مرَّت أربعة أشهر لحد الآن، منذ أن اندلعت حرب الكيان الصهيوني على قطاع غزة، هذه الحرب الظالمة التي كشفت، بما لا يقبل الشك، أنَّ العالم بأسره ينقسم حيالها على ثلاث فئات: الأولى داعمة وبشكل مطلق للطرف المعتدي (الكيان الصهيوني)، وبكل ما لديها من قوة سياسية وعسكرية واقتصادية، ويتزعم هذه الفئة الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الغربي. الفئة الثانية هي فئة معظم الدول العربية والإسلامية والإفريقية وبعض الدول الاوربية وجنوب أمريكية، إذ اتخذت هذه الدول موقف الحياد، والتفرج على الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة، يذبح كل يوم عن طريق آلة الحرب الصهيونية الجبارة. وعلى الرغم من أنَّ موقف هذه الدول، هو رفض الاعتداءات الصهيونية في العلن، والطلب من الكيان الصهيوني إيقاف عملياته داخل القطاع، إلا أنَّ تلك الدعوات لم تقترن بإجراءات جدية، هدفها الضغط على الكيان الصهيوني لغرض ايقاف حربه الظالمة، تمهيدا لتقديم المساعدات الضرورية للشعب الفلسطيني. الفئة الثالثة هي فئة الدول التي لم تكتفِ فقط برفض العدوان الصهيوني، بل تحركت بقوة باتجاه الدفاع عن الشعب الفلسطيني، ومده بأسباب القوة، والدفاع عن النفس، ويأتي في مقدمة هذه الدول العراق واليمن وإيران، إذ تبنت اليمن ممثلة بالقوات المسلحة الحوثية، المواجهة المباشرة مع الكيان الصهيوني وداعميه، عن طريق حرب مضيق باب المندب، التي أثرت على الطرف المعتدي، الأمر الذي دفع أمريكا والدول المتحالفة معها، إلى الدخول إلى حلبة الصراع مباشرة، وضرب أهداف داخل اليمن، من أجل تحطيم القدرات الصاروخية اليمنية. هذا من جانب، ومن جانب آخر تبنى العراق عن طريق موقفه الرسمي، الرفض الصريح للعدوان، وتقديم المساعدات المباشرة للشعب الفلسطيني، أمّا عن طريق الموقف الشعبي، فقد شنَّت الفصائل المسلحة، هجمات تكاد تكون يومية على القواعد الأمريكية، بل تجاوزتها بأن استهدفت الكيان الغاصب ذاته. وبالمقابل فإنَّ إيران دعمت وبقوة، نضال الشعب الفلسطيني بمختلف الوسائل المتاحة، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو عسكرية أو استخباراتية.
على الرغم من أنَّ ظاهر الصراع الحالي هو ظاهر سياسي، تسعى الدول الداعمة للكيان الصهيوني إلى جعله محدود التأثير ضمن منطقة الشرق الأوسط، وعدم الدفع باتجاه توسيع الصراع ليشمل دول أخرى (في مقدمتها لبنان)، إلا أنَّ الأمر لا يخلو من أطماع اقتصادية، إذ يضع الكيان الصهيوني نصب عينيه ثروات تقدر بمليارات الدولارات، من الغاز الطبيعي في سواحل البحر أمام غزة، وإنَّ الوضع الحالي يشكل العقبة الأكبر أمام الاستيلاء عليها، مما يحتم إجراء تغيير ديمغرافي طويل الأمد. بشكل عام، إنَّ عام 2024 يشكل عام التحديات بامتياز، من وجهة نظر الكثير من المحللين، وينبغي أن تسود الحكمة والتعقل في حل المشكلات العالقة بين مختلف الدول، وإلا فإنَّ الوضع يتجه نحو ما لا يحمد عقباه.
جاء هذا العدد من نشرة العراق في مراكز الأبحاث الدولية، ليسلط الضوء على أهم التحديات التي تواجه العالم خلال عام 2024، وأهمها حرب غزة واحتمالات توسعها لتشمل دول أخرى، وأيضا تسليط الضوء على أهم الدوافع غير السياسية وراء هذه الحرب.
لتحميل العدد كاملا اضغط هنا
العدد171/نشرة العراق في مراكز الابحاث الدولية
التعليقات على العدد171/نشرة العراق في مراكز الابحاث الدولية مغلقة