م. علي مراد النصراوي / مركز الدراسات الاستراتيجية / قسم ادارة الازمات
تعددت اسباب ومسببات الحرب الاخيرة على قطاع غزة فيما تعتبره اسرائيل بمثابة رد على الصواريخ التي اطلقتها الفصائل الفلسطينية باتجاه الاراضي الفلسطينية المحتلة ، الامر الذي دافعت عنه تلك الفصائل بأن اسرائيل هي من بدأت بعد سلسلة الاستفزازات حول المسجد الاقصى وقضية حي الشيخ جراح ذلك الحي المقدسي التي تعتزم اسرائيل بترحيل ساكنيه العرب بحجة وجود امر قضائي في ذلك في حين ان مصيره لايزال بيد المحكمة دون البت به وامتدت الاحتجاجات لأغلب المدن داخل الشريط الاخضر ، اضافة الى بقية الاراضي الفلسطينية المحتلة وحتى في غزة ورام الله ، وفي اعقاب تلك الصدامات شرعت الفصائل في غزة بأطلاق رشقات صاروخية وبالرغم من وجود منظومة القبة الحديدة الاسرائيلية التي تعمل على صد الهجمات الا ان البعض من تلك الصواريخ تمكنت من اجتيازها وربما هو تكتيك جديد ادخلته الفصائل الفلسطينية يعتمد على اطلاق دفعات صاروخية بعدد كبير وبوقت واحد وباتجاهات متعددة لتمويه وتقليل كفاءة منظومة الرصد والرادار في القبة الحديدية .
اما عن الجديد في هذه الحرب فهو التطور الملحوظ في القدرة الصاروخية لاسيما كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس وسرايا القدس والجهاد الاسلامي اذ لأول مرة اصبحت تلك الصواريخ تصل ال تل ابيب والنقب وبقية الاراضي الاسرائيلية ناهيك عن مناطق غلاف غزة التي قضى معظم سكانها ايام الحرب في الملاجئ ، اضافة الى تنوع تلك الصواريخ والتي بعضها يحمل رؤوس متفجرة تصل زنتها لأكثر من 400 كغم كما وان ادخال الطائرات المسيرة والتي استخدمتها حماس كانت من ادوات المواجهة الجديدة ، وبالرغم من ذلك فأن اسرائيل شنت الالاف من الغارات ادت الى قرابة ال250 ضحية وتنوعت ما بين الاطفال والنساء مع تدمير متعمد للبنى التحتية والمعامل والابراج السكنية وبعض المكاتب الاعلامية مما ادى لردود فعل شعبية محلية ودولية وحتى على مستوى المواقف الرسمية الدولية كان هناك تنديد واسع لاسيما تركيا وايران وبعض الدول العربية والاوربية ، اضافة الى ان الموقف الامريكي كان متذبذب بالرغم من ان تصريحات المسؤولين هناك اعطت الحق لإسرائيل للدفاع عن نفسها الا انها بالوقت ذاته دعت لأنهاء الحرب والتوصل لاتفاق طويل الامن وبعد اكثر من 10 ايام توقفت الحرب بوساطة مصرية قطرية ، وبالرغم من ان اسرائيل قد اعلنت ان العملية قد حققت اهدافها الا ان الواقع يثبت عكس ذلك ولأخر لحظة من بدء سريان الهدنة استمرت الصواريخ تتساقط على الاراضي الاسرائيلية كما وان الانفاق او كما تسميها اسرائيل مترو حماس لم يتضرر الا بنسب قليلة بحسب رئيس الحركة والتقارير التي نشرت ، اضافة الى ان اغلب الضحايا من المدنيين باستثناء عدد محدد جداً من كوادر المقاومة جرى اغتيالهم .
كذلك فأن تعاطف الشعوب في بلدان كثيرة لاسيما العربية منها قد اعاد احياء القضية الفلسطينية بعد موجة تطبيع شهدتها دول عربية وقد شاهدنا حجم التعاطف الشعبي والبعض من الشباب فد تمكن من الوصل للحدود كما في الاردن ولبنان في محاولة للعبور والالتحاق بصفوف المقاومة ، اما على الجانب الاسرائيلي فقد جملت احزاب المعارضة نتنياهو مسؤولية الاخفاق في توقع ترسانة حماس الصاروخية وعجز القبة الحديدية عن صد بعض الهجمات وعن الحرب الاخيرة التي لم تحقق كامل اهدافها ، وهذه الاعتراض قد اسهم في تشكيل تحالف سياسي ضم اكثر من 8 احزاب بينها يمينية ووسطية ويسارية وعربية ومن المتوقع ان يتمكن زعيم حزب “هناك مستقبل” يائير لبيد في تشكيل الحكومة الجديدة وعرضها على الكنيست لنيل الثقة بعد قرابة ال12 عام استمر نتنياهو بتولي رئاسة الحكومات المتعاقبة ، وربما حرب غزة الاخيرة كانت احدى اسباب تلك الاطاحة والتحالف الجديد .