
بعد أن شنَّ الكيان الصهيوني حربه المدمرة على مدينة غزة، سعيًا إلى القضاء على حركة حماس، واستعادة أسراه، في ظل الدعم اللامحدود من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وحلفاء الكيان. وبعد أكثر من (400) يوم من تلك الإبادة، رضخ الاحتلال الصهيوني أخيرًا، للجلوس على طاولة التفاوض، ضمن رعاية قطرية مصرية أمريكية، والتي تمَّ بموجبها الإفراج عن الأسرى من كلا الطرفين، ضمن مراحل عدة، وهي كالآتي:
أولاً- وقف العمليات العسكرية: والذي ينص على تعليق مؤقت للعمليات العسكرية المتبادلة بين الطرفين، ثمَّ انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية شرقًا، بعيدًا عن المناطق المأهولة بالسكان، على طول حدود قطاع غزة.
ثانيًا- تبادل الأسرى والرهائن: في المرحلة الأولى، ستطلق حماس سراح (33) أسيرًا إسرائيليًا، بما في ذلك النساء المدنيات، والمجندات، والأطفال، وكبار السن، والجرحى. وسيفرج الاحتلال عن عدد من الأسرى الفلسطينيين، مقابل كل أسيرة إسرائيلية تُطلق حماس سراحها.
ثالثاً- المساعدات الإنسانية: تشمل على زيادة كمية المساعدات الإنسانية المرسلة إلى قطاع غزة، بما في ذلك الغذاء، والأدوية، والوقود، عبر السماح بدخول (600) شاحنة مساعدات يوميًا، منها (50) شاحنة وقود، لتشغيل محطة الكهرباء، والمرافق الحيوية الأخرى.
رابعًا- إعادة إعمار غزة: ينص الاتفاق على بدء عمليات إزالة الأنقاض، وإعادة بناء البنية التحتية المتضررة في قطاع غزة، وتوفير الدعم الدولي لإعادة تأهيل المستشفيات، والمدارس، والمرافق العامة الأخرى.
المرحلة الثانية: بعد (42) يومًا من بدء الاتفاق، سيتم التفاوض على المرحلة الثانية، التي تشمل إطلاق سراح باقي الأسرى، وانسحاب كامل للقوات من قطاع غزة.
وبعد قرب الانتهاء من المرحلة الأولى، وتواصل الدعوات للبدء بالتفاوض على المرحلة الثانية، أخذ الاحتلال الإسرائيلي بالمماطلة، وجاء ذلك بعد دعوات الرئيس الأمريكي ترامب، لتهجير سكان قطاع غزة إلى مصر، والأردن، وقد مثلت هذه الدعوات صدمة للعالم، في ظل تهجير قسري لم يشهده التاريخ الحديث، وجاء متزامنًا مع فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، والانسحاب من منظمة حقوق الإنسان، الأمر الذي أعطى حافزاً ودافعًا لإسرائيل، بالمماطلة في تنفيذ خطوات وقف إطلاق النار في غزة، بل سارع وزير دفاعها إلى إعطاء أوامر للجيش، بوضع الخطط اللازمة لتنفيذ خطط التهجير.
مع كل التحديات المذكورة، والتهديدات، وحجم الدمار، وأعداد الشهداء، إلا أنَّ المقاومة هناك، أثبتت قوتها، وقد ظهر ذلك من ردود الفعل التي أبداها الكيان، من قوة حماس، وصمود الأهالي، ويكفي أنَّه لم يتمكن طوال المعارك، من تحرير أسراه، ورضخ أخيرًا للجلوس على طاولة التفاوض، وفق شروط أصرت عليها المقاومة، ويكفي هذا الصمود الأسطوري أمام آلة القتل، والحرب، والدمار.