م. م سندس عمران الطريحي
قسم الدراسات القانونية/ مركز الدراسات الاستراتيجية
تشرين الأول/ 2024
الذكاء الاصطناعي: هو تطبيق إحدى التقنيات، لتقديم حلول، وتحسين كفاءة العمليات في المجال القانوني، عن طريق استخدام النماذج الذكية، لمعالجة البيانات القانونية المعقدة، مثل: مراجعة العقود، وتحليل النصوص القانونية، فضلًا عن أتمتة للمهام الروتينية التي تتطلب جهدًا، وزمنًا كبيرًا، كمراجعة الوثائق، والبحث في السوابق القانونية. إذ إنَّ تطبيق الذكاء الاصطناعي يُمكِّن من تحسين جودة العمل القانوني، وتقديم نتائج دقيقة بسرعة عالية، إذ يمكّن المحامين من تحليل قواعد بيانات قانونية ضخمة، في وقت قصير، مما يوفر الوقت، ويعزز المهمة، لدعم الحجج القانونية بفاعلية عالية، فضلًا عن إدارة الوثائق والعقود في أتمتة المهام المتكررة، مثل: إنشاء العقود القانونية، مع إدارة الوثائق والعقود وخزنهما، إذ تقلل من الأخطاء، وتسرّع الإجراءات القانونية بشكل ملحوظ، وبأقل التكاليف. أمّا من ناحية التنظيم، والتحليل التنبؤي، فهناك أدوات، مثل: الاكتشاف الإلكتروني، تتيح للمحامين تنظيم البيانات، وفحص المستندات، مما يسهل الوصول إلى المعلومات المهمة، ويقلل ما يقع به الإنسان من أخطاء، في تحليل الدعاوي القضائية، وتحديد السوابق القانونية، هذا التحليل يدعم المحامين في صياغة استراتيجية قانونية دقيقة، وفعّالة، وكذلك يمكن تبسيط الوصول إلى الاستشارات القانونية، عن طريق روبوتات المحادثة القانونية، لمساعدة الأفراد في الوصول إلى معلومات أساسية قانونية، مما يسهل التعامل في القضايا البسيطة، دون الرجوع إلى توكيل محامٍ، وكذلك الإجابة عن الضرائب، أو إعداد بعض المستندات البسيطة. ومن ثَمَّ يعدّ الذكاء الاصطناعي مفيدًا، ويقوم بدور مهم في تحسين الكفاءة، وتقليل التكاليف، مما يعزز الإنتاجية، ويسمح للمحامين بالتركيز في المهام الأكثر تعقيدًا، واستراتيجية في عملهم. فلذلك يعد واحدًا من أكبر التطورات التقنية في العصر الحديث، إذ يسهم في تغيير الطريقة التي نتفاعل بها مع العالم من حولنا، ويقدّم فوائد متعددة في مختلف المجالات، فإنَّ تطبيقات الذكاء الاصطناعي، تتجاوز الحوسبة التقليدية، أو الحوكمة، لتشمل الصحة، والتعليم، والصناعة، والخدمات العامة، مما يؤكد دوره المحوري في تشكيل المستقبل، فضلًا عن فائدة دعم الابتكار في البحث والتطوير، إذ يساعد الباحثين، والمطورين، على الابتكار بشكل أسرع في مجالات اختصاصهم، ولاسيَّما الباحث العلمي، إذ يمكن تحليل كميات ضخمة من البيانات التجريبية، بسرعة لا تضاهى، مما يساعد في الوصول إلى نتائج دقيقة، واكتشافات جديدة، ويسهم الذكاء الاصطناعي في تطوير حلول جديدة لمشكلات قديمة، عن طريق تقديم رؤى مختلفة على البيانات. أيضًا من فوائد الذكاء الاصطناعي، هو تحسين الأمان، والخصوصية على الانترنيت، وفي الحياة الواقعية، عن طريق تحليل الأنماط في البيانات، إذ تكشف أنظمة الذكاء الاصطناعي عن التهديدات الأمنية، والتصدي للهجمات الإلكترونية، والتي تعرف أحيانًا بالهجمات السيبرانية، وكذلك تعطي تحليل للأنشطة غير الطبيعية، والتنبؤ بمحاولات الاحتيال، مما يساعد الشركات، والأفراد، على حماية بياناتهم، وخصوصيتهم. كما أنَّ الذكاء الاصطناعي يدعم الأمن، ولاسيَّما في المدن الذكية، عن طريق استخدام التقنيات، مثل: التعّرف على الوجه، والمراقبة الذكية، لتحديد الأشخاص المشتبه بهم، أو السلوكيات الخطيرة في الأماكن العامة. كذلك يمكن أن يقوم بدور مهم في تحقيق التنمية المستدامة، في حماية البيئة، والاستدامة، للموارد، عن طريق التنبؤ بالتغيرات البيئية، مثل: متغيرات درجات الحرارة، والأنماط المناخية، كما يمكنه استخدام الموارد الطبيعية، وتقليل الهدر، مما يساعد في تحقيق الاستدامة، فمثلاً تستخدم الشركات الزراعة الذكية، أنظمة الذكاء الاصطناعي، لتحسين استخدام المياه، والأسمدة، بناء على تحليل البيانات، مما يقلل من استهلاك الموارد الطبيعية، وفي تحسين الإنتاجية، والاستدامة، عن طريق التنبؤ بالطقس، وتحليل صحة النباتات، وتحديد الكميات المثلى من المياه، والأسمدة اللازمة، وهذا يساعد على زيادة غلات المحاصيل، وتقليل التكاليف، والموارد المستخدمة. وكذلك إنَّ الذكاء الاصطناعي يساعد في مكافحة الآفات الزراعية، عن طريق التنبؤ بانتشارها، وتحليل العوامل البيئية التي قد تؤدي إلى تفشيها. وكل ما ذكر، لا يعني أنَّ الذكاء الاصطناعي، كما هو متعارف عليه، بديل للإنسان، وهذه فكرة مغلوطة فلا يمكن أن يكون أي شيء بديلًا للإنسان منذ نشوء الحياة، ولكن هي مساعدة، وجزء من التطور العلمي الذي خلقه الله للبشرية. أمّا في العراق فلم يكن هناك إطار قانوني شامل، ومحدد، يتعلق بالذكاء الاصطناعي لغاية سنة 2023. ومع ذلك، هناك بعض الإشارات العامة ذات صلة بالذكاء الاصطناعي، يمكن تطويرها، ومعالجة النقص التشريعي فيها، مثل التشريعات العامة، مثل: القوانين المتعلقة بحماية البيانات، والخصوصية، كقانون حماية البيانات الشخصية، وكذلك الإطار التنظيمي التي تعمل الجهات الحكومية المعنية، في وضع سياسات، وإرشادات، لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، لاسيَّما في مجالات، مثل: الصحة، والتعليم، والأمن، فضلا عن سعي العراق إلى الاستفادة من التجارب الدولية، في تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي، مما قد يؤثر في تطوير الإطار القانوني. أمّا من الناحية الأكاديمية، ومبادراتها التي قد تسهم الجامعات، والمؤسسات البحثية، في تقديم دراسات ومقترحات حول كيفية تنظيم الذكاء الاصطناعي، بما يتناسب مع الظروف المحلية.