م.م مصطفى محمود
مركز الدراسات الإستراتجية / قسم إدارة الأزمات
كانون الثاني 2024
ان البحر الأحمر أقصر طريق ملاحي يربط قارة أسيا بأوربا لذا يعد ممر مائي بالغ الأهمية لحركة التجارة العالمية ولشحنات النفط والغاز, وتشهد الفترة الحالية وماسبقها, توترات وتصعيدات عسكرية في منطقة البحر الأحمر تتمثل بهجوم الحوثيين بطائرات مسيرة على السفن التي تمر في البحر الأحمر , ممامثل تهديداً للتحالفات الإستراتجية والمصالح الجيواقتصادية لمختلف دول العالم بشكل عام ولبكين بوجه الخصوص , على الرغم من ان الهجمات التي شنها الحوثيين لم تكن موجهه ضد السفن الصينية بل وجهت نحو السفن التي لها إرتباط سياسي أو إقتصادي مع إسرائيل كنوع من الإحتجاج والمقاومة بسبب حرب الأخيرة على دولة فلسطين وقطاع غزة , إلا أن هناك العديد من السفن قد تضررت جراء هذا التصعيد العسكري وهي لاتمت بصلة بالحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس , الأمر الذي أدى بدوره الى إعادة توجيه المسار الملاحي لحاويات الشحن العالمية الى طريق رأس الرجاء الصالح وهو الأكثر طولاً والأكثر كلفة.
في حين أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأيام الماضية عن تأسيس تحالف عسكري بحري متعدد الجنسيات تحت إسم ( حارس الإزدهار) يكون الهدف منهُ التصدي لأي هجوم عسكري يستهدف طرق الملاحة البحرية الدولية , ونفذت واشنطن ولندن منتصف كانون الثاني الجاري عشرات الضربات العسكرية على مواقع الحوثيين في اليمن مشيرةً الى ان الهدف من هذه الضربات هو للحد من قدرة الحوثي على إطلاق الطائرات المسيرة ضد السفن التجارية في البحر الأحمر.
وفي خضم هذا التصعيد , علقت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ( ماو نينغ) بقولها
…} ان الصين تشعر بقلق بالغ آزاء تصاعد التوترات في البحر الأحمر , وإن هذا الطريث مهم للتجارة الدولية وعلى جميع الأطراف الالتزام بضمان أمن الممرات المائية الدولية ولذلك تحث الصين الأطراف المعنية على التزام الهدوء وضبط النفس لمنع إتساع نطاق الأزمة ..{
فلماذا الصين تشعر بالقلق وتدعو اطراف الصراع لضبط النفس؟
إن أستمرار التصعيد العسكري في البحر الأحمر وإمكانية إتساع دائرتهُ ممكن ان يعطل هذا الطريق الملاحي ( الأقرب والاقل كلفة بين قارتي اسيا واوربا) , وبهذا سوف تتعطل الشحنات المرسلة من الصين الى اوربا, بالإضافة الى ارتفاع تكاليف الشحن الدولية في حال تحقق فرضية تغيير طريق الملاحة التجاري من البحر الأحمر الى رأس الرجاء الصالح لهذا سوف تتأثر معظم الشركات الصينية بتكاليف الشحن في حال تحقق هذا الإفتراض.
كذلك هناك فرضية تتعلق بأرتفاع أسعار النفط الخام عالمياً في حال تصاعد وإتساع التوترات في منطقة الشرق الأوسط وهي من أهم المناطق العالمية في إنتاج وتصدير النفط الخام , في المقابل فأن الصين تقع في خانة كبرى الدول المستوردة للنفط الأمر الذي يؤدي الى الإضرار بإقتصادها , كذلك تمثل منطقة الشرق الأوسط البيئة الدافئة والمثالية للإستثمارات الصينية بالتالي فأن أي تصعيد عسكري أو تغول الصراع في الشرق الأوسط يمثل تهديد بالغ الأهمية للأستثمارات الصينية في المنطقة لهذا نجد الموقف الصيني من الصراع الدائر في البحر الأحمر يميل الى الدوبلماسية في الحوار ورفض الحلول العسكرية ولعل ذلك يبدو جلياً من خلال دعوة بكين الى عقد مؤتمر سلام فلسطيني / إسرائيلي.