أ.م.د. بلسم عباس حمودي
جامعة كربلاء/ مركز الدراسات الاستراتيجية
كانون الأول/ 2024
الضاد والظاء حرفان من حروف اللغة العربية، كثيرًا ما يقع الخلط بينهما في النطق، والكتابة، فبعضهم يكتب حظر (بالظاء) وهو يقصد الفعل حضر (بالضاد) الذي هو (ضد غاب)، أو قد يكتب الضالم وهو يقصد الظالم، وغيرهما الكثير.
يختلف الحرفان في النطق والمخرج، ويخلط بعضهم بينهما نطقًا وكتابة؛ وذلك بسبب صعوبة النُّطق بحرف الضَّاد، فينطق ظاءً، فهو أصعب الحروف، وأشدُّها على اللسان. لذا يعدُّ حرف الضاد حرفًا فريدًا في اللغة العربية، ولا يوجد له نظير في أيِّ لغةٍ أخرى غير العربية، لهذا سميت لغة الضاد.
إنَّ التمييز بين حرفي الضاد والظاء مهم جدًا، وهو موضوع من الموضوعات الإملائية المهمة في اللغة العربية، إذ إنَّ الخلط بينهما قد يؤدي إلى تغيير المعنى، كما سيتضح في الأسطر القادمة. وكل من يريد تجنب الخلط بين الحرفين عند الكتابة، فعليه أن يعي مخارج هذين الحرفين، وصفتيهما، ثمَّ يطبقهما على اللفظ، حينها سيميز بين من يستحق حرف الضاد، ومن يستحق حرف الظاء.
يختلف الحرفان في عدة أمور، وهي:
– من حيث الاسم، حرف (ض) اسمها (الضاد)، وتنتهي بحرف الدال، أمَّا حرف (ظ) فاسمها (الظاء)، وتنتهي بهمزة على السطر.
– من حيث المخرج، هناك فرق بين الحرفين في مخرج الصوت، وطريقة النطق، إذ إنَّ حرف الضاد يخرج من أقصى طرف اللسان مع ما يحاذي من الحنك الأعلى. في حين أنَّ مخرج حرف الظاء من طرف اللسان مع طرف الثنايا العليا (الاسنان العلوية).
– ومن حيث الصفات، يختلف الحرفان بالصفات أيضًا، فالضاد (ض) صوت مُجْهَر (مصحوب بالاهتزاز)، ويتميز بشدة الاحتكاك، والاستطالة. أمَّا حرف الظاء (ظ) فهو صوت مُجْهَر، ولكن بنبرة أخف من الضاد، مع احتكاك أقل، وليس فيه استطالة.
إنَّ خطورة الخلط بين الحرفين، لا تقف عند النطق أو الرسم الخاطئ فقط، بل تمتد إلى ما هو أهم وأخطر، وذلك لأنَّ هذا الخلط والخطأ يغير المعنى، ويقلبه أحيانا إلى معنًى مضادٍ، وتتضح الفروق بين الحرفين من حيث المعنى في الأمثلة الآتية، مما يساعد في تمييزهما عند الكتابة:
حظر بـ (الظاء) بمعنى: (منع) ـــــــ وحضر بـ (الضاد) بمعنى: (ضد غاب).
ظلّ بـ (الظاء) بمعنى: (استمر) ـــــــ وضلّ بـ (الضاد) بمعنى: (ضاع، ولم يهتدِ).
نظر بـ (الظاء) بمعنى: (رأى) ـــــــ ونضر بـ (الضاد) بمعنى: (حسُن).
حظّ بـ (الظاء) بمعنى: (نصيب) ـــــــ وحضّ بـ (الضاد) بمعنى: (شَجَّع وحثَّ).
ظنَّ بـ (الظاء) بمعنى: (حَسِب أو شكَّ) ـــــــ وضنّ بـ (الضاد) بمعنى: (بَخُل).
ظفر بـ (الظاء) بمعنى: (فاز) ــــــ وضفر بـ (الضاد) بمعنى: (ضفيرة الشعر).
والخلط بين الضاد والظاء في تلاوة الذكر الحكيم، هو من أخطر الأمور، فقد قال الإمام ابن الجزري إمام فن التجويد: “اعلم أنَّ هذا الحرف ليس من الحروف حرف يعسر على اللسان غيره، والناس يتفاضلون في النطق به. فمنهم من يجعله ظاءً مطلقًا، لأنَّه يشارك الظاء في صفاتها كلها، ويزيد عليها بالاستطالة، فلولا الاستطالة، واختلاف المخرجين، لكانت ظاءً… وهذا لا يجوز في كلام الله تعالى، لمخالفة المعنى الذي أراد الله تعالى، إذ لو قلنا الضالين بالظاء، كان معناه الدائمين، وهذا خلاف مراد الله تعالى، وهو مبطل للصلاة، لأنَّ (الضلال) هو ضد (الهدى)، كقوله تعالى: ﴿ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ﴾. وبالظاء هو الدوام، كقوله تعالى: ﴿ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا﴾، وشبهه. فمثال الذي يجعل الضاد ظاءً في هذا وشبهه، كالذي يبدل السين صادًا في نحو قوله تعالى: ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾، وقوله تعالى: ﴿وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا﴾. فالأول من السر، والثاني من الإصرار”.
فإن وُجدت حجة لمن لفظ وخلط بين الحرفين، فإنَّه لا عذر لمن كتب وخلط بينهما. ويُمكنُ معالجةُ هذه المشكلة بعدة طرق، أبرزها:
1- التفريق بين الضاد والظاء من حيثُ المخرج: هناك فرق بين الضاد والظاء في المخرج كما مرَّ سابقًا، كما يختلفان في الصفة، ولا يصحُّ لنا أن ننطق بِهما بدون تفريق، فهذا خطأ كبير.
2- كثرةُ النظرِ في بطونِ الكتبِ، وتصوّرُ الكلمةِ حينَ كتابتِها؛ فكثيرُ القراءةِ لا يستسيغُ كتابةَ (الظبي) هكذا (الضبي)، لأنَّ الرسمَ الأولَ محفوظٌ في ذهنه؛ ومتى عرَضه عليهِ قَبِلَه وأجازَه، على خلافِ الثاني.
3- تصريفُ الكلمةِ، وتقليبُها، ومعرفةُ نظائرِها في الاشتقاقِ؛ فإذا مرّت عليك كلمة (ظلمات)؛ فلم تدرِ كيفَ تُكتب، فأعدها إلى أصلها، وانظر إلى معناها؛ سترى أنَّها من (أظلم يظلم؛ فهو مظلِم)، فإذا عرفت واحدة منها، سهل عليك غيرها.
4- حفظ الكلمات التي تتضمن حرف (الظاء)؛ لأنَّها محصورة، وتكرارها مع تقليب تصاريفها، واشتقاقاتها، بخلاف الكلمات التي تشتمل على حرف (الضاد) فإنَّها كثيرة.
5- يمكن تحسين التمييز بين الحرفين، عبر التدريبات الصوتية اليومية، ومحاولة نطق كلمات تحتوي على الضاد والظاء، والتدريب على التفريق بين الصوتين، وينصح بتكرار كلمات، نحو:
– حرف الضاد: ضوء، ضبع، ضجيج، مع التركيز في قوة الصوت.
– وحرف الظاء: ظرف، ظهور، ظلام. مع التركيز في نطق الحرف من طرف اللسان.
6- الاستماع إلى النطق الصحيح، لاسيَّما الاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم، أو محاضرات، أو تسجيلات لمتحدثين نطقهم سليم. ويمكن استخدام تطبيقات تعليمية، أو مقاطع صوتية، تركز في النطق السليم للضاد والظاء.
7- استخدام معاجم اللغة عند الشك في كتابة كلمة معينة، ويمكنك الرجوع إلى المعاجم العربية للتحقق من صحة كتابتها. وبالممارسة والتكرار، ستتمكن من التفريق بين الضاد والظاء بسهولة أكبر، وتتمكن من تقليل الخلط بينهما، وتحسين النطق، والكتابة بشكل عام.
والتفريق بين الحرفين نطقًا وكتابة، مهارة لغوية تتطلب الممارسة المستمرة، وتخصيص الوقت اليومي للتدريب على النطق الصحيح، حتى نتمكن من التخلص من الخلط بين الضاد والظاء، وتحقيق نطق صحيح، وواضح لهما.
الأخطاء في حرفي الضاد والظاء- كتابة ونطقًا
التعليقات على الأخطاء في حرفي الضاد والظاء- كتابة ونطقًا مغلقة