الباحثة : م. هناء جبوري محمد
مركز الدراسات الاستراتيجية / جامعة كربلاء
18/ ايلول/ 2021
اسهم الاعلام في تجاوز الحدود السياسية بين الدول بفضل ثورة المعلومات التقنية وان يؤسس لعلاقة تفاعلية مع العلوم الاخرى ، من اجل بلورة فهم مشترك لظواهر الحياة المختلفة . تعرف الحملات الاعلامية بانها نشاطا اتصاليا مخططا ومنظما وخاضعا للمتابعة والتقويم ، تنفذه مؤسسات او مجموعات او افراد لمدة محددة ، لغرض تحقيق اهداف معينة بوساطة وسائل الاتصال المختلفة لتوجيه سلسلة من الرسائل الاتصالية باعتماد اساليب الاستمالة المؤثرة بشأن موضوع محدد يستهدف جمهورا كبيرا نسبيا . وتعني ايضا الجهود المكثفة والمستمرة لمدة زمنية للنشر المتواصل باعتماد اساليب الاتصال ووسائله لطرح موضوع معين ومناقشته لتحقيق هدف ما ، وغالبا ما تكون الحملة مع شيء او ضد الشيء ، من طريق الترويج لافكار سياسية او الترويج التثقيفي لبث افكار تؤثر في الرأي العام ومعتقداته ، واحيانا لاشراكه في قضية ما عبر توجيه الرسائل الاتصالية ومن ثم تلقي الآراء والمقترحات باعتماد الاتصال المزدوج ووسائله المتاحة .وقد تشتمل الحملات الاعلامية على مجموعة من التدابير والاستعدادات كالحملات السياسية والانتخابية والعلاقات العامة والاعلان وتوظيف وسائل الاتصال الجماهيري بوصفها فعالية اتصالية تستهدف تخطيط عمليات التأثير وادارتها في تصورات واتجاهات وانماط تفكير وسلوك جمهور او فئة ما نحو موضوعه محددة او شاملة ذات قيمة اجتماعية سائدة او تنمية افكار ومواقف ايدولوجية جديدة . ان اهمية وسائل الاعلام في الحملة الانتخابية تتضح من طريق السماح للناخبين لان يكونوا مطلعين بشكل جيد بشأن خياراتهم الانتخابية واتاحة الفرصة لمراقبة العملية الانتخابية فيما اذا كانت تجري بصورة حرة ونزيهة ، بوساطة نقل التقارير الاعلامية حول الاستراتيجات الاساسية التي تتبناها الكيانات السياسية للفوز باصوات الناخبين ، وهذا ما يطلق عليه اسم (القاعدة السياسية) او (نواة التصويت) ، فضلا عن مدى النجاح في جذب قاعدة سياسية جديدة مساندة لكسب اصوات ناخبين اخرين .
ان التقارير والاعلانات التي تتناقلها او تبثها وسائل الاعلام سواء أكانت الصحافة ام الاذاعة ام التلفزيون اصبحت ضرورية لإنجاح الحملات الانتخابية ، وفي بعض الدول تعتمد الكيانات السياسية على الزعماء والشخصيات البارزة لإبلاغ الجمهور عن كيفية التصويت نحو مرشح ما في ظل الحرية الشخصية التي يتميتع بها الناخب بعملية التصويت . وقد تهدف الاستراتيجية الاعلامية الموجهة نحو الناخبين الى التأثير في الجمهور كي يصوتوا نتيجة لما يشاهدوه ويسمعوه ويقرءوه حول المرشح للانتخابات ، فضلا عن محاولة فهم ما الذي تحاول الكيانات السياسية ان تفعله او تصل اليه عبر وسائل الاعلام المتعددة . اذ تتضمن اساليب التعبئة الجماهيرية للحملات الانتخابية خطبا عديدة وتجمعات حزبية ومؤتمرات صحفية ، فضلا عن اعتماد اساليب العلاقات العامة وانشطتها. وفي جميع هذه الحالات تقع على الاعلاميين مراعاة قيم الموضوعية الاخبارية عند تناولهم لحدث ما وان يضمنوا قصصهم الاخبارية معلومات عن كلمات المرشح ورسم الاجواء المكانية والزمانية التي القيت فيها الخطب ، وكذلك ردود افعال الجمهور الاعتياديين وتعليقات الخصوم السياسيين وكيف يمكن لهذه الخطب ان تؤثر في مسار عملية الانتخابات. وتمثل الاستطلاعات جانبا كبيرا من تغطية الحملات الانتخابية لإعداد التقارير عنها ، وقد تكون طرفا معقدا بعض الشيء لاستكشاف آراء الجمهور حول الانتخابات وتقدير عدد كم منهم يحملون الآراء نفسها ، وفي بعض الدول تعتمد الكيانات السياسية على استطلاعات الرأي العام للتعرف على ما يفكر به الجمهور تجاه المرشحين في الحملة الانتخابية ، وغالبا ما يتطلب الامر تغيير سياساتهم وكلماتهم استجابة لنتائج استطلاعات الرأي بقصد التأثير على اتجاهات الناخبين . فقد تعرف استطلاعات الرأي العام اسلوبا لمعرفة اتجاهات الجماهير وآارئها وافكارها ومعتقداتها عندما تسود المجتمع عقيدة ما او وجهة نظر معينة بالنسبة لموضوع ما ، باعتماد طريقتين الاولى (الاستفتاء) بمعنى الاستطلاع المباشر لرأي عينة من المجتمع ، والاخرى (الملاحظة) بمعنى الاستطلاع غير المباشر بوساطة ملاحظة سلوك الجمهور واحاديثهم وحركاتهم وانفعالاتهم وتحليلها . ومما تقدم نجد ان دور الاعلام في العصر الحديث واحدا من اكثر العوامل قوة وتأثير في الانتخابات داخل البلد وكيفية تقويمها من الخارج ، فقد تشكل تحديا كبيرا لوسائل الاعلام والصحفيين ولابد من معرفة ومراعاة القواعد والقوانين التي تنظم العملية الانتخابية . كما ان العلاقة التكاملية بين الديمقراطية والاعلام الحر ، ستساعد في ابقاء الانتخابات شفافة ونزيهة كما ان الحكومة المنتخبة بطريقة ديمقراطية ستتكفل بحماية الحريات الاعلامية .