الكاتب: م.م. علي حمد عاجل
باحث في قسم الدراسات السياسية
كانون الأول/ 2023
صوَّت مجلس النواب العراقي في شهر آذار الماضي، على إجراء انتخابات مجالس المحافظات بتاريخ 06\11\2023 , وأجرى مجلس الوزراء تعديلًا على تاريخ إجراء الانتخابات المحلية، ليصبح الموعد الأخير لإجرائها هو 18\12\2023. جاءت هذه الانتخابات بعد انقطاع دام عشر سنوات من تاريخ إجرائها آخر مرة, وبهذا تصبح أول انتخابات مجالس محلية تجري في العراق بعد عام 2013, وقبل ذلك أجريت انتخابات مجالس المحافظات في عام 2009 فقط. يذكر ، كان من المقرر إجراء الانتخابات المحلية في العام 2018, تزامنَا مع الانتخابات البرلمانية في وقتها، لكنها أجلت أكثر من مرة , على اثر الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة، التي وصلت ذروتها في نوفمبر عام 2019, والتي أجبرت البرلمان العراقي في وقتها على حل تلك المجالس والتصويت على إنهاء عملها, وهو الذي كان من بين أهم مطالب المتظاهرين وأبرزها, لاتهامها بالفساد والارتهان للأجندات الحزبية والسياسية على حد قولهم.
وفق القانون الجديد رقم 4 لسنة 2023 التعديل الثالث، الخاص بانتخابات مجلس النواب العراقي ومجالس المحافظات والأقضية رقم 12 لسنة2018، يتم توزيع المقاعد لمجالس المحافظات العراقية بين المحافظات حسب عدد السكان، والبالغة (15) محافظة باستثناء محافظات إقليم كردستان.
تمتلك مجالس المحافظات بحسب الدستور العراقي صلاحيات واسعة, فهي لاتخضع لسيطرة أو إشراف أي وزارة أو جهة غير مرتبطة بوزارة, وتتمتع بصلاحيات مالية وإدارية واسعة, فضلاً عن أنَّ مجالس المحافظات المنتخبة تتولى مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين, ويمتلك هؤلاء صلاحيات الإقالة والتعيين وإقرار خطة المشاريع، وفقاً للموازنة الاتحادية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية.
تنقسم الآراء في الشارع العراقي بين مُؤيد للانتخابات ومعارض, إذ يرى الأول أنَّها تعمق من اللامركزية الإدارية، وتسهم اسهامًا كبيرًا في تنمية المحافظات وتطويرها خدميًا. في حين يرى الأخير أنَّها حلقة زائدة، كونها مجرد مجالس مترهلة ومرتهنة للكيانات السياسية. لم تقف هذه الآراء على المستوى الشعبي، بل اخذت بعض الأحزاب السياسية تدعو لمقاطعة الانتخابات، يأتي في مقدمتها حركة وعي، التي أعلنت عبر مؤتمر صحفي مقاطعة الانتخابات المحلية. لم يستمر الأمر طويلاً حتى أعلن السيد مقتدى الصدر مقاطعة الانتخابات المحلية, في الوقت الذي تستعد فيه الكتل والأحزاب السياسية للمنافسة في العملية الانتخابية. وفي ظل دعوات المشاركة والمقاطعة في العملية الانتخابية, يبقى المشهد السياسي المحلي في العراق مربكًا, لاسيما مع وجود عدد مهول من الأحزاب والحركات السياسية التي تستعد لخوض السباق الانتخابي، لذلك فإنَّ نتائج هذه الانتخابات ستخلّف تأثيراً كبيراً على المشهد السياسي في محافظات الوسط والجنوب, واختلال التوازن المكواناتي في المحافظات ذات الطبيعة المكوناتية المختلطة, لاسيما أنَّ سيناريو التأجيل أصبح مستبعدًا، بعد أن أوشكت حملات الدعاية الانتخابية على نهايتها, إلا أنَّ هاجس القلق من اندلاع أي فوضى تسبق عملية الانتخابات، يبقى هو سيد الموقف, مع علم الجهات التي تقاطع الانتخابات، أنَّ مقاطعتهم لم تمنع من إجراء الانتخابات، ولا تؤثر في شرعيتها.