الموساد والحرب على العرب

      التعليقات على الموساد والحرب على العرب مغلقة

قسم الدراسات السياسية/ مركز الدراسات الاستراتيجية

أيلول/ 2024

      تمتلك أغلب الدول ذات النظام السياسي القوي، والمستقر نوعًا ما، بحكم لا وجود لنظام سياسي مستقر (100%)، أجهزة مخابراتية سرية قوية، من ضمن أعمال تلك الأجهزة حماية مصالح تلك البلدان في الخارج، وبصورة غير معلنة، ضد أي تجاوز أو انتهاك يصدر من طرف أو جهة، سواء كانت حكومية أو غير ذلك.

وجهاز المخابرات الصهيوني (الموساد)، من أقوى أجهزة المخابرات في المنطقة، بحكم امتلاكه عدد من عناصر التفوق والأسبقية، ومنها:

  • إنَّه جهاز يعمل وفق منهجية وطنية– دينية، وطنية بمعنى أنَّها تؤمن بوجود وطن يجب الدفاع عنه، وتحطيم أعدائه، ودينية بمعنى أنَّ الدولة الإسرائيلية مهما تنصلت عن معتقداتها، وحاولت إظهار نفسها كدولة علمانية، إلا أنَّها دولة دينية متعصبة، فيها اليهود هم المواطنون من الدرجة الأولى فقط.
  • جهاز المخابرات اليهودي هذا يعمل ليس فقط بالتنسيق مع باقي أجهزة المخابرات العالمية المحترفة، كالمخابرات الأمريكية والبريطانية، لكنَّه في أحيان أخرى يستخدم إمكاناتها وما تتحصل عليه من معلومات وبيانات، في تنفيذ عملياته حول العالم.
  • يدرك الكيان أنَّه سيخسر أي حرب تقليدية مع العرب، دون مساعدة الموساد، حتى سلاحه النووي أصبح اليوم عالة عليه، كما حصل مع روسيا في حربها في أوكرانيا، ولم يعد التهديد يجدي معه، لذلك كان اعتماد قادة الكيان منذ نشأته على الحرب الخفية، وإطلاق النار على العدو من الخلف، لذلك خصَّ جهازه المخابراتي باهتمام بالغ من ناحية الدعم المادي والمعنوي والسياسي، لكي يعمل بكل أريحية وفعَّالية.
  • ضعف أجهزة المخابرات العربية مقابل جهاز مخابرات العدو الصهيوني، فأجهزة العرب تتبع الأنظمة وليس الدولة، لذلك يكون هدفها حماية حياة الرئيس والحكومة وتأمينها، وليس صيانة مصالح الدول بصورة عامة. بعبارة أخرى، مخابرات الدول العربية سلاح بيد الحاكم ضد خصومه، وهذا ما كنَّا نراه في ليبيا القذافي، وعراق صدام، وسوريا الأسد.

إنَّ الهجوم الأخير في لبنان، كشف عن ثلاثة أمور: أولها، امتلاك العدو الصهيوني زمام المبادرة، والنجاح فيه، بحكم دقة الحبك والتخطيط. ثانيها، ضعف الجبهة الداخلية العربية، والذي مكَّن العدو من التسلل ووضع خططه بنجاح. ثالثها، التفوق التقني الكبير للجانب الصهيوني، في مقابل تخلف عربي، وتبعية علمية، وانعدام التصنيع الداخلي.

إنَّ أجهزة الاتصال التي فخخت ثم بيعت للجانب اللبناني، عن طريق وكلاء وشركات وهمية، وفجرت عن بعد بضغطة زر، ما هي إلا عملية صهيونية ناجحة، في معركة طويلة مع العرب المقاومين، لمشروعه الاستيطاني، التوسعي، الإقصائي، الدموي. وإنَّ من يدخل في حرب مع نظام يصفق له العالم كله، إلا ما رحم ربي، وهو يرتكب أعتى المجازر في العصر الحديث، عليه أن يتوقع كل شيء، وفي أي مكان وزمان، بحكم امتلاك العدو جميع وسائل القتل، وافتقاده لشرف الخصومة، بل حتى أخلاقيات الإنسان السوي.

وهنا، لكون العراق من الدول التي يكيد لها الكيان الصهيوني، بحكم وجود إرث تاريخي لإذلال اليهود وسبيهم، ثم العداء المتأصل بحكم احتلال اليهود بلد عربي مسلم، فيه معلم إسلامي كالقدس الشريف. لذا يجب على العراق، حكومة وشعبًا، توخي الحذر، وعمل تدابير وقائية، على الصعد والمستويات كافة، لحماية أمن الوطن والمواطن من الهجمات الصهيونية المتوقعة، سواء بالحرب التقليدية أو الحرب الخفية، كما فعلوا مع لبنان مؤخرًا.