
م.د. وسام حصن جواد
باحث في قسم إدارة الأزمات
مركز الدراسات الاستراتيجية
على الرغم من أنَّ الولايات المتحدة، لا تزال تحتفظ بمكانتها كقوة عظمى عسكريًا وسياسيًا، إلا أنَّ الواقع الاقتصادي الداخلي، يفرض اليوم قيودًا صارمة على قراراتها، المتعلقة بخوض صراعات كبرى، وطويلة الأمد، قد تكون ذات عواقب غير محمودة على الاقتصاد الأمريكي، في ظل الإحصائيات الحالية.
تشير الأرقام إلى أنَّ المشهد غير مطمئن، يبلغ الناتج المحلي الأميركي حوالي (27) تريليون دولار، في حين يقف الدين العام عند (37) تريليون دولار، وهو ما يمثل (150%) من الناتج المحلي. هذا التفاوت الحاد يشير إلى أنَّ الدولة، تنفق أكثر مما تنتج، مما يزيد من الضغوط على الاقتصاد الوطني. وفي سياق الموازنة العامة، فإنَّ الولايات المتحدة تخصص قرابة (9) تريليونات دولار سنويًا، لكن جزءًا كبيرًا من هذه الميزانية، يصل إلى (1.3) تريليون دولار، يذهب فقط لتسديد فوائد الدين العام، أي ما يعادل (35%) من الناتج، و(11%) من إجمالي الموازنة. اللافت أنَّ هذه الفوائد، أصبحت تفوق الإنفاق الدفاعي، الذي يبلغ (968) مليار دولار، وهو أمر لم يكن متخيلاً سابقًا. هذا التغير في الأولويات، يكشف عن ضغوط متزايدة على الحكومة الأميركية، لاسيَّما مع تسجيل عجز مالي بلغ (840) مليار دولار في العام الأخير، أي (10%) من الناتج المحلي، وهو رقم غير مسبوق في التاريخ المالي الأميركي، ويقترب من الحد الأقصى المسموح به للعجز البالغ(20%). أمَّا على صعيد التضخم، فقد بلغ ذروته في عام 2022 بنسبة (9.1%)، ثم تراجعت النسبة إلى (2.8%) بفضل سياسة نقدية متشددة، تمثلت في رفع أسعار الفائدة، ومع ذلك كان لا بدَّ من تخفيض الفائدة إلى (4.5%) مؤخرًا، لتجنب دخول الاقتصاد في حالة ركود.