م. د. وسام حصن جواد
باحث في قسم إدارة الأزمات
جامعة كربلاء/ مركز الدراسات الاستراتيجية
كانون الثاني 2025
في خطوة تهدف إلى تنظيم السوق العقاري العراقي، أصدر البنك المركزي قرارًا بمنع بيع العقارات، التي تتجاوز قيمتها (100) مليون دينار، إلا عبر المصارف، هذا القرار يحمل في طياته العديد من الأهداف الاقتصادية، والاجتماعية، التي تسعى إلى محاربة الفساد، وتعزيز الشفافية في المعاملات المالية الكبرى.
• أهمية القرار وأهدافه “مكافحة غسيل الأموال والأنشطة غير القانونية”
إنَّ إلزام التعاملات العقارية الكبيرة، بالمرور عبر المصارف، يسهم في الحد من استغلال السوق العقاري، كواجهة لغسيل الأموال، أو تمويل أنشطة مشبوهة. والقرار يعزز الرقابة المالية، ويتيح تتبع مصادر الأموال المستخدمة في هذه العمليات، مما يزيد من مصداقية السوق.
• تعزيز الشفافية والنظام المالي
يشجع القرار على التعامل الرسمي عبر النظام المصرفي، مما يخلق بيئة شفافة، ومراقبة، عندما تكون المعاملات موثقة، ومراقبة، من قبل جهات مختصة، يصبح من الصعب التلاعب بالأسعار، أو إخفاء مصادر الأموال.
• تقليل الفساد المالي والإداري.
كانت المعاملات العقارية الكبيرة، تُجرى أحيانًا خارج الأطر الرسمية، مما يفتح المجال أمام الفساد، والتلاعب، هذا القرار يحد من هذه الممارسات، ويضمن أن تكون جميع العمليات موثوقة، وشفافة.
• تحفيز استخدام النظام المصرفي.
اعتماد المصارف كوسيط أساسي في هذه العمليات، يعزز من دور القطاع المصرفي في الاقتصاد العراقي، ويشجع المواطنين على استخدام الخدمات المصرفية بشكل أوسع، مما يدعم الاقتصاد الرسمي، ويقلل من هيمنة الاقتصاد الموازي.
• تحليل القرار وآثاره المستقبلية.
هذا القرار يمثل تطورًا إيجابيًا في تنظيم السوق العقاري، لكنَّه قد يواجه تحديات في التنفيذ.
التحديات المحتملة:
قد يحاول بعض الأطراف الالتفاف على القرار، عن طريق إجراء صفقات خارج الإطار المصرفي، هنا تأتي أهمية الرقابة المشددة، والعقوبات الرادعة لضمان الالتزام.
كما أنَّ الاعتماد الإجباري على المصارف، قد يواجه مقاومة من بعض المواطنين، بسبب تعقيدات الإجراءات، أو عدم وعيهم الكامل بأهمية القرار، مما يستدعي جهودًا للتوعية، وتبسيط الخدمات المصرفية.
التأثير في السوق العقاري:
قد يؤدي القرار إلى تباطؤ في حركة بيع العقارات الكبيرة على المدى القصير، إذ يتكيف السوق مع النظام الجديد. ومع ذلك، على المدى البعيد، سيخلق القرار سوقًا أكثر استقرارًا، وموثوقية، مما يعزز الاستثمار المحلي، والأجنبي.
فوائد طويلة الأمد:
1- تنظيم القطاع العقاري:
يؤدي القرار إلى وضع حد للعشوائية في السوق، إذ تصبح الأسعار أكثر استقرارًا، والمعاملات أكثر أمانًا.
2- تعزيز الثقة بالنظام المالي:
مع مرور الوقت، سيشجع القرار المزيد من الأشخاص على استخدام المصارف، مما يرفع من كفاءة النظام المالي ككل.
3- دعم التنمية الاقتصادية:
تنظيم السوق العقاري، يعزز من بيئة الاستثمار، ويقلل من الفساد، مما يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام.
ملاحظات مهمة:
1- ضرورة التوعية:
يجب إطلاق حملات توعوية لتعريف المواطنين بأهمية القرار، وكيفية الالتزام به، لضمان تحقيق أهدافه بشكل كامل.
2- دعم المصارف:
ينبغي تحسين البنية التحتية للمصارف وتقديم خدمات سريعة وفعالة لتسهيل تطبيق القرار
3- تعزيز الرقابة:
إطلاق أنظمة رقابية إلكترونية متطورة، لتتبع العمليات العقارية، وضمان الشفافية.
إنَّ قرار البنك المركزي، خطوة أساسية نحو تحسين الاقتصاد العراقي، وتنظيم القطاع العقاري. وعلى الرغم من التحديات التي قد تواجه تطبيقه، فإنَّ تحقيق الشفافية، وتعزيز دور المصارف، سيخلق بيئة اقتصادية أكثر أمانًا، واستقرارًا، تدعم التنمية، وتقلل من مظاهر الفساد، وغسيل الأموال.