
أ.م. علي مراد النصراوي
قسم إدارة الأزمات
ضمن الحرب الروسية على أوكرانيا، وفي ظلّ تصاعد الهجمات المتبادلة، لاسيَّما مع اقتراب جولة التفاوض، التي دعا إليها الرئيس الأمريكي برعاية تركية، والتي جرى عن طريقها التوصل لبعض النقاط ومنها تبادل الأسرى، تصاعدت معها هجمات كل طرف، في محاولة لتشكيل أوراق ضغط تناور بها، وإبراز عناصر القوة.
ففي يوم 1/6/2025، شنَّت أوكرانيا هجمات بطائرات مسيرة، استهدفت عدة قواعد جوية روسية في مناطق عدة، منها: مورمانسك، وإركوتسك، وإيفانوفو، وريازان، وأمور، وصفتها روسيا بالهجمات الارهابية. وقد أدت تلك الهجمات إلى تدمير ما يقارب من (34%) من القاذفات الاستراتيجية الروسية، وهو خرق كبير قدرت خسارته المادية بأكثر من سبعة مليارات دولار، ناهيك عن المباغتة، والاختراق، ودقة التنفيذ، وطبيعة الهجوم، والذي وصفته أوكرانيا بأنَّها كانت تعدّ العدة لذلك، لأكثر من ثمانية عشر شهرًا.
أهداف أوكرانيا من الهجمات
أعلنت أوكرانيا تبني تلك الهجمات، والتي وصفت بأنَّها الأعنف، والأكثر دقة، وتخطيط، وأنَّ الهدف من ذلك هو السعي إلى نقل المعركة إلى داخل الأراضي الروسية، مما يشتت انتباه القوات الروسية، ويخفف الضغط عن الجبهات الأوكرانية. كما تسعى كييف إلى إرسال رسالة للمجتمع الدولي، بأنَّها قادرة على الرد، والقيام بعمليات نوعية داخل العمق الروسي، فضلًا عن أنَّ أوكرانيا قد تبنت هجومًا على جسر القرم الحيوي، وهو الثالث من نوعه منذ بدء الحرب بين الطرفين.
الرد الروسي
ردت روسيا على هذه الهجمات، بشنّ أكبر هجوم بالطائرات المسيرة على أوكرانيا منذ بدء الحرب، إذ أطلقت (472) مسيرة، و(7) صواريخ، مستهدفة البنية التحتية الأوكرانية. كما أعلنت موسكو عن إحباط هجمات أوكرانية جديدة، واعتقال متورطين في هذه العمليات.
التفاوض في ظل تصاعد الهجمات
تُعدُّ هذه التطورات تحولًا كبيرًا في مسار الحرب، إذ أصبح العمق الروسي هدفًا للهجمات الأوكرانية، مما قد يؤدي إلى تصعيد أكبر في الصراع، كما أنَّ هذه الهجمات قد تؤثر في الدعم الدولي لأوكرانيا، لاسيَّما إذا استمرت في تنفيذ عمليات داخل الأراضي الروسية، من دون تنسيق مع حلفائها. فتلك الهجمات الأوكرانية الأخيرة على روسيا، تعدُّ تصعيدًا خطيرًا في الحرب المستمرة، وقد تؤدي إلى تغيير في ديناميكيات الصراع، مما يستدعي مراقبة التطورات عن كثب، حتى مع الشروع بتبادل الأسرى ما بين الطرفين، إلا أنَّ حدّة الهجمات بدأت تتصاعد بصورة كبيرة، مع دعوة ترامب إلى ضرورة وقف الحرب، والعودة إلى طاولة التفاوض في تركيا، وهذا دليل على أنَّ كل طرف يحاول فرض واقع جديد، وتحقيق مكتسبات على الأرض، في سبيل استخدامها كورقة تفاوض رابحة.