الكاتب: مايكل بريجنت. محلل استراتيجي امريكي وخبير استخباراتي مختص بالإرهاب والحركات الراديكالية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
الناشر: معهد هدسون
ترجمة: هبه عباس محمد علي
مراجعة وعرض: م. حسين باسم
استهل الكاتب في معرض مقاله توضيح مسألة ما هي الأمور التي تريد الولايات المتحدة من الحكومة العراقية ان تدركها، إذ ذكر بأن على الحكومة العراقية في بغداد معرفة ثلاثة أمور وهي ان إيران هي هدف واشنطن، وان وجود داعش أخطر من الوجود الأمريكي، وأخيرا، فإن البيت الأبيض على استعداد للتعامل مع داعش وإيران على حساب بغداد إذا واصلت الاخيرة موقفها المؤيد لطهران.
ومن جانبها كانت زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى أمريكا مليئة بالوعود من كلا الجانبين لكن لا يمكن ان نصفها بالواعدة لان ما تم الاتفاق عليه لا يمكن للكاظمي تحقيقه بسبب مجلس النواب الذي يسيطر عليه الموالون لطهران من السياسيين وقادة الفصائل المسلحة.
ثم استطرد الكاتب في وصف مفاد هذه الزيارة وتوضيح الوعود التي جرت خلالها وذكر “ومن هذه الوعود التركيز على محاربة “داعش” ومغادرة القوات الامريكية للعراق في الوقت الذي يصبح فيه قادرا على الدفاع عن نفسه والنهوض بالاقتصاد العراقي وعدم التطرق الى تهديد الفصائل العراقية وعدم قدرة الكاظمي على مواجهتها”.
أما مفاد هذه الزيارة فتتمثل في فرصة العراق من الاستفادة إذا استمر بإقامة علاقات قوية مع الولايات المتحدة، أو يمكن التخلي عنه بسرعة إذا استمرت بغداد في عدم فعل أي شيء بينما يستمر التدهور الأمني في الكشف عن واجهة السيادة وعراق ما بعد داعش. فالفصائل المرتبطة بطهران ماتزال موجودة ومن جانبه داعش يعيد سيطرته على المناطق التي انسحبت منها القوات الامريكية على طول الحدود العراقية السورية فيما تسيطر الفصائل المسلحة على القواعد العسكرية التي سلمتها القوات الامريكية للقوات العراقية وعلى الرغم من هذا لايزال معظم المحللين في واشنطن يقولون ان العراق أفضل مما كان عليه سابقاً.
وفيما يتعلق بالوجود الأمريكي في العراق، يذكر الكاتب بأنه سيستمر طالما هناك تواجد لداعش والفصائل المسلحة لان هذا الامر يشكل تهديدا للمنطقة بأسرها، ومن جانبهم يعتقد ويخشى بعض قادة الكتل الموالية لايران فضلا على الفصائل المسلحة بأن الولايات المتحدة تعيد تموضعها في المناطق التي تحظى فيها بدعم سني وكردي، وهو ما يجب ان يقلقوا بشأنه. إن بغداد أمام خيارين: أما ان تصبح مثل سوريا واليمن ولبنان او تصبح من اقوى الدول الاقتصادية في المنطقة وتربطها علاقات وثيقة بالولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وجيرانها العرب. لكن التدهور الأمني لن يسمح بتحقيق التطور الاقتصادي الذي اقترحته الولايات المتحدة خلال زيارة الكاظمي، وكان مفاد الرسالة الموجهة الى بغداد” هو ما يمكن ان يحدث إذا نأت بغداد بنفسها عن إيران وما يمكن ان تخسره إذا واصلت السماح بتحقيق ما ترغب به إيران”.
تستعد الشركات الامريكية للقيام بأمور في العراق من شأنها ان تُنهي اعتماده القسري على الطاقة الإيرانية الباهظة الثمن فضلا عن اكمال التحركات الأمريكية الرامية الى فرض عقوبات على إيران وانهاء الإعفاءات الممنوحة للعراق من اجل استخدام الغاز والكهرباء الإيرانية.
أما فيما يتعلق بالاستثمار الدولي في العراق فقد ذكر الكاتب قائلا: بالعودة إلى داعش والفصائل المدعومة من إيران، فكلتاهما ممكن أن تعرقل الاستثمار الدولي في العراق. إن العقود والاتفاقات المقترحة لن تبرم في ظل استمرار تهديد الفصائل المسلحة للمصالح الامريكية دون عقاب، وهذا في ظل عودة نشاط داعش في المناطق التي تم تطهيرها منه سابقا لان الفصائل المسلحة وقوات الأمن العراقية لا تركز عليه حاليا بما فيه الكفاية.
ويختتم الكاتب مقاله مُركزا حول العقوبات الممكن فرضها على إيران من قبل الأمم المتحدة في الفترة القادمة حيث يناقش آثارها على العراق قائلا:
وتعتقد واشنطن انه سيتعين على الأمم المتحدة إعادة فرض عقوبات على إيران الشهر المقبل ولا يمكن لأحد منع ذلك في حال خرق إيران لالتزامها بالملف النووي، وهناك انباء تشير الى خرق او محاولة خرق الاتفاق وبهذا لا يوجد خيار حقيقي لوقف الولايات المتحدة عن فرض عقوباتها. وهذا يعني عودة فرض جميع العقوبات التي تم رفعها عن إيران عام ٢٠١٥ وسيصبح العراق أكثر أهمية بالنسبة لإيران، وبذلك يتعين على بغداد قطع علاقاتها مع النظام المعزول، ولن تكون هناك تنازلات، فالولايات المتحدة سوف تنتهك إرادة الأمم المتحدة والعقوبات التي فرضتها على إيران إذا ما أفلت العراق من العقاب.
فاذا تم فرض عقوبات أمريكية ثانوية على بغداد لن تتمكن الفصائل المسلحة من الحصول على الأموال من الحكومة العراقية ولن تستطيع الأحزاب السياسية المرتبطة بطهران من شغل مناصب في البرلمان العراقي. إن الولايات المتحدة لا تتمكن من القيام بأعمال تجارية في عراق تتمتع فيه الأحزاب والفصائل المسلحة الموالية لإيران بالأولوية وهذه صفقة كبيرة ستغير الكثير.
ربما تعتقد بغداد وطهران ان بإمكانهما الانتظار لحين انتهاء فترة حكم ترامب، لكن إعادة فرض العقوبات ستدخل حيز التنفيذ قبل الانتخابات وتلحق الضرر بكلا البلدين، ليس لدى النظام الإيراني فرصة بشأن الفترة القادمة على العكس من بغداد التي تمتلك الفرصة على الرغم من سيطرة طهران.
إذا اختارت بغداد ان تقطع علاقتها بإيران عندئذ ستنأى بنفسها عن التداعيات الاقتصادية التي ستضرب النظام قبل الانتخابات الامريكية في تشرين الثاني، واذا اختارت ايران -على الرغم من معارضة الشعب- فأنها ستلحق الضرر بمصير العراق، وسيستمر ذلك حتى تتحول الحركة الاحتجاجية الى ثورة مسلحة.
https://www.hudson.org/research/16334-iraq-government-must-choose-between-us-and-iran-its-people-already-have