م.م رؤى عبد الجواد لفته
جامعة كربلاء/كلية علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات
تشرين الأول/2023
تعدُّ اللُّغةُ العربيةُ واحدةً من أعظمِ اللُّغاتِ في العَالمِ، فهي لُغةٌ تاريخيةٌ غنيّةٌ بالثّقافةِ والأدبِ. تمتازُ بألفاظٍ قويّةٍ وجزلةٍ تجعلُها تنطقُ بعمقٍ مشهورٍ، وعلى الرغمِ مِنْ تَعدُّدِ لغاتِ العَالمِ، فإنَّ اللُّغةَ الْعربيةَ تحتفظُ بمكانةٍ خاصةٍ ومهمةٍ إذا ما قُورنت مع اللغاتِ الأُخر.
وحِينما قالَ ابنُ جنّي صاحبُ كتابِ الخصائصِ عن اللُّغةِ العربيةِ :”اللُّغةُ لها قوانينُ كما للعلومِ، وهذهِ قوانينُ ينبغي على المتكلمِ والكاتبِ أنْ يعرفَهَا لكي يُتقنَ استخدامَ اللُّغةِ بِشكلٍ صحيحٍ” .كانِ يُشيرُ بهَذا إلى أهميّةِ فهمِ القواعدِ اللُّغويةِ؛ النّحويةِ والصّرفيةِ والإملائيةِ؛ كي يتمَّ استعمالُها بالصّورةِ الأمثلِ في الكتابةِ والتعبيرِ بوضوحٍ ودقةٍ.
وأحدُ أهمِّ الْجوانبِ الّتي تجعلُ اللغةَ العربيةَ مميزةً؛ هو تأصيلُهَا العريقُ في الثّقافةِ والتاريخِ، وإذا نَظرنا إلى التّاريخِ العربيِّ، سنجدُ أنَّ اللُّغةَ الْعربيةَ كانتْ وَمِا تزالُ وسيلةَ اتّصالٍ حضاريّةٍ للعديدِ مِنِ الشّعوبِ. فهيَ حجزتْ لِنفسِها مكانةً مرموقةً فِي الدّياناتِ السّاميةِ الكُبرى مثلَ الإسلامِ والمسيحيةِ؛ ولذلك يُعدُّ تَعلُّمُها أساسيًا لفهمِ هذهِ الأديانِ، والتّفاهمِ معَ ملايين الأشخاصِ حولَ العَالمِ.
واجهتِ اللُّغةُ الْعربيةُ تحدياتٍ كبيرةً في العصورِ الحديثةِ معَ انتشارِ اللُّغاتِ الأُخر والتّأثيرِ الثقافيِّ الغربيِّ، ومع ذلك، ما تزالُ لُغتُنَا حيّةً وَمزدهرةً، فضلاً عن كونِهَا تلعبُ دورًا حيويًا في الإعلامِ والأدبِ والسّياسةِ، وَكيفَ لا وهي لُغةُ الشُّعراءِ والكُتّابِ، إذ إنهم يوظّفون ألفاظَهَا الْجزلةَ للتّعبيرِ عَن مَشاعرِهم وأفكارِهم بشكلٍ مُبدعٍ، فمنْ طريقِها، نجد تعبيرًا لأعمقِ الأفكارِ وأعظمِ الأحاسيس.
لا يُمكنُنَا أن نَنسى دورَ اللُّغةِ الْعربيّةِ في العلومِ والفلسفةِ، فإذا تناولْنَا مراحلَ تاريخِ العربِ في العلومِ، سنجدُ العديدَ من العلماءِ والفلاسفةِ الذينَ قدّموا إسهاماتٍ كبيرةً للإنسانيةِ باستخدام اللُّغةِ العربيةِّ. وهذا يُظهر لَنا أهميّةَ اللُّغةِ العربيةِ في نقلِ المعرفةِ وتطويرِها.
إنَّ اللُّغةَ العربيةَ تجمعُ بينَ الأصالةِ والحَداثةِ، وهذا ما يجعلُها لغةً فريدةً وقويةً. ويَجِبُ على الأجيالِ الجديدةِ الاهتمام باللُّغةِ العربيةِ والسعي للمُحافظةِ على هذا الكنزِ الثّقافيِّ، فإذا ما اسْتطعْنا الاستثمارَ فيها وتطويرَهَا؛ سنستمرُّ في الإفادةِ من ألفاظِها الجزلةِ والمفرداتِ الغنيّةِ للتّعبيرِ عن أفكارِنا وثقافتِنا.
في النّهايةِ، تظلُّ اللُّغةُ العربيةُ لغةَ الإبداعِ والتأصيلِ، ويجب أنْ نقدرّها ونحترمَها بوصفِها جزءًا لا يتجزأُ من تاريخِنَا وثقافتِنَا، فهيَ لُغةٌ تَستحقُ أنْ نحافظَ عليها ونعززَها لِضمانِ استمراريةِ إرثِها الثقافيِّ واللُّغويِّ.
اللغة العربية أصالة وتجدد
التعليقات على اللغة العربية أصالة وتجدد مغلقة