م.م زينب محمد ياسين/ كلية التربية للعلوم الإنسانية.
منذ بداية التدخل العربي العسكري باسم التحالف العربي الذي أعلن الحرب سنة (2015م) على حركة أنصار الله (الحوثيين) في شمال اليمن حددت المملكة العربية السعودية ان السبب الاساس بتواجدها في اليمن هو سبب سياسي.
غيرأن الحال مخالفة تماما لما عليه دولة الإمارات العربية المتحدة بوصفها الدولة الثانية ضمن ذلك التحالف العربي إذ ارتكز تواجدها في جنوب اليمن على مواقع ثروات النفط والطاقة والموانئ والجزر. وبصدد الحديث عن تلك الجزر، لم تكن أرخبيل جزيرة سقطرى بمنأى عن تلك التدخلات فدولة الامارات العربية المتحدة من بداية (2018م) عملت على تزايد نفوذها فيها بذريعة المساعدات الإنسانية عن طريق (مؤسسة خليفة بن راشد آل نهيان للأعمال الإنسانية ) التي يديرها الضابط الاماراتي (خلفان بن مبارك المزروعي) رئيس الوفد الإماراتي الدائم لجزيرة سقطرى الذي أصبح الحاكم الفعلي للجزيرة، ويتضح ذلك من خلال توسع مجالات نشاطاته من جانبها الإنساني إلى جوانب أخرى منها العسكري و الاقتصادي و الأمني و الاستخباراتي فقد عمد إلى إنشاء قاعدة عسكرية في الجزيرة المذكورة بوساطة فصيل (المجلس الانتقالي الجنوبي ) الذي عُدَّ فيما بعد من الفصائل الموالية لها والأكثر فاعلية في جنوب اليمن .
وللفكر الحق في طرح التساؤلات لمعرفة الأسباب، لماذا جزيرة سقطرى على وجه الخصوص؟
والجواب يكمن في دورها الجغرافي فمن المعلوم أن الموقع الجغرافي ثابت في المكان ومتغير مع الزمان وقد سيطرت الجزيرة على الممر البحري الدولي ، فهي تقع على بعد 380 كم جنوب الساحل اليمني الذي يربط المحيط الهندي بدول العالم الذي يعتبر من أكثر الممرات البحرية ازدحاما ، فالموقع الاستراتيجي للجزيرة يتمثل بكونه حلقة الوصل بين مضيق باب المندب ومضيق هرمز الذي تسيطر عليه الجمهورية الإسلامية الإيرانية ،وكذلك نقطة التقاء المحيط الهندي مع بحر العرب قبالة شاطئ مدينة المكلا في جنوب اليمن ، وجارة للقرن الافريقي ، اذ تبعد عن السواحل الصومالية مسافة (70) كم فضلا عن ما تزخر به الجزيرة من الثروات الطبيعية الهائلة المتمثلة بالنباتات المتوطنة والحيوانات التي باتت منقرضة عن البيئة الطبيعية في المنطقة ،ولايُغضّ النظر عن أن الجزيرة دخلت منظمة اليونسكو عام (2008) م ضمن قائمة مواقع التراث العالمي الطبيعي الأكثر تنوعا بيولوجيا ، إضافة للوجهة السياحية التي تتمتع بها الجزيرة حيث استغلها الجانب الإماراتي في سبيل تسهيل وصول الوفود الاسرائلية بغرض السياحة كما تزعم ؛ إلا أن الهدف الحقيقي منها كان لمصلحة الكيان الصهيوني لبناء معسكرات تمكن إسرائيل من السيطرة على الملاحة البحرية وإمدادات النفط ناهيك عن مراقبة التحركات البحرية الإيرانية .
ومن الواضح أن دولة الإمارات العربية المتحدة تنتمي إلى الخط الجيوبولتيكي الأمريكي، الذي عزز هو الآخر من تواجده العسكري في الجزيرة؛ والتي عادة ما ينطلق في مفاهيمه السياسية من النظرية البحرية للخبيرالجيوستراتيجي في البحرية الأمريكية ” الفريد ماهان” الذي أكد ضمن نظريته في القوة البحرية أن من يصل إلى السيادة البحرية في المحيط الهندي سيتمكن من السيطرة على الساحة الدولية ويتحكم في آسيا.
وبهذا الصدد نقول إن التواجد الأمريكي في الجزيرة التي تقع على المحيط الهندي كما ذكرنا وتعزيزه لدفاعاته الجوية وإنشائه مدرج طائرات كان لغايات منها:
- السيطرة على الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة العربية بأكمله.
- صد الهجمات الحوثية ضد إسرائيل بعد التصعيد الإقليمي الناجم عن الإبادة الجماعية في قطاع غزة بعد إطلاق حركة حماس عملية طوفان الأقصى 2023/10/7 ؛حفاظا (للأمن الإسلامي) كما تسميه حركة أنصار الله على غرار مفهوم الأمن الذي أطلقته الولايات المتحدة الأمريكية ، وذلك بمنع السفن التجارية من المرورعبر المياه الإقليمية اليمنية بما فيه من منع التعرض للأمن القومي اليمني، ونذكر هنا أن القبائل اليمنية في الجزيرة وفي جنوب اليمن ترفض هي الأخرى التواجد الأجنبي على أراضيه وتعتبره مساسا للسيادة اليمنية، وبذلك قدمت شكوى إلى مجلس الأمن قبل الحكومة في الجنوب برئاسة (عبد ربه منصور هادي) .
- إن السيطرة على هذه الجزيرة يمكنهم من التحكم في دخول السفن إلى خليج عدن مما ينتج عنه التحكم بدخول جميع السفن الى مضيق باب المندب، بما في ذلك السفن التي يستهدفها الحوثيون وقد يصل الى الامر كذلك الى السفن الروسية والصينية وهما ضمن الخط الجيوبولتيكي الإيراني.
وتزامنا مع المحاولات الهندية التي تدرس مجاراة الصين؛ بعدة مشاريع منها بناء قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى بتحالف مع دول الإقليم عن طريق إقامة طرق تجارية بحرية وبرية عبر دول المنطقة.
يقع على عاتق المتحكمين في القرار السياسي في اليمن؛ اتخاذ موقف يحافظ على جغرافية سقطرى من التمزق والحفاظ عليها بعيدا عن صراعات الإقليمية والدولية وهيمنة القوى الكبرى لما لهذا الامر من تبعات لها أثرها الخطير.