الهدنة الهشة في لبنان ومخاطر الحرب القادمة

      التعليقات على الهدنة الهشة في لبنان ومخاطر الحرب القادمة مغلقة

أ.م .د. علي مراد النصراوي / مركز الدراسات الاستراتيجية / قسم ادارة الازمات

        بعد مرور عام على وقف الحرب ما بين اسرائيل ولبنان ، والتي كانت قد بدأت مع دخول المقاومة الفلسطينية هجومها على الاراضي المحتلة في السابع من اكتوبر لعام 2023، فقد وصف بأكبر عملية مباغته ومفاجئة شنتها المقاومة الفلسطينية تضمنت قتل مئات الجنود، وإسقاط أكثر من 20 موقعًا عسكريًا، واقتحام لمستوطنات عدة في غلاف غزة، وأسر ما يقرب الـ(100) عنصرِ غالبيتهم من الجنود الصهاينة، الأمر الذي دفع الكيان الاسرائيلي إلى استغلال ذلك عبر شن حرب مدمرة وممنهجة  لتدمير مدينة غزة وقتل سكانها و كل ما يستحق الحياة فيها تمهيدًا لاجتياحها، وبالتزامن مع تلك الحرب شرع حزب الله للدخول في خط المواجهة مع الكيان المعتدي ضمن قواعد اشتباك محددة وصولاً لتفجير أجهزة البيجر، واغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وقادة آخرين لحزب الله .

       وعلى أثر ذلك شرع الاحتلال الاسرائيلي باجتياح مدن لبنانية عدة، والتمركز فيها والبقاء من دون انسحاب، على الرغم من دخول الاتفاق بين الطرفين حيز التنفيذ منذ عام الا إن الاحتلال يصّر على بقائه في تلك النقاط الحدودية داخل الاراضي اللبنانية، وبالتالي فإنّ اصراره على البقاء من دون انسحاب يؤشر إلى مجموعة من الأمور، أولها: استمرار الاستهداف الذي يقوم به العدوان الصهيوني للأراضي اللبنانية، وبالتالي فقد سجلت المنظمات الدولية والدول الضامنة ألوف من الخروقات، إذ يكاد لا يمضي يوم الا و يحدث فيه استهداف لمدن الجنوب اللبناني، وفي الوقت ذاته يضغط الامريكان  باتجاه سحب سلاح حزب الله في حين لم يلزم الاحتلال الاسرائيلي بالالتزام بما وافق عليه، والنتيجة ضغط حكومي، وضغط اوربي، وضغط من الولايات المتحدة الامريكية بالتزامن مع الانتهاكات الاسرائيلية، وهذا مؤشر خطير على نية الاحتلال الاسرائيلي اعادة الحرب بهدف اجتياح الجنوب، وازالة مخاطر حزب الله بحسب ادعائه .

     أما لبنان فهو يعيش حالة من الحذر والانتظار على المستوى الرسمي، إذ تتزايد الضغوط الدولية عليه وتحديدًا تجاه الجهات المسؤولة لدفعها لممارسة ضغط تجاه نزع سلاح جزب الله، وهو أمر شبه مستحيل في ظل تزايد الخطر الاسرائيلي، فضلاً عن إن ايديولوجية الحزب تقوم على أسس مقاومة المحتل، وهذا لم يكن وليد اللحظة، فتأسيس الحزب بني على أساس المقاومة، وهذا التتابع الجيلي لا يمكن محيه بسهوله، وحتى من يرى أن الحزب قد ضعف  وهو ما لم ينكره حتى المقربون من الحزب، الا إن ذلك لا يعني نهاية الحزب أو تراجع تأثيره.

     وبالعودة للسؤال المحوري هل إن الهدنة ستصمد كثيرًا ؟ بطبيعة الحال كل المعطيات تشير إلى إن الضغوط الاسرائيلية والامريكية إلى جانب الداخل اللبناني وعلى المستوى الرسمي يدفع تجاه أن يلجأ حزب الله إلى تسليم سلاحه، وهذا ما يرفضه الحزب في ظل غياب الضمانات وعدم الانسحاب الاسرائيلي، والحل هنا أن تتوفر للحزب ضمانات عبر حوار جدي يشمل انسحاب اسرائيلي من الحدود ويبقى الحوار داخلي في إطار مصلحة لبنان الوطنية .