
الناشر: صحيفة الغارديان
ترجمة: ا.د. نصر محمد علي
الرابط: https://www.theguardian.com/us-news/2025/nov/04/zohran-mamdani-mayor-new-york-city
أصبح الاشتراكي الديمقراطي، البالغ من العمر 34 عامًا، أول عمدة مسلم للمدينة، مع فوز الديمقراطيين في عدة سباقات رئيسية أخرى. وقد انتُخب المرشح الديمقراطي، زهران ممداني، يوم الثلاثاء، عمدة مدينة نيويورك رقم 111، متغلباً على الحاكم السابق أندرو كومو والمرشح الجمهوري كورتيس سليوا، ليُسجل بذلك إنجازاً تاريخياً بوصفه أول عمدة مسلم للمدينة.
حقق الاشتراكي الديمقراطي، البالغ من العمر 34 عاماً، وعضو جمعية الولاية عن كوينز، الفوز بأكثر من 50% من الأصوات. بينما حل كومو، البالغ من العمر 67 عاماً، ثانياً بنسبة تزيد قليلاً عن 40%، بينما حصل المرشح الجمهوري كورتيس سليوا على ما يزيد قليلاً عن 7% من الأصوات. أُعلن فوز ممداني التاريخي وسط سلسلة انتصارات ديمقراطية في أنحاء البلاد كافة، حيث باتت عضوة الكونغرس أبيجيل سبانبرغر أول حاكمة لولاية فرجينيا، وتغلبت ميكي شيريل على منافستها المدعومة من ترامب على منصب الحاكم في نيوجيرسي، وصوّتت كاليفورنيا لصالح مساعي غافن نيوسوم لإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، مما سيُسفر عن خمسة مقاعد جديدة للحزب في الكونغرس.
انفجرت حماسة حشد ممداني في حفل ليلة الانتخابات في قاعة بروكلين باراماونت بوسط مدينة بروكلين بعد أن أعلنت وكالة أسوشيتد برس فوزه في السباق. وهتف الناس وتعانقوا عند سماع الخبر.

يُعدّ ممداني، إلى جانب كونه أول عمدة مسلم لمدينة نيويورك، أول عمدة من أصل جنوب آسيوي وأصغر عمدة منذ أكثر من قرن. انسحب العمدة الحالي، إريك آدامز، الذي خاض حملةً لولاية ثانية مستقلاً، من السباق في أيلول / سبتمبر. وقد اكتسبت حملة ممداني الشعبية زخماً خلال فصل الربيع بفضل التبرعات الصغيرة وعشرات الآلاف من المتطوعين والحضور الذكي على وسائل التواصل الاجتماعي ورسالة التغيير. وتُوجت هذه الطاقة بفوز حاسم في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية في يونيو، حيث هزم كومو بنحو 13 نقطة، الأمر الذي أثار دهشة المؤسسة السياسية في المدينة من خلال تحفيز ائتلاف متنوع ضم العديد من الناخبين الشباب والناخبين لأول مرة. بعد هزيمته في الانتخابات التمهيدية، اختار كومو، الذي استقال من منصبه بوصفه حاكماً لمدينة نيويورك في عام 2021 بعد أن اتهمته أكثر من اثنتي عشرة امرأة بالتحرش الجنسي (وهي مزاعم نفاها)، البقاء في السباق وأطلق حملة مستقلة ضد ممداني، سعياً منه لتحقيق عودة سياسية. لكن استطلاعات الرأي طوال الصيف والخريف أظهرت باستمرار أن ممداني يحافظ على تقدم مريح على كومو وسليوا (وآدامز قبل خروجه من السباق). في الأشهر الأخيرة، تنافس ممداني وكومو بشكل متكرر حول سجلاتهما ومؤهلاتهما وأفكارهما لتحسين المدينة. اتهم ممداني كومو بالتبعية للمانحين الأثرياء وخدمة مصالح الشركات، بينما رفض كومو ممداني ووصفه بقلة خبرته لقيادة المدينة. خلال مناظرات تشرين الأول / أكتوبر لاختيار عمدة المدينة، تبادل ممداني وكومو وسليوا الانتقادات الحادة واشتبكوا حول مجموعة متنوعة من القضايا المحلية والوطنية والعالمية، بما في ذلك الجريمة، والشرطة، وإسرائيل، والقدرة على تحمل التكاليف، والإسكان، والنقل، إلى جانب من سيكون الأنسب لإدارة العلاقات مع إدارة ترامب.

وعندما أطلق ممداني حملته الانتخابية لمنصب عمدة المدينة خريف العام الماضي، كان عضو برلمان غير معروف نسبيًا في الولاية. بيد أن رسالته، التي ركّزت على القدرة على تحمل التكاليف، إلى جانب جولاته المبهجة في أنحاء مدينة نيويورك، سرعان ما اكتسبت زخماً ولاقت صدى لدى آلاف الناخبين في نيويورك. دعا برنامجه إلى تجميد الإيجارات على الوحدات السكنية ذات الإيجارات الثابتة، وبناء المزيد من المساكن بأسعار معقولة، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 30 دولاراً في الساعة، وجعل الحافلات مجانية، وزيادة الضرائب على أغنى سكان المدينة، وغيرها.
حظيت حملة ممداني بدعم من التقدميين على الصعيد الوطني، بما في ذلك تأييد بيرني ساندرز، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت، وألكسندريا أوكاسيو كورتيز، ممثلة نيويورك، وكلاهما ظهر معه في تجمعات انتخابية في أنحاء المدينة كافة.
ومن بين القادة البارزين الآخرين في نيويورك الذين دعموا ممداني، النائب جيري نادلر، والمدعية العامة لولاية نيويورك، ليتيتيا جيمس. في أيلول/ سبتمبر ، أعلنت حاكمة نيويورك، كاثي هوشول، تأييدها لممداني، على الرغم من إبداء خلافات سياسية سابقة. ومؤخرًا، قبل أقل من أسبوعين من يوم الانتخابات، حذا زعيم الأقلية في مجلس النواب الأمريكي، حكيم جيفريز، حذوه، منهيًا شهورًا من الضغوط والتساؤلات حول تردده في دعم مرشح حزبه.
ومع ذلك، لم يسانده جميع الديمقراطيين في نيويورك. ومن اللافت للنظر أن كلا من عضوي مجلس الشيوخ عن نيويورك، تشاك شومر وكيرستن جيليبراند، لم يعلنا تأييدهما في السباق الانتخابي. طوال الحملة الانتخابية، واجه ممداني هجماتٍ وتدقيقاً من النقاد بسبب سنه وخبرته وأجندته التقدمية. وتعرض لانتقاداتٍ من البعض، بمن فيهم كومو، لانتقاده حكومة الكيان الصهيوني، والعمليات العسكرية للكيان الصهيوني في غزة، ودعمه لحقوق الفلسطينيين – وكلها عواملٌ عقّدت علاقته ببعض الجماعات اليهودية. ومن ثم فقد واجه وابلاً من الهجمات المعادية للإسلام عبر وسائل التواصل الاجتماعي والأوساط السياسية المحافظة، بما في ذلك من إليز ستيفانيك، النائبة الجمهورية عن نيويورك وحليف ترامب، التي أدانت ممداني ووصفته بأنه “مرشح جهادي لمنصب عمدة المدينة”.
استنكر ممداني في تشرين الأول /أكتوبر، ضحك كومو مع مذيع إذاعي محافظ قال إن ممداني “سيهتف” إذا حدث “حادث 11 سبتمبر آخر”، في إشارة إلى الهجمات الإرهابية التي شنها متطرفون إسلاميون على مدينة نيويورك عام 2001. ووصف ممداني هذا النقاش بأنه “مقزز” و”عنصري”.
اتهم ممداني أيضًا لجنة “سوبر باك”، في وقت سابق من الحملة، الداعمة لكومو بـ”كراهية الإسلام الصارخة” بعد أن تضمنت منشورًا مقترحًا صورة ممداني، والتي بدت وكأنها مُعدّلة لجعل لحيته تبدو أغمق وأطول وأكثر كثافة.
وقد جذب السباق اهتمامًا وطنيًا، حيث شارك فيه سياسيون وخبراء من مختلف الأطياف السياسية. حتى دونالد ترامب دخل المعركة، واصفًا ممداني بأنه “راديكالي” و”شيوعي”.
أيّد ترامب، يوم الاثنين، عشية الانتخابات، ترشيح كومو لمنصب عمدة المدينة، وقال إنه في حال فوز ممداني، فسيكون من “المستبعد جدًا” أن تحصل المدينة على تمويل فيدرالي “باستثناء الحد الأدنى المطلوب”.
وكتب ترامب في منشور على موقع “تروث سوشيال” مساء الاثنين: “سواءً كنتم تُحبّون أندرو كومو أم لا، فليس لديكم خيار آخر. عليكم التصويت له، ونأمل أن يُقدّم أداءً رائعاً. هو قادر على ذلك، أما ممداني فلا!”. كما حثّ الملياردير إيلون ماسك سكان نيويورك على التصويت لكومو يوم الاثنين.
وُلد ممداني في أوغندا لأبوين هنديين، وانتقل مع عائلته إلى مدينة نيويورك في سن السابعة، وأضحى مواطناً أمريكياً عام 2018. أثار ترامب، في تموز/ يوليو، احتمال سحب جنسية ممداني، وهو تهديد ندد به ممداني ووصفه بأنه ليس مجرد “هجوم على ديمقراطيتنا، بل محاولة لتوجيه رسالة إلى كل ناخب في نيويورك يرفض الاختباء في الظل: إذا تكلمتَ، فسيأتون إليك”.
على الرغم من الهجمات، كان لحملة ممداني آثار واسعة النطاق على الصعيد الوطني. في أغسطس، ذكرت صحيفة الغارديان أن حملته ألهمت أكثر من 10 آلاف تقدمي في جميع أنحاء البلاد للتفكير في الترشح لمنصب.
بعد وقت قصير من إعلان فوزه في السباق الانتخابي، نشر ممداني على منصة X مقطع فيديو لأبواب مترو الأنفاق وهي تُفتح، بينما يقول السائق عبر مكبر الصوت: “المحطة التالية والأخيرة هي مبنى البلدية”.




