م.م عبد المحسن عبد الأمير العكله
جامعة كربلاء/ مركز الدراسات الاستراتيجية
آذار/ 2024
في عام 1216، كانت انجلترا منشغلة بحرب أهلية عرفت بحرب البارونات الأولى، والتي أشعلها ملّاك الأراضي المتمردين المعروفين باسم البارونات، المعارضين للملك الانجليزي جون ملك انجلترا، إذ طالبوا بتنصيب ملك فرنسي بدل الملك الانجليزي، وبالفعل قد أبحر ابن الملك فيليب ملك فرنسا لويس إلى انجلترا، مع فرقة عسكرية إلى السواحل الإنجليزية، على الرغم من شكوك والده والبابا بنجاح حملته هذه. وفي عام 1216 بدأ الغزو الفرنسي للساحل الانجليزي، وكانت برفقة الملك وحده فرقة عسكرية كاملة مع المعدات، ونحو (700) سفينة صغيرة. وبسبب البارونات الموجودين والداعمين، والذين سهلوا أمر وصول الملك لويس، نزل الأخير على السواحل بسرعة كبيرة، وشقَّ طريقه منتصرًا إلى لندن، بموقف فخم في سانت بول، وتم إلقاء الخطب لحث السكان على اتباع الملك، والأمير الفرنسي الجديد، وقد أعلن البارونات أنَّه الملك الجديد لإنجلترا، ولم يكن هذا الإعلان رسميًا، فقط تكفله البارونات، حصل الملك الجديد على دعم كبير من الانجليز، بسبب الوعود التي قطعها على نفسه، من تحسين المعيشة والاوضاع الاجتماعية، وبعد الاستيلاء على مانشستر في نهاية الصيف، سيطرة بعد ذلك لويس على ما يقارب نصف المملكة الإنجليزية. في هذه الفترة استطاع الملك الكسندر ملك اسكتلندا، بزيارة إلى ميناء دوفر وتكريم ملك انجلترا الجديد. وفي اكتوبر عام 1216 تغيرت استراتيجية الصراع بشكل كبير، عندما توفي الملك جون في شرق انجلترا، فاجتمع البارونات فيما بينهم بعد وفاه الملك، واتفقوا على إعطاء الحكم إلى ابنه البالغ من العمر تسع سنوات الملك هنري الثالث، وفضلوه على لويس ابن الملك فيليب. تغير الكثير من اتباع الملك لويس، بعد أن كانوا مؤيدين له، فأصبحوا معارضين له، وأعطوا الولاء الكامل إلى ابن الملك جون في 28 اكتوبر 1216، وتوج هنري الشاب البالغ من العمر تسع سنوات.
ومع تضاؤل فرصة لويس بالوصول إلى حكم انجلترا، وأصبحت حقوقه في اكتساب هذا الحق ضعيفة جدا، رأى الفرنسيون الذين جاؤوا معه، والموجودون على أرض انجلترا، أنَّ الملك جون كانت له اخفاقات عديدة، لذلك يجب أن لا يحكم هو أو أحد أولاده البلاد، بسبب تلك الاخفاقات، وادعوا أيضا أنَّ لويس له الأحقية في حكم البلاد، كونه متزوجًا من أميرة قشتاله ابنة أخت الملك جون. في هذه الأحداث نصّب الملك هنري الثالث ملكًا لإنجلترا، وأعطي الوصايا واصدر الماكينا كارتا في 1216، حتى يتم إجبار بعض مؤيدي الأمير على إعادة تقييمهم للملك هنري الثاني، وإعادة النظر في أحقيته للعرش. لويس الفرنسي كان مصرًا على الحرب مع هنري الثالث، فضمت البارونات أصواتها إلى الملك هنري الثالث، فضلا عن وليام مارشال الذي استطاع أن يجمع أكثر من (5000) فارس، وقوات عسكرية كبيرة جدا، لتزحف إلى المدن التي كانت تحت حكم لويس ورجاله.
وفي الاشهر التالية بذل الفرنسيون جهدًا كبيرًا من أجل السيطرة على المناطق، والحفاظ عليها، وطالبوا بتعزيز فرنسي إلى الاراضي الإنجليزية، وقد تم تجميع اسطول كان يمكن القول عليه انه قد جمع بعجلة كاملة من أمير قشتاله، وسرعان ما واجه نهاية مبكرة عندما سيطرة هيوبرت دي بريغ هجومًا، ونجح في السيطرة على السفينة المرسلة، وأسر(بوستاس) القرصان والمرتزقة الفرنسي، واستسلم باقي من معه من الجنود، وقد عرفت هذه المعركة باسم ساندوينتش، والبعض أشار لهذه المعركة بمعركة دوفر، في صيف 1217 وحسمت جميع المتعلقات الخاصة بالبارونات والملك لويس، وعاد الاسطول الفرنسي المتبقي إلى كاليا، وأسر القرصان سيء السمعة وأعدِم.
نتائج المعركة
من نتائج المعركة هو اضطرار الملك لويس، إلى التنازل والموافقة على عقد سلام عرف بمعاهدة لامبث، التي وقعها، والتي نصت على إنهاء طموحاته في أن يصبح ملك انجلترا، وعرفت ايضا هذه المعاهدة باسم معاهدة كين استون، الموقعة في 11 سبتمبر 1217، وتخلى بهذه المعاهدة الملك لويس عن الوصول إلى العرش الانجليزي، وكذلك العودة إلى الأراضي الفرنسية، فضلا عن توقيعه على أنَّ الماكينا كارتا، هي لحظة مهمة في تطوير الديمقراطية السياسية الإنجليزية والأوروبية.