م. علي مراد النصراوي
مركز الدراسات الاستراتيجية – قسم إدارة الأزمات
بعد غزو الكويت عام 1990 من قبل الجيش العراقي وما تلا ذلك من تداعيات اقليمية وحتى دولية، دخل العراق ضمن الحصار الدولي ناهيك عن شبه انقطاع لعلاقاته مع دول الخليج. إن سقوط النظام عام 2003 والتحول الشامل في بنية النظام والدخول ضمن هذه البنية الجديدة من خلال الانتقال الديمقراطي وانفتاح العراق على دول العالم لم يحدث تحولًا كبيرًا في علاقات العراق الخارجية فقد ظلت علاقاته بدول الخليج خجولة، فضلًا عن إنها شهدت شدٍّ وجذب وتوترٍ وتقارب بحسب المرحلة التي تقتضيها في ظل اتهامات متبادلة بملفات عدة ولاسيما موضوع التقرب من ايران أو تهميش المكون السني أو موضوع دخول الإرهاب من بوابة دول الخليج وبعض الفتاوى ذات الطابع التكفيري .
في حين شهدت مرحلة عام 2014 و تحديدًا بعد سيطرة تنظيم داعش الارهابي على مدن عدة، وتهديده باجتياح دول الخليج بوصف إن العراق يمثل خط الصد الأول في المواجهة، رغبة الحكومة العراقية في وقتها والتي كانت برئاسة السيد العبادي بالانفتاح على دول الخليج وتصفير المشاكل الخارجية وكسب الدعم الدولي والاقليمي لمواجهة التنظيم، وكان من أولى الخطوات هو العودة لإحياء العلاقات بين العراق ومحيطه العربي وتحقق ذلك من خلال تبادل الزيارات والمعلومات مع الاحتفاظ بذات العلاقة مع ايران وتركيا. و أمّا في ظل حكومة السيد الكاظمي الحالية فقد شهدت العلاقات مع دول الخليج تطورًا ملحوظًا وملموسًا ولعل من أبرز ما يؤكد ذلك هو افتتاح منفذ عرعر الحدودي بين العراق والسعودية، وتأليف مجلس تنسيقي إلى جانب تفعيل الربط الكهربائي والشروع بخطوات متقدمة يظهر أن أبرزها زيارة السيد رئيس الوزراء الأخيرة للسعودية والامارات للتوقيع على اتفاقيات عدة بين الطرفين وضع لمساتها المجلس التنسيقي، وبالرغم من وجود بعض الاعتراضات على هذا الانفتاح إلا إن سياسة الدولة ماضية في هذا الاتجاه، و من جانب آخر فإن لدول الخليج رغبة أكبر بعودة العلاقات مع العراق و يرجع ذلك لأسباب عدة في مقدمتها موقع العراق ودوره الريادي في المنطقة، فضلًا عن محاولتها لإيجاد نوع من التوازن مع ايران و أيضا حجم التهديدات التركية وتوتر العلاقة بينها وبين دول الخليج جميعها كل هذه عوامل ساعدت باتجاه إعادة احياء تلك العلاقات .
و أما عن أبرز ما تحقق خلال اجتماع السيد الكاظمي مع العاهل السعودي والاماراتي فقد انتهى بتوقيع جملة من الاتفاقيات و دعوة الشركات ورجال الأعمال للاستثمار في العراق، وتذليل العقبات أمامهم، كما تم الاتفاق على تفعيل مقررات مؤتمر المانحين الذي جرى الاتفاق على مخرجاته مسبقًا.
نخلص من ذلك إلى إن انفتاح العراق على محيطه العربي بهذه الصورة وفي هكذا أوضاع يصب في مصلحة البلد ولاسيما في ظل أزمة مالية وصحية، إذ إن الحاجة تكمن لفتح باب الاستثمار وتشجيع دخول رؤوس الاموال، وإيجاد أسواق جديدة لتصدير بعض المنتجات الزراعية أو تبادل السلع والخدمات وإعادة افتتاح المنافذ الحدودية وتنويع الاستيراد ، فضلًا عن إنها رسالة محبة وسلام واطمئنان لدول العالم بعودة العراق لريادته ودوره المحوري .