لماذا يرحب القادة المدعومين من إيران سرًا بزيارة السوداني للولايات المتحدة

      التعليقات على لماذا يرحب القادة المدعومين من إيران سرًا بزيارة السوداني للولايات المتحدة مغلقة

 

 

الكاتب: راغدة ضرغام صحفية ومحللة سياسية لبنانية_أمريكية تعمل مديرة مكتب جريدة الحياة في نيويورك .

الناشر: the nationalnews

ترجمة: هبـــة عباس محمد علي

مراجعة وتحليل: ميثاق مناحي العيسى

انتقد الحزب الجمهوري قرار إدارة بايدن الرامي إلى استضافة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في واشنطن خلال الأسابيع المقبلة. وقد أعلن زعماء مثل السيناتور توم كوتون، أنَّ الزيارة جاءت في غير وقتها، مشيرين إلى أنَّها تبعث برسالة استرضاء إلى جارة العراق “إيران”، في الوقت الذي يجب أن تقف فيه إدارة بايدن بشكل مباشر مع إسرائيل في حربها على غزة. وأوضح البيت الأبيض أنَّ المناقشات مع السيد السوداني، ستوضح دور الجيش الأمريكي في العراق، والتزامهم المشترك بهزيمة داعش. ومن جانبها، تدرك إدارة بايدن تمامًا حدود التدخل الإيراني في العراق، واستخدام طهران الفصائل العراقية، فضلًا عن الفصائل في أماكن أخرى، لضرب المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، كما تدرك أنَّ السيد السوداني يحاول موازنة علاقات بغداد مع الولايات المتحدة، وإيران، وتركيا. وقد دفع هجوم موسكو الإرهابي الأخير الذي تبناه تنظيم “داعش خراسان”، إدارة بايدن للتأكيد على التهديد المستمر الذي يشكله الإرهاب في العراق، وقالت السفيرة الأمريكية في العراق الينا رومانوفسكي في بيان لها: “إنَّ هجوم موسكو يؤكد حاجة واشنطن على مواصلة تحالفها العسكري مع بغداد”.

يقول العراق رسميًا: إنَّ “داعش” لم يعد يشكّل تهديدًا له، لكن لم تعلق الفصائل المدعومة من إيران “الإطار التنسيقي” بدايةً، على بيان السيدة رومانوفسكي، إذ تبنى بعض القادة مواقف متباينة، وخرجوا عن الخطاب التصعيدي مؤيدين ما قاله رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، بشأن حاجة العراق إلى استمرار التعاون الاستخباراتي الأمريكي، فضلًا عن التدريب والدعم .

هناك تكهنات بأنَّ زيارة السيد السوداني لواشنطن، ستحدد السياق لأعضاء الإطار التنسيقي، للضغط من أجل تخفيف العقوبات على الأفراد والبنوك العراقية، مقابل هدنة مع المصالح الأمريكية في البلاد. وقد أعرب بعض الجمهوريين عن اعتراضهم على رغبة إدارة بايدن في التعامل مع كل من العراق، وإيران، معتبرين ذلك شكلاً من أشكال الاسترضاء لطهران، فهم قلقون بشأن التداعيات على طموحات إيران النووية، والعلاقة بين إيران وإسرائيل، وعواقب التقارب الأمريكي مع إيران، وسط خلاف ملحوظ بين إدارة بايدن والحكومة الإسرائيلية. ومع ذلك لا تقلل المخاوف من خطورة التهديد الذي يشكّله “داعش”.

هناك مخاوف متزايدة لاسيَّما فيما يتعلق بالتقدم التكنولوجي للتنظيم الإرهابي، وقدرته على شنّ هجمات إلكترونية. وبما أنَّ منظمات مثل “داعش خراسان”، قد تحاول استغلال المأساة في غزة للظهور مرة أخرى عالميًا، يمكن أن يكون نجاح الحوثيين دافعًا له من أجل تعطيل الملاحة في البحر الأحمر. وبالطبع فإنَّ الحوثيين مدعومين بالتكنولوجيا والاستخبارات الإيرانية، على الرغم من نفي طهران قيامها بدور في هجمات الجماعة اليمنية. وهذا غير مفاجئ، فالغموض جزء من استراتيجية النظام الإيراني؛ لاسيَّما أنَّه يفضل الحفاظ على قنوات الاتصال مع إدارة بايدن.

تفضل طهران الولاية الثانية لجو بايدن، على عودة سلفه دونالد ترامب العام المقبل. ومع بقاء سبعة أشهر فقط على الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ تخشى طهران من قيام واشنطن بعمل عسكري ضدَّها، أو الوقوع في فخ الاستفزاز الإسرائيلي الذي قد يؤدي بها إلى الحرب، عن طريق حزب الله في لبنان.

في الوقت الحالي، تهدف إيران إلى الحفاظ على نفوذها في العراق، ‏دون اللجوء إلى المساومة العلنية، ولكن عن طريق تفاهمات ضمنية، وفي الوقت ‏الذي تدعي فيه إعطاء الأهمية للقضية الفلسطينية؛ ‏أوضحت أنَّها غير مستعدة للوقوف إلى جانب حماس. وتنتظر نتائج المفاوضات الجارية بواسطة القوى العربية مع المجموعة، والامتناع عن التدخل المباشر سواء لدعمها أو إعاقتها، كما تراقب عن كثب الديناميكية الأمريكية_ الإسرائيلية المتغيرة.

تركز إدارة بايدن في إنهاء حرب غزة، بعدَّها عاملًا ضارًا في اعتباراتها الانتخابية. ويشعر الحزب الديمقراطي بالغضب من تحدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العلني لبايدن، وتصميمه على قصف رفح بغض النظر عن الخسائر البشرية، كما تفتح حرب غزة الباب أمام الجمهوريين، لاتهام بايدن بالخوف من حماس، وحزب الله، والحوثيين، فضلًا عن النظام الإيراني. إنَّ احتمال انتهاء فترة بايدن الأولى، بنزاعين مفتوحين في غزة، وأوكرانيا، سيصب في مصلحة حملة ترامب الرئاسية. فضلًا عن ذلك، لن يتردد نتنياهو في سحق حماس وبنيتها التحتية العسكرية، إذا فشلت إدارة بايدن في توفير بدائل قابلة للتطبيق، لخطة حكومته الرامية إلى غزو رفح، التي تدعو إليها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وتحظى بدعم شعبي في ذلك البلد.

ومع قرب حملة الانتخابات الأمريكية؛ سيسعى النظام الإيراني إلى الحفاظ على جو من الغموض، حتى مع ظهوره كجهة فاعلة إقليمية، ومن المرجح أن تسلط زيارة السوداني إلى واشنطن، والمفاوضات التي ستترتب عليها، الضوء على نوايا طهران في المنطقة. إنَّ تصاعد حدة الصراع في غزة، سيسلط الضوء على إيران، لذلك عملت الأخيرة على اقناع حزب الله لتقليص أنشطته العسكرية، مما سينتج عنه رد فعل إسرائيلي، لن يكون مكلفًا للبنان فحسب، بل لحزب الله وطهران نفسها. تشكّل عودة ظهور “داعش” مصدر قلق فعلي، لكنَّه لا يعد الجهة الفاعلة الوحيدة التي تحاول إبراز نفسها، والظهور على الساحة الدولية، والتأثير في السياسات الأمريكية؛ إذ تبقى القيادة الإيرانية ولاعبيها المختلفين مهمين أيضاً.

رؤية تحليلية:

يُظهر المقال بعض الانتقادات السياسية غير الرسمية لإدارة بايدن، حول زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للولايات المتحدة الأمريكية في الأيام القادمة، وموقف الحزب الجمهوري المعارض للإدارة الأمريكية الحالية؛ وذلك لعدة أسباب، ولاسيَّما تلك التي تتعلق بموقف إدارة بايدن من الصراع في غزة، والدور الإيراني في العراق. إذ يربط صاحب المقال الموقف العراقي بالموقف الإيراني، فهو لا يتحدث عن زيارة السيد السوداني، ودورها في تعزيز العلاقات الخارجية بين بغداد، وواشنطن، والمصالح الوطنية العراقية التي من الممكن أن تناقشها الزيارة، بمعزل عن الدور الإيراني في العراق، والتداخل بين الموقف العراقي والإيراني، وطبيعة موقف الفصائل العراقية المسلحة، إلى الحد الذي يظهر زيارة السيد السوداني، وكأنها انعكاس للرؤية الإيرانية في المنطقة. وعلى الرغم من أنَّ الموقف الأمريكي، كان داعمًا وقويًا لتشكيل الحكومة العراقية الحالية، إلا أنَّ زيارة رئيس الحكومة العراقية إلى واشنطن في هذا الوقت، تأتي كضرورة ملحّة لديمومة العلاقة بين بغداد وواشنطن، وحلّ المسائل الخلافية بين الطرفين، ولاسيَّما في ظل استمرار الحرب على غزة، وموقف الفصائل العراقية المسلحة منها. في حين أنَّ أهداف زيارة السيد السوداني إلى واشنطن، تأتي كزيارة رسمية ضمن منهاج الحكومة العراقية، وعرف سياسي متعارف عليه لكل رؤساء وزراء الحكومات العراقية بعد عام 2003، وربما يكون الهدف الرئيس منها، هو تحويل العلاقات العراقية الأمريكية من التحالف الدولي إلى علاقة ثنائية، وخفض عدد القوات الأمريكية في العراق، وتوضيح شكل العلاقة، فضلًا عن المطالب الأمريكية المتعلقة بقدرة العراق على تنفيذ الإصلاحات المالية، التي تطالب بها الولايات المتحدة، والسيطرة على تهريب الدولار الأمريكي. وعليه فإنَّ صانع القرار العراقي، مطالب بتفنيد الرؤية الأمريكية التي تنتاب أغلب الدوائر الأمريكية، فيما يخص القرار السياسي العراقي، وفكّ الارتباط بينه وبين القرار الإيراني، بوصفه قرارًا صادرًا من مصلحة وطنية، بعيدًا عن الدور الإيراني في العراق والمنطقة.

 

 

https://www.thenationalnews.com/opinion/comment/2024/03/31/why-iran-backed-leaders-in-iraq-will-be-quietly-welcoming-al-sudanis-us-visit/