مستقبل الهدنة ما بين لبنان والكيان الصهيوني

      التعليقات على مستقبل الهدنة ما بين لبنان والكيان الصهيوني مغلقة

أ.م. علي مراد النصراوي
قسم إدارة الأزمات
مركز الدراسات الاستراتيجية / جامعة كربلاء
اندلعت الاشتباكات الحدودية بين المقاومة في لبنان، المتمثلة بحزب الله، والكيان الصهيوني، في يوم 8 اكتوبر عام 2023، أي بعد يوم واحد من الهجوم الكبير الذي قادته حركة حماس، على القواعد، والبلدات الإسرائيلية المحتلة، والذي أسفر عن قتل وأسر مئات الجنود، فيما عدَّه الكيان أكبر هجوم مباغت، على طول مدة الصراع الدائر منذ عقود، ما بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية، فيما شنَّ الكيان حربًا مدمرة، وإبادة جماعية، استهدفت تدمير وقتل ممنهج بحق المواطنين في قطاع غزة.
أمَّا عن حزب الله الذي قاد حربًا لإسناد غزة استمرت قرابة عام كامل، نفذ خلالها مئات العمليات ضمن حدود قواعد الاشتباك، وصولاً لما قام به العدو الصهيوني من تفجير أجهزة الاتصال ما يعرف بالبيجر، التي يستعملها عناصر حزب الله، مما أدى إلى تغيير الموازين، ودخول الحرب مرحلة جديدة، تمثلت بالاستهداف المباشر للقرى والبلدات، وصولاً لقلب بيروت واغتيال زعيم حزب الله السيد الشهيد حسن نصر الله، وأعقب ذلك اجتياح بري كبير، إلا أنَّ المقاومة اثبتت قدرتها على التصدي، على الرغم من الخسائر الكبيرة، وعلى الرغم من الفرق الشاسع في العدد، ونوع السلاح. ومع كل الدعم، وتطور آلة الحرب الصهيونية، إلا أنَّها لم تحقق كامل أهدافها، إذ دخلت مناطق حدودية معينة، وتبع ذلك إقدام القيادة اللبنانية، والمجتمع الدولي، بالشروع بعملية تفاوضية لإنهاء الحرب، والعودة لتطبيق بنود قرار مجلس الأمن 1701، ووقعت الأطراف عليه ضمن إعطاء مهلة مدتها (60) يوماً، لانسحاب الكيان الصهيوني من المناطق التي سيطر عليها، وانسحاب حزب الله من المناطق الحدودية، مع تسليمها للجيش اللبناني، وانتشار قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة، إلا أنَّ الكيان لا يزال يماطل، وينفذ غارات، ويخرق الهدنة، في محاولة لاختلاق الذرائع، على الرغم من تمسك حزب الله بجميع بنود الاتفاق. ويأتي ذلك في ظل وضع إقليمي خطير جداً، بعد اسقاط نظام الأسد في سوريا، وتوغل جيش الاحتلال الصهيوني في الجولان، ومدينة القنيطرة، ومدن وقرى سورية أخرى، مع استهداف كبير لكل الترسانة العسكرية السورية، بحجة منع وقوعها بيد جماعات متطرفة، مع فرض حظر للتجوال، وسحب للأسلحة في المدن السورية التي سيطر عليها الكيان.
ومع تزايد الخروق الاسرائيلية، يرى بعض المتابعين أنَّ الهدنة هشة جداً، وهي على شفى الانهار، والكيان الصهيوني وحده تحمل المسؤولية، لاسيَّما أنَّهم لم يعملوا على إعادة سكان المستوطنات الشمالية، والتي طال ما تعذروا بالحرب في سبيل عودتهم، وهذا ما يعطي شكوكاً حول نوايا العدو الجديدة، لاسيَّما مع قطع خط الامداد ما بين إيران وحزب الله، ووضع الكيان في سوريا، لذلك تتعالى بعض الأصوات الاسرائيلية، لاسيَّما من اليمين المتطرف، بضرورة استغلال الوضع، واجتياح جنوب لبنان. فيما أعلن الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أنَّ الحزب مستعد لأي احتمال، وأنَّ سكوته عن تلك الخروقات، يأتي ضمن التزام الحزب أخلاقيًا مع الاتفاق الموقع، ومراعاة لظروف اللبنانيين، وإعطاء كامل المجال للحكومة اللبنانية في أخذ دورها.