرض والطلب في التغير في أسعار النفط
وفي مقابلة في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي في المغرب، قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين: إنَّها لا ترى علامات على “تأثيرات اقتصادية كبيرة” في هذه المرحلة” وكما “من المهم للغاية ألا ينتشر الصراع”.
السيناريو 2: الحرب بالوكالة:
في حرب الوكالة، ماذا لو انتشر الصراع بين حزب الله (وهو حزب سياسي وميليشيا تدعمها إيران ويعدّ لاعبًا قويًا في لبنان) وإسرائيل على الحدود وهذا ما حدث، حيث أشار الحزب إلى ضربه موقعًا للجيش الإسرائيلي بصواريخ موجهة. وإذا امتد الصراع إلى لبنان وسوريا، حيث تدعم إيران أيضًا الجماعات المسلحة، فسوف يتحول فعليًا إلى حرب بالوكالة بين إيران وإسرائيل – وسوف ترتفع التكلفة الاقتصادية.
ويقول يائير جولان، نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق: “إنَّ إيران وحزب الله يراقبان ويقيمان الوضع” و “إذا انضم حزب الله إلى الحملة، فإنَّ التوقيت قد يكون بعد بدء عملية البر في غزة”.
ومن شأن هذا التصعيد أن يزيد من احتمال نشوب صراع مباشر بين إسرائيل وإيران، مما سيؤدي على الأرجح إلى ارتفاع أسعار النفط. ففي الحرب الدموية القصيرة بين إسرائيل وحزب الله عام 2006، قفز سعر النفط الخام بمقدار (5) دولارات للبرميل. لذا من المتوقع أن يرتفع إلى (94) دولار أي ارتفاع الأسعار بنسبة (10%). ويمكن أن يتصاعد التوتر بشكل أوسع ليشمل مصر ولبنان وتونس الغارقات في الركود الاقتصادي والسياسي. وقد أثار رد إسرائيل على هجوم حماس بالفعل احتجاجات في عدد من دول المنطقة. ففي الشارع العربي، المسافة بين المسيرات المناهضة لإسرائيل والاضطرابات المناهضة للحكومة قصير، وإنَّ مشهد الربيع العربي غير مستبعد وقد يتكرر في ظل موجات الاحتجاجات والتمرد والتي أطاحت بالحكومات في أوائل عام 2010.
لذا فإنَّ تأثر الاقتصاد العالمي في هذا السيناريو من صدمتين: قفزة في أسعار النفط بنسبة (10%)، وتحرك الأسواق المالية للعزوف عن المخاطرة تماشياً مع ما حدث خلال الربيع العربي .نحن نلتقط الحركة الأخيرة بزيادة ثماني نقاط في مؤشر VIX، وهو مقياس يستخدم على نطاق واسع للنفور من المخاطرة. فهي تضيف ما يصل إلى (0.3) نقطة مئوية على النمو العالمي في العام المقبل ــ نحو (300) مليار دولار من الناتج المفقود ــ وهو ما من شأنه أن يبطئ وتيرة النمو إلى (2.4%.) وباستثناء أزمة كوفيد 2020 والركود العالمي في عام 2009، سيكون هذا أضعف نمو منذ ثلاثة عقود. كما أنَّ ارتفاع أسعار النفط من شأنه أن يضيف نحو (0.2) نقطة مئوية إلى التضخم العالمي، مما يبقيه بالقرب من (6%)، ويواصل الضغط على محافظي البنوك المركزية لإبقاء السياسة النقدية متشددة، حتى في ظل النمو المخيب للآمال.
الصراع في الشرق الأوسط قد يعيق النمو العالمي:
نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي في ثلاثة سيناريوهات للصراع بين إسرائيل وحماس
السيناريو الثالث: الحرب بين إيران وإسرائيل:
إنَّ الصراع المباشر بين إيران وإسرائيل هو سيناريو منخفض الاحتمال، ولكنه خطير، ويمكن أن يكون سببًا لركود عالمي. ومن شأن ارتفاع أسعار النفط وانخفاض الأصول الخطرة، أن يوجها ضربة قوية للنمو، وأن يدفعا التضخم إلى الارتفاع.
يقول حسن الحسن، زميل باحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: “لا أحد في المنطقة، ولا حتى إيران، يريد أن يرى الصراع بين حماس وإسرائيل يتصاعد إلى حرب إقليمية شاملة”. هذا لا يعني أن ذلك لن يحدث، لاسيما مع ارتفاع المشاعر. يقول الحسن: “إنَّ احتمال سوء التقدير كبير”.
ولطالما عدّت إسرائيل طموحات إيران النووية بمنزلة تهديد لوجودها، كما أدت تحركات طهران لبناء تحالف عسكري مع روسيا، واستعادة العلاقات الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية، وإقامة علاقات سلسة مع الولايات المتحدة، إلى زيادة القلق. لذا أرسلت إسرائيل والولايات المتحدة رسائل متضاربة حول تورط إيران في هجوم حماس. قال وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر في 9 أكتوبر/تشرين الأول: “هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أنَّهم ربما كانوا على علم بذلك”. ويقول المسؤولون الأمريكيون: إنَّ لديهم أدلة على أنَّ القادة الإيرانيين فوجئوا، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في 11 أكتوبر/تشرين الأول، على الرغم من أنهم وصفوا إيران بأنها متواطئة بالمعنى الأوسع، لأنَّها تمول وتسلح حماس.
وقال الحسن: إنَّه في حالة المواجهة بين إسرائيل وإيران، “من المرجح أن تسعى طهران إلى تفعيل شبكتها الكاملة من الوكلاء والشركاء في سوريا والعراق واليمن والبحرين”. “سيكون لديها قائمة طويلة من الأهداف الغربية الصعبة والسهلة في المنطقة للاختيار من بينها”.
وفي هذا السيناريو، فإنَّ تزايد التوترات بين القوى العظمى من شأنه أن يزيد من المزيج المتقلب. والولايات المتحدة حليف وثيق لإسرائيل، في حين تعمل الصين وروسيا على تعميق العلاقات مع إيران. ويقول المسؤولون الغربيون: إنَّهم يشعرون بالقلق من أنَّ الصين وروسيا سوف تستغلان الصراع لتحويل الانتباه والموارد العسكرية عن أجزاء أخرى من العالم.
ومع وصول حوالي خمس إمدادات النفط العالمية من منطقة الخليج، فإن الأسعار سترتفع بشكل كبير. إنَّ تكرار الهجوم على منشآت أرامكو من قبل المسلحين الموالين لإيران في عام 2019، والذي أدى إلى انقطاع ما يقرب من نصف إمدادات نفط السعودية، ليس أمرًا مستبعدًا. وقد لا يتضاعف سعر النفط الخام أربع مرات، كما حدث في عام 1973 عندما فرضت الدول العربية حظراً على النفط رداً على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حرب ذلك العام. ولكن إذا أطلقت إسرائيل وإيران الصواريخ على بعضهما البعض، فقد ترتفع أسعار النفط بما يتماشى مع ما حدث بعد غزو العراق للكويت عام 1990. ومع نقطة بداية أعلى بكثير اليوم، فإن ارتفاعاً بهذا الحجم قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط إلى (150) دولاراً للبرميل.
وقد لا تنقذ الطاقة الإنتاجية الفائضة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الوضع، إذا قررت إيران إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره خمس إمدادات النفط العالمية اليومية. سيكون هناك أيضًا تحول أكثر تطرفًا في العزوف عن المخاطرة في الأسواق المالية، وربما يمكن مقارنته بارتفاع (16) نقطة في مؤشر VIX في عام 1990.
الحرب قد تدفع التضخم العالمي إلى الارتفاع:
التضخم العالمي في ثلاثة سيناريوهات للصراع بين إسرائيل وحماس
وبإضافة هذه الأرقام، تتوقع وكالة بلومبرغ الاقتصادية انخفاضًا بمقدار نقطة مئوية واحدة في النمو العالمي، مما يؤدي إلى انخفاض التضخم إلى (1.7%) عام 2024 ، وفي الحقيقة من صعوبة تحديد مدى الركود الذي قد يصيب الاقتصاد العالمي، مع التوسع السريع لاقتصادات مثل الصين، يعني أن الانكماشات الصريحة نادرة. لكن (1.7%) سوف يستوفي المعايير. ومرة أخرى، مع استبعاد صدمات كوفيد والأزمة المالية العالمية، سيكون هذا أيضًا أسوأ نمو منذ عام 1982 – وهي الفترة التي رفع فيها بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، لاحتواء التضخم الناتج عن الصدمة النفطية في السبعينات، وإنَّ صدمة نفطية بهذا الحجم من شأنها أن تعرقل الجهود العالمية لكبح جماح الأسعار، مما يترك معدل التضخم العالمي عند (6.7%) في العام المقبل. وفي الولايات المتحدة، سيظل هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ (2%) بعيد المنال، حيث سيشكل البنزين باهظ الثمن عقبة أمام حملة إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن.
طريق أكثر قتامة:
إنَّ ارتفاع عدد القتلى في إسرائيل يزيد من احتمالية حدوث انتقام دموي وحرب إقليمية. ومع ذلك، فإنَّ ميزان الاحتمالات لا يزال يميل نحو احتواء الصراع، مع تكلفة باهظة في المعاناة الإنسانية ولكن تأثيره الاقتصادي والسوقي محدود. والشيء الوحيد المؤكد هو أن الآمال في شرق أوسط أكثر استقرارا أصبحت في حالة يرثى لها. وفي السنوات الأخيرة، أدى التقارب بين المملكة العربية السعودية وإيران، ومعاهدات السلام بين إسرائيل والعديد من الدول العربية ــ مع احتمال أن يحذو السعوديون حذوها قريبا ــ إلى زيادة التوقعات بأن المنطقة قد تشهد نهاية لعقود من الصراع. وبدلا من ذلك، فإنها تواجه حريقا جديدا. ويظهر غزو روسيا لأوكرانيا، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتوترات المتزايدة بشأن تايوان، أن الجغرافيا السياسية عادت كمحرك للنتائج الاقتصادية والسوقية. وفي الشرق الأوسط، لم تختف أبدًا.
التحليل:
تاريخيًا، أظهرت الحروب في المنطقة تأثيراتها الواضحة في الاقتصاد العالمي. فمثلًا، خلال حرب أكتوبر عام 1973، تم فرض حظر على صادرات النفط، مما أدى إلى تدهور اقتصادي طويل الأمد. وبالنظر إلى التضخم الذي شهدناه بسبب النزاع في أوكرانيا العام الماضي، فإنَّ اندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط قد يؤدي إلى انخفاض معدلات النمو، وزيادة حدة التضخم، وتأثيرات سلبية على إمدادات الطاقة. فقد حذّر رئيس البنك الدولي أجاي بانغا من أنَّ الحرب بين الجانبين، يمكن أن تشكل خطرًا كبيرًا على الاقتصاد العالمي، ووصف الوضع الحالي بأنه “منعطف خطير جدًا”.
تتوقع تقارير البنك الدولي أن يتباطأ النمو الاقتصادي العالمي بشكل حاد في العام المقبل، نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة وتداعيات الأزمات الجيوسياسية المستمرة. ومع ذلك، فإنَّ البنك رفع توقعاته للنمو العالمي لعام 2023، بفضل تحسن الأداء الاقتصادي في الولايات المتحدة وبعض الاقتصادات الكبرى الأخرى. مع ذلك، يجب أن نلاحظ أن الاقتصاد العالمي معرض للتباطؤ والتقلبات، في ظل الصراعات الجيوسياسية والأزمات الإقليمية. لذا، ينبغي أن نكون حذرين ونتابع عن كثب تطورات الأحداث وتأثيراتها في الاقتصاد العالمي، فقد تكون تحركات أسعار السلع الأساسية مؤشرًا مهمًا للتغيرات المحتملة في الاقتصادات والتضخم، وقد تؤدي إلى نقاط تحول مهمة في المشهد الاقتصادي العالمي.