اشيش كومار سين (Ashish Kumar Sen)/ معهد الولايات المتحدة للسلام USIP – واشنطن
14/ شباط / 2023
ترجمة: د. حسين احمد دخيل
حدد وزير الخارجية فؤاد حسين أولويات الحكومة العراقية، وأكد أنَّ مصالح العراق هي الدافع لعلاقاته مع روسيا والصين وإيران.
وضع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين أولويات الحكومة العراقية الجديدة، وحدد المجالات ذات الاهتمام المشترك مع الولايات المتحدة، ودافع عن علاقات العراق مع إيران وروسيا والصين – وهي دول على خلاف مع الولايات المتحدة الأميركية.
تحدث السيد فؤاد حسين عن عدة اولويات، على رأسها محاربة الفساد، وقال: “نحن نعاني من الفساد كمعاناتنا من تنظيم داعش الارهابي” في إشارة إلى إرهابيي التنظيم الذين سيطروا في وقت من الأوقات على مساحات شاسعة من العراق، وأعلنت الحكومة العراقية هزيمتهم عسكريا في 9 كانون الاول 2017. وأضاف السيد حسين “محاربة الفاسدين ليست بهذه السهولة، وفي بعض الأحيان يكون الأمر أصعب من محاربة داعش”.
المخاوف والقلق من الفساد وأزمة العملة:
الحكومات الغربية هي الأكثر قلقًا بشأن الفساد في العراق، الذي تصنفه منظمة الشفافية الدولية في ذيل مؤشر مدركات الفساد الخاص بها. وأحدث قضية فساد رفيعة المستوى تتعلق بسرقة (2.5) مليار دولار من بنك الرافدين المملوك للدولة العراقية، والتي وصفت في العراق بـ “سرقة القرن”.
ووفقا لمؤشر مدركات الفساد في منظمة الشفافية الدولية، احتل العراق المرتبة (157) من أصل (180) دولة، وتصاعدت معدلات الفساد وانعدام الشفافية في السنوات الأخيرة.
في الآونة الأخيرة، قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بتقييد حصول العراق على دولاراته، في محاولة لمعالجة غسيل الأموال، الذي تعدَّه الولايات المتحدة مفيدًا لإيران وتمويل الجماعات الارهابية. تجدر الإشارة إلى أنَّ الولايات المتحدة تتحكم في تدفق الدولارات إلى العراق، حيث تم الاحتفاظ بالاحتياطيات الأجنبية للعراق في الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، منذ الغزو الأمريكي والإطاحة بنظام صدام حسين في عام 2003، الأمر الذي أسهم في انخفاض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار، مما أثار احتجاجات كبيرة في بغداد. وردت الحكومة العراقية باستبدال محافظ البنك المركزي، ورفعت قيمة الدينار في محاولة لاستقرار الوضع. وقال السيد فؤاد حسين وقال حسين: إنَّ قرارات البنك المركزي العراقي نُفِّذت بالتنسيق مع وزارة الخزانة الأمريكية والاحتياطي الفيدرالي، مؤكدا أنَّ أزمة العملة قد تفجرت منذ ذلك الحين. وأضاف ايضا إنَّ “بعض الناس يعتقدون أنَّ الدولارات التي تأتي من الولايات المتحدة إلى السوق العراقية بدأت تختفي”.
أكد السيد فؤاد حسين “أنَّ العراق، الذي يعتمد بشكل كبير على الاستيرادات، يستخدم الدولار في عمليات الاستيراد من شركائه التجاريين، بما في ذلك الولايات المتحدة وإيران أيضًا. وقال مضيفًا إنَّه “على عكس التصور السائد في الغرب، لا يتم تهريب الدولار في الغالب من العراق إلى دول أخرى”. إلا إنَّه عاد وأكد معترفاً بوقوع بعض عمليات التهريب، إذ قال “من المؤلم أن يتحدث الشعب العراقي والحكومة العراقية عن تهريب الدولار. هناك، بالطبع، بعض الأشخاص الذين يهربون الدولارات، لأنَّهم يهربون العديد من المنتجات الأخرى”.
وردا على نظريات المؤامرة التي تقول إنَّ الولايات المتحدة تحاول تقويض حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن طريق تقييد تدفق الدولار إلى العراق، أكد حسين أنَّ زيارته لواشنطن أثبتت عكس ذلك. وقال: “هذه هي العلاقة الأكثر صحة بين البلدين، عندما تتحدث عن مساعدة بلدين بعضهما بعضا، وفهم بعضهما بعضا، ودعم بعضهما بعضا”. هذه علاقة صحية للغاية مع الولايات المتحدة”.
دعم الحكومة الجديدة:
أدت الانتخابات المبكرة في 10 تشرين الاول 2021، التي أعقبت عامين من الاحتجاجات، إلى جمود سياسي بعد فشل الفائز في الانتخابات مقتدى الصدر في تشكيل حكومة، وتنازله عن جميع مقاعد كتلته البرلمانية بعد ذلك. وبعد عام من المفاوضات، في تشرين الاول 2022، انتخب البرلمان العراقي عبد اللطيف رشيد رئيسًا، وتم منح الثقة للسوداني رئيسًا للوزراء، وسط هجمات صاروخية قرب مبنى البرلمان في بغداد. والسوداني هو مرشح “الإطار التنسيقي” المنافس الرئيس للصدر والمدعوم من إيران، والحكومة الجديدة هي ائتلاف من الشيعة والسنة والأكراد.
اتخذت إدارة بايدن خطوات تدريجية لبناء علاقات مع حكومة السوداني. وتحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن، برفقة العاهل الأردني الملك عبد الله، مع السوداني عبر الهاتف في وقت سابق من هذا الشهر. ويدرك كل من بايدن والسوداني أهمية العلاقة بين بلديهما، وقال حسين: “إنَّ إدارة بايدن كانت داعمة للحكومة الجديدة في العراق”.
في اجتماعاته في واشنطن، ناقش حسين والوفد المرافق له، موضوعات الاقتصاد والطاقة وتغير المناخ والسياسة الإقليمية. ووصف حسين اللقاءات بالإيجابية، وقال: “هناك الكثير من الدعم للحكومة العراقية ولعملية الديمقراطية في العراق”.
جذور المشكلة:
في كلمته الافتتاحية، سرد حسين تاريخ العراق الحديث، بداية من الإطاحة بنظام صدام قبل (20) عامًا، والغزو الأمريكي، والحرب ضد داعش، والشجار بين أعضاء الدول المصدرة للنفط والبترول (أوبك)، الذي أدى إلى انخفاض أسعار النفط ووباء COVID-19، وأوضح حسين أنَّ مشكلات العراق تعاني من مشكلات لها جذور”.
ومع ذلك، قال حسين: “إنَّ الوضع في العراق اليوم مختلف جدا”. ووصف الوضع الأمني بأنَّه “يسير على ما يرام”، وقال: “إنَّ الإرهابيين لم يعودوا يشكلون تهديدًا كبيرًا للمجتمع العراقي أو نظامه السياسي. وبالرغم من ذلك، يجب أن نكون مدركين بأنَّ الأمر لا يتعلق بالمقاتلين فقط، بل بالإيديولوجيا”. وقال حسين: “إنَّ دحر الإرهابيين أسهل من هزيمة الفكر”، مشيرًا إلى “أنَّ تحقيق هذا الهدف يتطلب هجومًا فكريًا مضاداً. إذ إنَّ عشرات الآلاف من النساء والأطفال في مخيم الهول في شمال شرق سوريا معرضون لفكر داعش، ويحتاجون إلى اهتمام عراقي وسوري ودولي مستمر”.
مصالح مشتركة مع الولايات المتحدة:
حدد فؤاد حسين بعض المساحات التي تتضمن مصالح مشتركة مع الولايات المتحدة، وهذه تتضمن معالجة تحديات الارهاب والتغير المناخي، كما ناقش اهمية الاستثمار في الغاز العراقي، وقال حسين: “الجميع يعرف العراق بلد نفطي، ولكن العراق ايضا بلد يحتوي على احتياطات غاز كبيرة”. وقال نائب رئيس الوزراء فؤاد حسين: “إنَّ مساعدة العراق في تطوير قطاع الغاز لن تعود بالنفع على العراق والاقتصاد العراقي فحسب، بل ستفيد الدول الأخرى أيضًا، بما في ذلك دول الغرب، وإنَّ الاقتصاد العراقي القوي سيفيد المنطقة كما يجذب الشركات الأمريكية”، ويمكن أن يساعد تطوير قطاع الغاز الحكومة العراقية على تلبية إحدى أولوياتها المتمثلة في توفير إمدادات كهربائية موثوقة للعراقيين، ولكن هذا سيستغرق عامين لتحقيقه، أما الآن فقد توقع حسين صيفاً صعباً ينتظر العراقيين”.
العلاقات الخارجية العراقية:
لقد تحولت بغداد إلى خلية نحل من النشاط الدبلوماسي. في الشهر الماضي فقط، قام مسؤولون كبار من روسيا وإيران والمملكة العربية السعودية والمغرب بزيارة العاصمة العراقية. وقال حسين: “إنَّه سيستضيف قريبا وزير الخارجية الإيراني، ونحن نفكر في مصالحنا في المقام الأول، المصالح الأمنية، والمصالح الاقتصادية، والمصالح السياسية، والمصالح الاستراتيجية، ثم نبني علاقاتنا وفق هذه المصالح”.
أكد حسين “على أنَّه من المستحيل تجاهل الصين، التي ترتبط مع العراق بعلاقة تجارية بقيمة (20) مليار دولار، كما أنَّ للعراق أيضًا علاقة طويلة الأمد مع روسيا”. وتعقدت علاقات العراق مع روسيا بسبب العقوبات الدولية المفروضة على الأخيرة ردًا على حربها في أوكرانيا. وقال حسين: “إنَّ العقوبات جعلت من المستحيل على العراق أن يدفع لشركائه الروس التجاريين”. وقال: “مسؤوليتنا هي حماية بنوكنا، وإنَّ العراق ناقش مأزقه مع المسؤولين الأمريكيين والروس”. وقال حسين: إنَّه في بعض الدول الشركاء التجاريين الآخرين، تركت روسيا أموالها في بنوك تلك الدول، ملمحًا إلى ترتيب مماثل للعراق”.
وأشار حسين إلى أنَّ العراق لديه علاقة جيدة مع الولايات المتحدة وأيضا مع إيران. وأقرَّ بالتوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وأعرب عن أمله في أن تستأنف واشنطن وطهران قريباً الحوار النووي الذي توقف في فيينا. وقال: “نقول للطرفين إنَّ التوترات بين البلدين ليست جيدة، على أي حال، بالنسبة لنا”.
رابط المقال الأصلي: