م. سعد محمد حسن
مركز الدراسات الاستراتيجية/ قسم إدارة الأزمات
فبراير/ 2023
أثارت الدعوة إلى إعادة مجالس المحافظات جدلًا واسعًا بين الرافضين لعودتها وبين المؤيدين لها, فهناك إصرار من قبل أغلب القوى السياسية، إلى عودتها بالرغم من الرفض الشعبي لها، بحجة إنَّها مادة دستورية وإنَّ الاستمرار بتجميدها من قبل مجلس النواب في دورته السابقة، يعد مخالفة دستورية وإضرارًا بالنظام اللامركزي، وتفرد المحافظين في إدارة المحافظات.
الرفض الشعبي:
إنَّ الدعوة إلى حل هذه المجالس وإنهاء وجودها، كان من أبرز مطالب الاحتجاجات الشعبية في تشرين عام 2019، وقد تجاوب البرلمان العراقي في حينها عن طريق إصداره قراراً بوقف عمل تلك المجالس، وجميع التشكيلات المحلية المتصلة بها، غير أنَّ هذا لم يمنع أعضاءها من تقديم طعن أمام المحكمة الاتحادية بهذا القرار. ويرى البعض أنَّ سبب الرفض لها تمثل بالآتي:
نقل نظام المحاصصة من الوزارات إلى المحافظات، التي أصبحت مورداً للمكاتب الاقتصادية للأحزاب.
أضعف جودة تقديم الخدمات للمواطنين.
عرقلة الكثير من المشاريع الاستثمارية والخدمية.
تكريس النزاعات والصراعات السياسية داخل المحافظات.
هدر المال العام بشكل كبير على المشاريع الوهمية.
المحكمة الاتحادية:
قضت في أول قرار لها، بعد تعديل قانونها واختيار قضاة جدد لها، في الثاني من مايو (أيار) الماضي، بعدم دستورية استمرار عمل مجالس المحافظات, لتجاوزها المدة الدستورية المنصوص عليها في الدستور وهي أربع سنوات، إذ جرت آخر انتخابات للمجالس في 2013, وكان من المفترض إجراء انتخابات جديدة في 2017. ووفقاً للمادة (93) من الدستور العراقي، فإنَّ اختصاصات المحكمة الأساسية، هي الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، وتفسير النصوص الدستورية، والفصل في القضايا التي تنشأ من تطبيق القوانين، والتعليمات الصادرة من السلطة الاتحادية، والفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات. وتنص المادة (126) أولاً من الدستور العراقي الخاصة بالتعديلات الدستورية، على حق رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين أو خُمس أعضاء مجلس النواب، اقتراح تعديل الدستور. فيما نصت الفقرة الثانية من المادة على عدم جواز تعديل المبادئ الأساسية الواردة في الباب الأول، والحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور، إلا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين، وبناء على موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام. وإنَّ إلغاء المجالس المحلية “يتطلب تعديلاً دستورياً، وكانت هناك لجنة تبحث المواد الممكن تعديلها، إلا أنَّها لم تتوصل إلى نتائج”، لافتاً إلى وجود “قناعة سياسية” بأنَّ مجالس المحافظات “فشلت بالعراق”.
دستوريتها:
على الرغم من وجود مطالبات بإلغاء مجالس المحافظات، إلا أنَّ هذه المطالبات تصطدم بالدستور ورغبة بعض الكتل السياسية في بقائها، لأنها مستفيدة منها، ويعتقد أنَّ إلغاءها مساس باللامركزية التي بني عليها النظام الإداري في العراق. ويرى البعض أنَّ “القوى السياسية أدركت جيداً ضرورة وجود مجالس المحافظات، من أجل مراقبة العمل والأداء للحكومات المحلية، فلا يمكن بقاء هذه الحكومات بلا رقابة ومحاسبة، لاسيما مع وجود إخفاقات وشبهات بعمل بعض المحافظين طوال السنوات السابقة، لذا يرى المتخصصون بضرورة إجراء التعديلات الدستورية الخاصة بموضوع مجالس المحافظات.
وفي الختام إذا كان اصرار القوى السياسية على عودتها بحجة تجميدها أو إلغائها مخالفة دستورية واضرار بالنظام اللامركزي؛ إذًا لماذا لا يتم العمل بمجلس الاتحاد على الرغم من كونه يعد مخالفة دستورية, بالإضافة إلى ذلك فإنَّ أغلب القوى السياسية الحالية، وفي مناسبات عديدة خالفت الدستور. كما نعتقد أنَّ المحافظات استطاعت في فترة وجيزة وبأموال محدودة، أن تقدم منجزات في المجال الخدمي أفضل بكثير ممّا كانت عليه مع وجود تلك المجالس. فضلا عن ذلك فإنَّ الإصرار على عودتها، هو استفزاز وتحدٍ لإرادة غالبية الشعب العراقي، الذي عبَّر ولا يزال يعبر عن رفضه لها. كما نعتقد أنَّها ستكون بوابة لمكاسب اقتصادية لتلك القوى المطالب بعودتها.
مؤيد الطرفي:
https://www.independentarabia.com
عادل النواب:
https://www.alaraby.co.uk/politics
مجالس المحافظات بين الرفض الشعبي ودستورية وجودها
التعليقات على مجالس المحافظات بين الرفض الشعبي ودستورية وجودها مغلقة