كيف نتجنب الأغلاط اللغوية؟
أ.م.د. بلسم عباس حمودي
جامعة كربلاء/ مركز الدراسات الاستراتيجية.
أيلول/ 2024
معنى الغلط اللغوي: الانحراف عن القاعدة اللغويّة الصحيحة، والمقاييس التي وضعها أجدادنا، أو هو كل ما يخالف سنن العرب وقواعدها التي وضعت لاستقامة الكلام قبل مئات السنين؛ فأيّ مخالفة يرتكبها الكاتب، أو الناطق في استخدام قواعد اللغة العربية تعدُّ خطأً لغويًّا.
والغلط اللغوي هو خطأ يحدث في استخدام اللغة، وممكن أن يكون غلطًا نحويًا يتعلق بقواعد اللغة وإعرابها، أو صرفيًا يتعلق ببناء الكلمة، أو يمكن أن يكون في كتابة الكلمات كتابة خاطئة، أو في استخدام الكلمات في سياق غير مناسب، أو غلطًا يتعلق بعلامات الترقيم، أو غلطًا أسلوبيًا كاستخدام تعبيرات غير ملائمة أو غير دقيقة، ويمكن أن يظهر الخطأ في تكوين الجمل.
وتحدث هذه الأغلاط اللغوية لأسباب متعددة، يمكن تلخيصها بالآتي:
- نقص المعرفة بالقواعد: عدم فهم القواعد النحوية واللغوية والإملائية وقلة معرفتها، أو عدم الاهتمام بتعلم القواعد، أو التعليم غير الكافي لقواعد اللغة، ومهارات الكتابة، يمكن أن يؤدي إلى ارتكاب الأغلاط اللغوية.
- العزوف عن القراءة، أو انخفاض معدلات القراءة، وعدم الاطلاع على النصوص الأدبية والفكرية، يسهم في ضعف المفردات وقواعد اللغة.
- التأثيرات اللغوية الأخرى: الأشخاص الذين يتحدثون لغات متعددة قد يتعرضون لتداخل لغوي، إذ تؤثر لغات أخرى في استخدامهم للغة العربية، مما يؤدي إلى أغلاط لغوية.
- العادة والتكرار: بعض الأغلاط قد تصبح عادة بسبب استخدامها بشكل متكرر في المجتمع، أو في وسائل الإعلام، فعندما يسمع الناس الأغلاط اللغوية بشكل متكرر قد يعتقدون أنَّها صحيحة.
- التسرع وعدم التركيز: في بعض الأحيان قد يرتكب الأفراد أخطاءً بسبب التسرع في الكتابة، أو التحدث، مما يؤدي إلى عدم الانتباه للقواعد اللغوية.
- انتشار اللهجات المحلية واللغة العامية، يؤثر في استخدام اللغة الفصحى، إذ يختلط الأسلوبان، ويتسبب ذلك في الوقوع في الأغلاط اللغوية.
- عدم الوعي بأهمية اللغة، وعدم ادراك البعض أهمية استخدام اللغة استخدامًا صحيحًا، مما يؤدي إلى الاستهانة بالقواعد اللغوية.
- التأثير الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، فهو يشجع على الكتابة السريعة وغير الرسمية، مما يؤدي إلى انتشار الأغلاط اللغوية.
- انعدام التدقيق اللغوي في العديد من السياقات، وترك المراجعة اللغوية في النصوص المكتوبة، مما يؤدي إلى ترك الأغلاط اللغوية من دون تصحيح، ويسمح بانتشارها .
إنَّ فهم هذه الأسباب ومعالجتها، يمكن أن يساعد الأفراد على تجنب الأغلاط اللغوية، وتحسين مهاراتهم اللغوية، والتواصل بشكل أفضل. إذ إنَّ انتشار الأغلاط اللغوية في أي لغة، يتسبب في عدة مخاطر، وتداعيات سلبية، تؤثر في التواصل، والثقافة، والهوية اللغوية. ومن المخاطر الرئيسة لانتشار الأغلاط اللغوية ما يأتي:
- فقدان الدقة: الأغلاط اللغوية يمكن أن تؤدي إلى غموض المعاني، أو التشويش على الفهم، مما يجعل التواصل أقل فعّالية، فعندما تُستخدم الكلمات استخدامًا غير صحيح، قد يُفهم النص بشكل مختلف عما يُقصد به.
- تدهور القواعد اللغوية: الاستمرار في استخدام الأغلاط اللغوية، يمكن أن يؤدي إلى تدهور القواعد اللغوية، مما يجعل من الصعب الحفاظ على اللغة بشكلها الصحيح.
- التأثير السلبي في التعليم: إنَّ انتشار الأغلاط اللغوية في التعليم، يمكن أن يؤثر في مستوى الطلاب، ويفقدهم الثقة في مهاراتهم اللغوية، كما قد يؤدي إلى تراجع مستوى التعليم بشكل عام.
- تقليل الفهم المتبادل: في المجتمعات متعددة اللغات، يمكن أن تؤدي الأغلاط اللغوية إلى صعوبة في التواصل بين الأفراد، مما يؤثر في الفهم المتبادل.
- فقدان الهوية الثقافية: اللغة هي جزء أساسي من الهوية الثقافية، والانحراف عن القواعد الصحيحة قد يؤثر في الحفاظ على التراث اللغوي والثقافي، ويؤدي إلى تآكل المعايير الثقافية واللغوية، مما يهدد الهوية الثقافية للمجتمع.
- التأثير في الأدب والفن: الأدب والشعر يعتمدان على دقة اللغة وجمالياتها، والأخطاء اللغوية قد تؤثر في جودة الأدب والفنون، إذ يمكن أن تقلل من جمالية النصوص، وتضعف تأثيرها.
- التأثير في الكتابة الرسمية: الأغلاط اللغوية في الكتابات الرسمية، قد تؤدي إلى فقدان المصداقية والاحترافية، مما يؤثر سلبًا في سمعة الأفراد أو المؤسسات.
لذا، من المهم تعزيز الوعي بأهمية اللغة وصيانتها، والعمل على تقليل الأغلاط اللغوية، عن طريق التعليم والممارسة المستمرة.
بشكل عام، إنَّ الحفاظ على اللغة من الأغلاط اللغوية، يعزز الفهم، والتواصل الجيد، ويسهم في الحفاظ على الهوية الثقافية، والتطور الاجتماعي، يمكّن الأفراد من تحسين مهاراتهم اللغوية، وتقليل الأغلاط اللغوية بشكل فعَّال.
إنّ المعالجة الجادة لهذه المشكلة الخطيرة تتطلب مجموعة من الخطوات والأساليب التي يمكن أن تساعد الأفراد على تحسين مهاراتهم اللغوية، ومنها:
1- التعليم والتدريب، عن طريق قراءة الكتب التي تتناول القواعد اللغوية، وتحليل الأغلاط الشائعة. وكذلك الاشتراك في دورات تعليمية لتحسين القواعد والنحو.
2- الممارسة المستمرة للكتابة اليومية، سواء عن طريق كتابة نصوص، أو مقالات، أو مدونات باللغة العربية الفصحى. وأيضا قراءة الكتب ومقالات اللغة، لتحسين الفهم اللغوي.
3- استخدام التكنولوجيا، وبرامج التدقيق اللغوي مثلMicrosoft Word، لتصحيح الأغلاط اللغوية. والاستفادة من التطبيقات التعليمية والمواقع الإلكترونية التي تركز في تحسين المهارات اللغوية، وتعلم اللغة.
4- التغذية الراجعة: التحقق من النصوص، وطلب المساعدة من معلمين أو أصدقاء متخصصين في قواعد اللغة وعلومها، لتقديم ملاحظات حول النصوص المكتوبة، ومراجعة الأغلاط اللغوية التي تمَّ ارتكابها في الماضي والتعلم منها، ومحاولة تجنبها في المستقبل.
5- التفاعل الاجتماعي، والانخراط في محادثات مع أشخاص يجيدون اللغة، أو مع ذوي التخصص اللغوي، لتحسين المهارات اللغوية، وتقليل الأغلاط.
6- التركيز في القواعد الأساسية: تعلّم الأساسيات، والتركيز في القواعد الأساسية، وعلامات الترقيم، وكيفية استخدامها استخدامًا صحيحًا.