آية الله العظمى السيد علي السيستاني يدعو إلى حكم خالٍ من الفساد وتغيير واسع النطاق

      التعليقات على آية الله العظمى السيد علي السيستاني يدعو إلى حكم خالٍ من الفساد وتغيير واسع النطاق مغلقة

الكاتب: سنان محمود
الناشر: ذا ناشيونال
ترجمة: هبة عباس محمد علي
عرض وتحليل ومراجعة: ميثاق مناحي العيسى
https://www.thenationalnews.com/news/mena/2024/و/04/iraqs-grand-ayatollah-ali-al-sistani-calls-for-corruption-free-rule-and-widespread-change/

دعا آية الله السيد علي السيستاني، إلى إجراء إصلاحات عميقة، للتغلب على المصاعب التي تعاني منها البلاد منذ عقود عدة. وأوضح السيد السيستاني خلال اجتماعه مع رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق “محمد الحسان”، الحاجة الملحة إلى حكم كفوء، وخالٍ من الفساد، وسيادة القانون، والحد من التدخلات الأجنبية، لوضع العراق على طريق الاستقرار، والازدهار.
وفي بيان صدر عن مكتبه عقب اللقاء، أشار إلى التحديات، والمصاعب المختلفة، التي يعاني منها الشعب العراقي. كما حثّ العراقيين ولاسيَّما “النخبة الواعية”، على استخلاص العبر من تجارب الماضي، وبذل أقصى الجهود لتجاوز الانتكاسات السابقة، والعمل بجدية لتحقيق مستقبل أفضل لبلدهم، ينعم فيه الجميع بالأمن، والاستقرار، والازدهار. وعلى الرغم من الاستقرار النسبي الذي تشهده البلاد، وخطط الحكومة الرامية إلى تحسين الخدمات، وإجراء إصلاحات اقتصادية، ومالية، لكن فشل رئيس الوزراء محمد السوداني حتى الآن، في تقويض عمل الفصائل المدعومة من إيران، التي امتدت عملياتها إلى إسرائيل، منذ هجوم ٧ تشرين الأول من العام الماضي، والحرب التي تلته. وقد هدد هجومهم بالطائرات المسيرة، بجر العراق إلى دائرة الصراع، بعد أن أشارت تقارير إعلامية هذا الشهر، إلى احتمالية استخدام إيران للأراضي العراقية، من أجل شنّ هجوم انتقامي على إسرائيل. وقد دعا السيد السيستاني، إلى تطبيق نظام قائم على الكفاءة، والنزاهة في تولي مناصب المسؤولية، والحد من التدخلات الخارجية، وفرض سيادة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومحاربة الفساد، لكن أمام العراقيين طريق طويل لتحقيق ذلك. كما تطرق الاجتماع إلى الحرب الجارية في غزة، ولبنان. وأعرب عن ألمه العميق إزاء الأزمة التي تؤثر في البلدين كليهما، بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية. كما انتقد المجتمع الدولي لعدم اتخاذه خطوات جادة، وفعّالة، لوقف العنف، وحماية المدنيين من العدوان الإسرائيلي المرّوع.
في الشهر الماضي، عرضت القناة 14 الإسرائيلية اليمينية، صورًا لستة شخصيات إيرانية، وموالية لإيران، من بينها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وزعيم حركة حماس يحيى السنوار، قبل مقتله في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية، والسيد السيستاني، مع وضع علامة الصليب على رؤوسهم، إشارة إلى أنَّهم أهداف محتملة. وقد أثارت هذه الخطوة الاستنكار في داخل العراق وخارجه. وقال السيد الحسان بعد الاجتماع: “إنَّنا نرفض أي استهانة، وتهديد، تجاه المرجعية الدينية، نظرًا إلى الرمزية، والاحترام، اللذين تحظى به في هذا البلد والعالم أجمع”.

التحليل:
على الرغم من أنَّ الكاتب لم يطرح رؤيته التحليلية في المقال، ويكاد يكون محتوى المقال موضوعًا خبريًا أكثر مما هو تحليلي، إلا أنَّ بيان المرجعية يستدعي التحليل، والتوضيح، إلى الرأي العام (المحلي والعالمي).
إنَّ بيان المرجعية الدينية الأخير، بعد لقائها مبعوث الأمم المتحدة في العراق “محمد الحسان”، لم يختلف عن بياناتها السابقة، فيما يخص رؤيتها للوضع السياسي العام في البلاد، وموقفها من التدخلات الخارجية، وإدارة الحكم، والسلاح خارج سلطة الدولة، ولعله تأكيد لمواقفها السابقة، أكثر مما هو دعوة جديدة. إذ يؤكد البيان الأخير للمرجعية الدينية، على مبادئ وطنية جوهرية، مثل: اعتماد مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسنم مواقع المسؤولية، ومنع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات. وهي المبادئ التي عدَّتها أغلب القوى السياسية المتشاركة في إدارة الحكم، والسلطة، بمنزلة خريطة طريق واضحة، لإدارة الدولة، والحكم، وبناء المؤسسات؛ وذلك بتأكيدها على ضرورة تبنِّيها في منهاجها، وبرامجها، وسياساتها، ومواقفها السياسية. ولعل الركيزة الأهم في بيان المرجعية الدينية، أنَّه لم يذكر فيه القوى أو الأحزاب السياسية، ولم يخاطبها، كما أنَّه لم يخاطب الحكومة الحالية، ولم يوجه لها دعوة، بقدر ما كان بيانه قائمًا على أساس دعوة النخب الواعية، والمجتمع، في تحمل المسؤولية، وهو ما يؤشر على استمرار عدم الرضا، والقبول، من المرجعية الدينية للقوى السياسية الحاكمة، أو مقاطعة المرجعية لها بشتى الصور، بعدما تجاهلته وتوصياته لسنواتٍ عدة، وهو يرشدها لإصلاح الوضع العام في البلاد، ولاسيَّما بعد انتفاضة تشرين عام 2019. فضلًا عن تحايلها على توصياته، وخطبه السياسية، بمسألة “المجرب لا يجرب”، والالتفاف عليها بشكل أو بآخر.
ربما تكون هذه الدعوة هي الأخيرة للمرجعية الدينية، بخصوص إصلاح الوضع السياسي، ومنع التدخلات الخارجية، وربما لم تأتِ لولا زيارة مبعوث الأمم المتحدة، أو قد تكون المرجعية الدينية استغلت زيارة المبعوث الأممي، لإرسال رسالتها الأخيرة للقوى السياسية الحاكمة، في محاولة انقاذ العراق من دائرة الصراع في الشرق الأوسط، والالتفات إلى وضعه الداخلي، والاهتمام بشعبه، وسيادة أرضه، بعيدًا عن التدخلات الخارجية. إلا أنَّ القوى السياسية العراقية كعادتها، ستحاول أن تستغل دعوة المرجعية الدينية مرة أخرى، وتستقطبها لمصلحتها. وهو ما بانت ملامحه عبر التسابق بين القوى، والأحزاب، والشخصيات السياسية العراقية، إلى تبني بيان المرجعية الدينية، وجعلها خريطة طريق لإدارة الحكم، والسلطة، والدولة بشكل عام. وهو ما يمكن أن ندخله في خانة الالتفاف السياسي، الذي اتبعته القوى السياسية الحاكمة، تجاه خطب المرجعية الدينية، وارشاداتها، وتوصياتها، على مدار العقدين الماضيين.