الكاتب: جون بي الترمان مدير برنامج الشرق الأوسط في csis
الناشر: مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية csis.org
ترجمة: هبة عباس محمد علي
تحليل : م. علي مراد النصراوي
في الأيام الأولى لوباء كورونا، كنت اعتقد أنَّ القليل من دول الشرق الأوسط قادرة على وقف انتشار المرض، وأنَّها غير مستعدة لدرء خطر الخراب الاقتصادي الناجم عن تأثيره، فضلا عن إغراق المنطقة بحالة من الفوضى .
لكن بعد مرور عامين تقريبا، لم تعم الفوضى فيالمنطقة، وتداعياته السياسية قليلة نوعا ما. فقدتأثرت ايران بالوباء بشكل كبير وفي وقت مبكر، إذ كان معدل الإصابات فيها على مدى عدة أشهرالأعلى عالميا، فيما استمرت السلطات الإيرانية بالتقليل من حدة خطورة المرض، الامر الذي أعاقثقة الجمهور بأي استجابة سعت الحكومة الى حشدها، وفي العامين الماضيين، شهدت البلاد خمس موجات من الوفيات كل واحدة اكبر من سابقتها، ويرجع احد أسبابها الى عدم ثقة المواطنين باللقاحات المنتجة محلياً.
كان الاقتصاد الإيراني غير مستقر قبل جائحة كورونا، وانتاجها المحلي منخفض، وقد أدى الوباءالى تقليل الطلب العالمي على النفط وانخفاض أسعار الطاقة العالمية، لكن على الرغم من تعثر صادراتها من الطاقة بسبب العقوبات، لا تزال ايران تصدّر مئات الآلاف من براميل النفط يوميا الى الأسواق العالمية، وقد أدى انخفاض الأسعار الى تدهور الاقتصاد و وصول التضخم إلى حوالي (50 %) .
وفي الوقت الذي أجريت فيه الانتخابات الإيرانية، لم يخرج الشعب للمطالبة بوضع حد لتفشي فايروس كورونا، بل من اجل المطالبة بتوفير الماء والكهرباء وغيرها من متطلبات الحياة الأساسية، وقد أدت المشاركة القليلة في الانتخابات الى تشكيل حكومة مشكوك بقربها من الغرب، الامر الذي نتج عنه تراجع الضغط على تنفيذ العقوبات، فيما أدى الوباء الى تعميق محنة الإيرانيين بشكل كبير ، ولم يسفر عنه أي رد فعل سياسي.
أما (إسرائيل) فقد كانت حريصة وبشكل كبير على صحة مواطنيها، إذ ابرم الرئيس نتنياهو اتفاقا مع شركةpfizer لتأمين اللقاحات للإسرائيليين، وبهذا كانت هي الدولة الأولى التي قامت بتلقيح أغلبية سكانها، وعودة الحياة إلى طبيعتها في ربيع عام ٢٠٢١، لكن يبدو أنّ التأثير السياسي للوباء قليل جدا، وتأمين اللقاح لم يؤدِ إلى فوز نتنياهو في انتخابات آذار ٢٠١٢.
وعندما تكون السياسة أقل انفتاحا، يمكن للدول تحويل الوباء لمصلحتها، كما حدث مع دول الخليج التي قامت بتوفير اللقاح، وتقييد الحركة، عن طريقالتطبيقات الذكية التي تكشف عن حالة اللقاح،وموقع المستخدم، وفي ظل ذلك قامت بتطوير اقتصادها.
فيما تمثل تونس حالة اكثر تعقيداً، اذ عمق الوباء من الضائقة الاقتصادية خلال صيف ٢٠١٢، واسهم بانتقاد أعضاء البرلمان واتهامهم بالسعي وراء المصالح الشخصية فقط، وعدم القدرة على مواجهة التحديات التي تمر بها البلاد، ومن جانبه استغل الرئيس التونسي قيس سعيد السخط الشعبي من اجل اقالة البرلمان، والمطالبة بتشكيل دستور جديد،ويبدو انه يحظى بدعم شعبي واسع .
ومن الحالات الأكثر تعقيدا، والدول الأكثر غموضا في المنطقة، هي: سوريا واليمن و ليبيا؛ إذ تفتقر إلى السيطرة على مساحات واسعة من أراضيها، ويمكن أن يكون تحقيق الرعاية الصحية مجرد امر مصادف، وقد استخدم المقاتلون فيها اللقاح كأداة سياسية. ومع ذلك هناك ادلة تثبت أن العنف اخطر على الصحة من الأوبئة، التي لم تغير من طبيعة هذه الصراعات .
ويرجع الفضل في عدم تأثر اقتصادات الدول بالوباء بشكل كبير ، إلى سيطرة محافظي البنوك المركزية الذين تمكنوا من الحفاظ عليها في ظل تراجع النشاط الاقتصادي. ويشعر سكان الشرق الأوسط ان جهود التغيير السياسي عام ٢٠١١ أدت الى نتائج عكسية، فضلا عن الأداء الباهت للحكومات الغربية غير القادرة على إيقاف موجات الوباء القادمة منها .
يبدو أنّ حكومات الشرق الأوسط اليوم تبدو اكثر مهارة في توحيد بلدانها خوفا مما قد يحدث، وقد يخدم هذا الامر المصالح الحكومية على المدىالقريب، لكنه لا يخدم المصالح العامة على المدىالبعيد .
التحليل :
يسرد الكاتب خطورة وباء كورونا الذي اضر بغالبية الحركة الاقتصادية في كثير من الدول، لاسيما في عام 2020 وما نتج عنها من احترازات الدول، اما في الشرق الاوسط فكانت الحالة ربما اقل ضرراً،والامر يعود لطبيعة الاقتصاد، وسيطرة الحكومات بشكل كبير على معظم مفاصل الدولة، اما بالنسبة لإيران ففي بداية انتشار الوباء، كما هي بعض الدول، لم تتخذ اجراءات وقائية تتناسب وحجم خطورة الوباء، الامر الذي جعل تلك الدول تخسر الكثير من الضحايا فضلا عن الخسائر المادية، وحتى موضوع اللقاح فقد يوجه البعض سهام النقد لغياب العدالة في توزيعه، لاسيما هناك دول فقيرة ليس بمقدورها شراء الجرعات الكافية لشعوبها، كما أنّ خطورة المتحورات تبقى تشكل تهديداً للصحة العالمية، وحسب المتخصصين فإن خطر الوباء قد يبقى ملازماً للوضع العام وعلى الدول التعايش معه .
https://www.csis.org/analysis/getting-pandemic-completely-wrong