أ.م. علي مراد النصراوي/ قسم إدارة الأزمات.
تشرين الثاني/2023.
مَثَّل يوم 7 / أكتوبر صدمة كبيرة للاحتلال الاسرائيلي، ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية، وحتى للكثير من الدول حول العالم، ولاسيما الحكومات العربية التي طبَّعت مع إسرائيل، والتي كان أحد أهدافها الحصول على الحماية والدفع بمزيد من الاستقرار، وهو ما لم يتحقق لإسرائيل نفسها مع الفارق الشاسع في ميزان القوى، إذ إنَّ فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس، تمكنت من تطوير قدراتها العسكرية في ظل حصار مطبق من كل الجهات، عكس جيش الاحتلال الاسرائيلي المدعوم عالمياً لاسيما من الولايات المتحدة الأمريكية، ويحظى بغطاء دولي، ويجهز نفسه بأحدث المعدات، وعلى رأسها القبة الحديدية، والجدار العازل والتجسس والاغتيالات على مدة سنوات طوال، فالصدمة هنا كانت كيف جرى تهديم كل ذلك مع توغل فصائل المقاومة لمدن غلاف غزة، والسيطرة على أكثر من (21) موقعًا عسكريًا، وقتل المئات من جنود الاحتلال وأسرهم. والسؤال الذي لايزال يشغل الجبهة الداخلية الإسرائيلية، كيف جرى تجهيز كل ذلك؟ ومتى؟
والسؤال المذكور آنفًا بدأ يتصاعد مع العملية البرية، والصعوبات التي واجهتها القوات المتقدمة، وتكبد الاحتلال خسائر كبيرة في جنوده ومعداته، في ظل غارات جوية مكثفة، وإسناد مدفعي من البر والبحر، مع كل ذلك لاتزال المقاومة صامدة وتواجه ذلك التقدم، إلا إنَّ الخسائر المدنية لاسيما بين الأطفال والنساء وصل للآلاف، وسط صمت المجتمع الدولي عن جرائم الاحتلال الاسرائيلي، وهذا الكيل بمكيالين ما بين غزة المحاصرة وأوكرانيا، ومن يراجع ردود الفعل الدولية ما بين الاثنين، سيعرف حجم الازدواجية الدولية، والنظر بعين واحدة وعامل المصلحة على حساب الأبرياء. ومع بدأ العملية البرية، كشفت الفصائل عن سلاحها المضاد للدروع قذيفة الياسين 105، فضلا عن صواريخ الكورنيت والعبوات وغيرها، مع اعتراف الجيش الاسرائيلي بصعوبة المعارك هناك، وبأنَّ الحرب طويلة وأنَّها تحقق أهدافها، في ظل كل ذلك فإنَّ أصداء الحرب وتداعياتها قد امتدت فعلاً للإقليم، إذ إنَّ الحوثيين في اليمن قد أعلنوا رسميًا عن انخراطهم في المواجهة، بعد تبنيهم هجمات عدة انطلقت من اليمن وعبر البحر الاحمر بصواريخ مجنحة وطائرات مسيرة، استهدفت مناطق ايلات والنقب وغيرهما، الأمر الذي أدى لتشغيل منظومة باتريوت والتصدي لها، وأدت بإسرائيل والولايات المتحدة إلى زيادة الوجود البحري العسكري والتصدي لهجمات الحوثيين.
إلى جانب ذلك، تعرضت القواعد الأمريكية في كل من سوريا والعراق، إلى أكثر من عشرين هجوم تبنته المقاومة العراقية، وهو عامل جديد يضاف إلى تأثر دول الاقليم بالحرب الدائرة، وجزء من الضغط على الولايات المتحدة لحثها على ايقاف دعمها المباشر في دعم إسرائيل، كما أنَّ القواعد الأمريكية في دول المنطقة والمصالح الأخرى، قد تكون هدفًا مشروعًا لتلك الفصائل، أمّا إيران فبالرغم من دعمها للكثير من الفصائل في المنطقة، إلا إنَّها لا تسعى إلى الدخول في تلك الحرب بصورة مباشرة، وهو ما لا تريده أمريكا ولا حتى إسرائيل، أمّا جبهة جنوب لبنان وشمال اسرائيل، فهي بالرغم من كونها لاتزال ضمن المواقع الحدودية، في ظل قواعد الاشتباك وتبادل اطلاق نار متوازن، إلا إنّها بدأت تشهد تصاعدًا وتطورًا ملحوظًا، وهو ما ينذر بدخول لبنان الحرب فعلاً إذا ما تغيرت المعطيات، وهو ما نوّه عليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير، وهو ما لا ترغب به الدول الاوربية والعربية وحتى الولايات المتحدة، إلا إنَّ كل المؤشرات تشير إلى امكانية أن تشهد المنطقة توسعًا في دائرة الصراع، ودخول جبهة سوريا من جهة الجولان، إذا ما استمرت العملية البرية فموازين القوى، ولاسيما إنَّ إيران لا تسمح بإعادة سيطرة إسرائيل على غزة.