تداعيات انسحاب أمريكا من اتفاقية باريس للمناخ

      التعليقات على تداعيات انسحاب أمريكا من اتفاقية باريس للمناخ مغلقة

الكاتب: أ.م. مؤيد جبار حسن
جامعة كربلاء/ مركز الدراسات الاستراتيجية
مثَّلت عودة دونالد ترامب، إلى سدة الحكم في البيت الأبيض الأمريكي، واقعة فريدة، انقسم حولها العديد داخل الولايات المتحدة، والعالم أجمع، بين مرحب متأمل خيرًا، وبين متشائم خائف.
ومن أول القرارات التي وقعها الرئيس الجديد، إلغاء انخراط واشنطن ضمن قيود اتفاقية باريس الخاصة بالمناخ، وشروطها. كان لهذا القرار ردود فعل ايجابية داخل أمريكا، لكن الردود الخارجية كانت متشائمة، فمثلًا أشار مفوض الاتحاد الأوروبي المعني بتغير المناخ، السيد فوبكه هوكسترا، إلى قرار الرئيس الأميركي هذا، بأنَّه “أمر مؤسف”، وأضاف: “إنَّه تطور مؤسف حقًا، أن ينسحب من اتفاقية باريس، أكبر اقتصاد في العالم، وأحد أقرب حلفائنا في مكافحة تغير المناخ”. في حين وصف السيد روبرت هابيك، نائب المستشار الألماني القرار الأميركي، بأنَّه: “إشارة فادحة” للعالم.
هذا الانسحاب من الاتفاقية المناخية المتقدم ذكره، يمثِّل نهجًا اتبعه الرئيس ترامب منذ ولايته الأولى، وهو نابع من قناعة سياسية- اقتصادية، مؤداها أنَّ تلك الاتفاقيات، والمنظمات الدولية، بصورة عامة، مجرد هياكل فارغة، ليس لديها تأثير حقيقي في أرض الواقع، ولا تتعدى أن تكون استنزافًا ماليًا لموارد الدول الأعضاء، دون تحقيق أي فائدة منظورة.
لكن، ما تداعيات هذا الانسحاب الأمريكي على المناخ العالمي، وعلى الوضع العام لسوق المحروقات، لاسيَّما بالنسبة للعراق.
على مستوى المناخ العالمي، سوف يعني غياب أكبر مصدر على الإطلاق للانبعاثات في العالم، عن الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ للمرة الثانية خلال عقد. وتنضم الولايات المتحدة بذلك إلى إيران، وليبيا، واليمن، في قائمة الدول الوحيدة في العالم، خارج الاتفاقية التي أُبرمت عام 2015، ووافقت الحكومات فيها على الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية، إلى (1.5) درجة مئوية فوق مستويات ما قبل عصر الصناعة، لتجنب أسوأ تداعيات تغير المناخ.
وعلى مستوى سوق المحروقات، سوف يكون هناك تذبذبات في أسعار الوقود الاحفوري، باعتبار أنَّ الولايات المتحدة المستهلك الأكبر للوقود، وعن طريق انسحابها من اتفاقية المناخ، وقيودها، سوف تقوم بانجاز العديد من المشاريع، التي تعزز احتياطياتها النفطية، مما يؤدي إلى تقليل اعتمادها على بترول الخارج، وهذا ينذر بهبوط في أسعار النفط، مما قد يؤثر بالسلب في الدول النفطية في الشرق الأوسط، كالعراق مثلًا.
وهنا يجب على الحكومة العراقية، أن تأخذ في الحسبان أنَّ التغيير المناخي سوف تزداد وتيرته، مع رجوع أكبر ملوث للبيئة للعمل وبكثافة ايضا. فالصيف العراقي قد يكون أكثر قسوة في الأعوام القادمة، والتصحر أيضا قد يصل إلى أبواب المحافظات، ومنها العاصمة بغداد. وأن تجد كذلك، بدائل حقيقية للاعتماد الكامل على بيع البترول، في تعذية خزينة الدولة. فالاعتماد العالمي على الوقود الاحفوري، يهبط تدريجيًا مع تصاعد الاعتماد على الطاقة النظيفة (الشمسية، والرياح، والأمواج، وغيرها).