التخطيط الاستراتيجي وأهميته في بناء فريق العمل الجيد

      التعليقات على التخطيط الاستراتيجي وأهميته في بناء فريق العمل الجيد مغلقة

م.م. علي زكي كامل

مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء

قسم الدراسات القانونية

نيسان/ 2024
تؤدي فرق التخطيط الاستراتيجي دورًا حاسمًا، عندما يتعلق الأمر بتنشيط المؤسسة، وعمل خطوط القيادة، فهذه الفرق هي أساس أي مبادرة ناجحة، وتوفر بيئة تعاونية للإدارة والموظفين والقادة جميعًا، للعمل معًا لتحقيق أي هدف مشترك، إذ تكمن أهمية بناء فريق تخطيط استراتيجي قوي، والصفات التي يجب البحث عنها في أعضاء الفريق، والالتزام المطلوب لتحقيق النجاح.
فالتخطيط الاستراتيجي هو عملية يحدد فيها قادة المؤسسة أو المنظمة رؤيتهم للمستقبل، ويحددون أهداف المؤسسة وغاياتها بصورة عامة، وتتضمن العملية تحديد التسلسل الذي يجب أن تتحقق فيه تلك الأهداف، حتى تتمكن إدارة المؤسسة من الوصول إلى رؤيتها المعلنة في تحقيق الأهداف المرسومة.

اولًا- أهمية التخطيط الاستراتيجي:

تحتاج المؤسسات إلى التوجيه، والأهداف التنظيمية للعمل على تحقيقها، إذ يقدم التخطيط الاستراتيجي هذا النوع من التوجيه. في الأساس الخطة الاستراتيجية هي خريطة طريق للوصول إلى أهداف العمل، وبدون هذا التوجيه، لا توجد طريقة لمعرفة ما إذا كانت الشركة، تسير على الطريق الصحيح لتحقيق أهدافها.

ثانيًا- أهمية الفريق الاستراتيجي في المؤسسة:

يعد إنشاء فريق تخطيط استراتيجي أمرًا ضروريًا، لتطوير مسار صحيح للأمام في المؤسسات. فعندما يحاول المدير أو القائد، تقديم رؤية جريئة للمستقبل من جانب واحد، فإنَّه غالبًا ما يفشل في جذب الاهتمام، إذ يحتاج الناس إلى الشعور بأنَّ لديهم ملكية في هذه العملية، وأنَّهم شاركوا بنشاط في تشكيل الرؤية. وعن طريق منح القادة صوتًا، وفرصة للمشاركة في تشكيل الرؤية، عندها ستخلق إحساسًا بالملكية، يمتد إلى ما هو أبعد من الفريق نفسه، لأنَّ إشراك فريق التخطيط الاستراتيجي، يؤدي أيضًا إلى بناء الثقة والمصداقية مع الجماعة بأكملها. فعندما يقوم أعضاء الفريق، الذين يحظون باحترام أقرانهم، وثقتهم، بدور نشط في توصيل التغييرات، وتنفيذها، إذ يصبح من الصعب على الآخرين، تجاهل الرؤية أو رفضها، ويتم ذلك عن طريق مجالات نفوذ عضو الفريق داخل المؤسسة، فضلا عن ذلك، فعن طريق إشراك الفريق في عملية التخطيط الاستراتيجي، تصبح الرؤية مرتبطة بالمؤسسة ككل، وليس بالمدير فقط، وهذا ما يساعد على تجنب التصور، بأنَّ الرؤية هي فقط فكرة المدير، ويضمن أنَّ المؤسسة تمتلك بشكل جماعي، الاتجاه الذي يتم اتخاذه وتدعيمه بصورة عامة.

ثالثًا- صفات أعضاء الفريق:

عند اختيار أشخاص ليكونوا جزءًا من فريق التخطيط الاستراتيجي الخاص بالمؤسسة، يكون البحث عن قادة محترمين ومعروفين في المؤسسة، يتمتعون بالنضج الروحي والإداري والقيادي اللازم، لإدارة العمل بصورة تعاونية مع الجميع، دون تمييز وعنصرية، إذ قد يحمل هؤلاء الأشخاص أو لا يحملون، ألقابًا قيادية رسمية، لكن يتم الاعتراف بهم كقادة من قبل الجماعة، والإدارات العليا في المؤسسات، إذ إنَّ البحث يكون عن الأفراد ذوي النظرة الإيجابية للمستقبل، لأنَّ سلوكهم سيسهم في تحسين الجو العام لفريق العمل.

من المهم ضمّ أعضاء الفريق، الذين يقدمون وجهات نظر متنوعة، ومستعدون للمشاركة في مناقشات صحية، في حين تريد أشخاصًا يمكنهم تحدي الأفكار، وتقديم وجهات نظر بديلة، فيجب أن يكونوا أيضًا قادرين على العمل بشكل تعاوني، لتحقيق هدف مشترك، وتجنب اختيار الأفراد الذين يكونون سلبيين باستمرار، أو معارضين للتغيير، لأنَّهم قد يعيقون تقدم الفريق.

رابعًا- تكوين الفريق:

الحجم الأمثل لفريق التخطيط الاستراتيجي، هو ما بين (12) إلى (15) عضوًا، ومع ذلك إذا كانت المؤسسة تضم أقل من (75) شخصًا وأكثر، فقد تحتاج إلى تعديل حجم الفريق وفقًا لذلك، لأنَّ الهدف هو أن يكون لديك فريق قوي من الأفراد الملتزمين، بدلاً من الوصول إلى رقم عشوائي، دون جدوى تحقق لإنجاز العمل في أي مؤسسة كانت، فعند تجميع فريقك، استهدف شريحة واسعة من العاملين في المؤسسة، لتشمل الرجال والنساء على السواء، وتسعى إلى التمثيل من مختلف الفئات العمرية. في حين أنَّ التمثيل النسبي الدقيق ليس ضروريًا، فإنَّ وجود فريق متنوع، سيضمن أخذ وجهات النظر المختلفة في الاعتبار، في أثناء عملية التخطيط، إذ يجب أن يتكون فريق التخطيط الاستراتيجي الخاص بك، من مزيج من القادة، والموظفين، والمتطوعين، وأعضاء مجلس الإدارة للمؤسسة، ويتيح هذا المزيج مجموعة شاملة من الخبرات، ووجهات النظر، ومع ذلك يجب الحذر من عدم السماح، لمجموعة واحدة بالسيطرة على الفريق، مثل مجلس الإدارة، لكون في بعض الاحيان تكون هناك قرارات شخصية وغير مدروسة، لأسباب تكاد أن تكون غير مبنية على دلائل تخص العمل، أو الأفراد، والقادة العاملين في المؤسسات، ومن الضروري أن يكون هناك توازن بين الأصوات والأدوار داخل الفريق.

خامسًا- الالتزام والتوقعات:

يتطلب كونك جزءًا من فريق التخطيط الاستراتيجي، التزامًا كبيرًا من كل عضو، عندما تعمل المؤسسة مع دليل مجموعة، فيُطلب من أعضاء الفريق أولاً، المشاركة في تحليل خدمة المؤسسة، وهو تقييم عبر الإنترنت، يقيم جوانب مختلفة من الوضع الحالي للمؤسسة، وطريقة المشاركة أيضًا في الدورات التدريبية، والتخطيط لعطلات نهاية الأسبوع، الأمر الذي سيتطلب تخصيص وقت خارج أنشطة المؤسسة العادية. وخلال مرحلة التنفيذ، سيجتمع الفريق بانتظام، عادةً مرة واحدة في الشهر، لمدة ساعتين تقريبًا، إذ تعدّ هذه الاجتماعات حاسمة، لرصد التقدم، ومواجهة التحديات، وإجراء التعديلات اللازمة على الخطة بين الاجتماعات، إذ يُتوقع من أعضاء الفريق، المشاركة في العمل المستمر، ومتابعة المهام المعينة.

ويبلغ إجمالي الالتزام لعضو فريق التخطيط الاستراتيجي حوالي (15) شهرًا، منها (12) شهرًا مخصصة لمرحلة التنفيذ، في حين أنَّ هذا قد يبدو استثمارًا كبيرًا للوقت، إلا أنَّه من المهم إدراك الفوائد طويلة المدى للمؤسسة، إذ تضع عملية التخطيط الاستراتيجي، الأساس للتغيير الإيجابي، والنجاح المستقبلي للمؤسسة.

ومن الضروري أن يفهم أعضاء الفريق المحتملون، الالتزام المطلوب قبل قبول الدعوة للانضمام إلى الفريق، في حين أنَّ ظروف الحياة قد تتطلب في بعض الأحيان، إجراء تغييرات في تكوين الفريق، فإنَّ وجود مجموعة أساسية من الأفراد المتفانين، أمر حيوي لنجاح عملية التخطيط الاستراتيجي.

سادسًا- فوائد عملية التخطيط الاستراتيجي:

يمكن أن يؤدي الانخراط في عملية التخطيط الاستراتيجي مع فريق متخصص، إلى تحقيق فوائد كبيرة للمؤسسة في غضون عام، إذ يمكن توقع رؤية تغييرات إيجابية، وتقدم ملموس نحو الأهداف المستقبلية، في حين أنَّه من غير الواقعي، توقع تحول كامل، أو نمو هائل في مثل هذا الوقت القصير، فإنَّ الأساس الذي تم وضعه خلال عملية التخطيط الاستراتيجي، يهيئ المؤسسة لتحقيق النجاح في المستقبل. فإنَّ أحد الجوانب الأكثر مكافأة، لأي جزء من فريق التخطيط الاستراتيجي، هو مشاهدة ثمار عمل المؤسسة، يتطور بنحو سريع ومستمر، وبصورة ايجابية. وبينما تقوم المؤسسة بتنفيذ الخطط، والمبادرات التي وضعها الفريق، يمكن للأعضاء النظر إلى الوراء، ورؤية التأثير الإيجابي لجهود العاملين في المؤسسات، إذ يعزز هذا الشعور بالإنجاز والملكية، ارتباطًا أعمق بالمؤسسة ورسالتها.

وعليه يعد بناء فريق تخطيط استراتيجي قوي، أمرًا بالغ الأهمية، لنجاح أي مبادرة لتنشيط المؤسسة، أو خط أنابيب القيادة، عن طريق تجميع مجموعة متنوعة من القادة الجيدين، حينها يمكن إنشاء بيئة تعاونية، تعزز الملكية والثقة والمصداقية داخل الجماعة، وتوفر عملية التخطيط الاستراتيجي، منهجًا منظمًا لتطوير رؤية تتوافق مع رسالة المؤسسة وقيمها، وتنفيذها.

كمدير أو قائد لمؤسسة، من المهم أن تتذكر أنَّه ليس عليك معالجة هذه العملية بمفردك، أحط نفسك بفريق متخصص من الأفراد، الذين يقدمون وجهات نظر، ومهارات، وخبرات فريدة، إلى الطاولة معًا. فيمكن إذاً التنقل بين التحديات والفرص، التي تنشأ خلال رحلة التخطيط الاستراتيجي.