اقتصاديات العمل وإشكاليات الوظيفة الحكومية

      التعليقات على اقتصاديات العمل وإشكاليات الوظيفة الحكومية مغلقة

د. فراس الصفار/ قسم إدارة الازمات

م. مؤيد جبار حسن/ قسم الدراسات الدولية

مركز الدراسات الاسترتيجة / جامعة كربلاء

14 نيسان 2021

 

اقتصاديات العمل

تعـنى اقتصـاديات العمـل بدراسـة طـريقة أداء سـوق العمـل وتنميـتها وسلوك أصحاب العمل والعمال في استجابتهم للحوافز العامة للأجور والأسعار والأرباح ، والأوجه غير النقدية لعلاقات العمل. وتمثل علاقـات العمـل واحـدة من أهم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية في حياة الشعوب لذلك فإن فهم اقتصاد العمل هام لنفهم مجموعة كبيرة مــن الأحــداث والسياســات والــبرامج الاقتصــادية والاجتماعــية والتعليمية. كمـا يهـتم اقتصـاد العمـل بالعلاقـة بـين الأجور وفرص العمالة والتفاعل بين الأجـور والدخـل وقـرار الأقـدام عـلى العمـل أو خـيار الوظيفة أو الهجــرة ، وكذلــك العلاقــة بــين الأجــور والخصــائص غــير المــرغوبة  للوظـيفة ، والعلاقـة بـين التعلـيم والانتاجية، وأثـر اتحـادات العمـال في الأجور والانتاجية ومعدل تغيير العمل. ويهــتم الاختصــاص أيضــاً بالسياســات الاجتماعــية في مجال العمل كتشـريعات الحـد الادنى للأجور والعمل الاضافي ومعاشات التقاعد وشـــروط الصـــحة والســـلامة المهنـــية والضـــرائب وتـــأمين الـــبطالة وسياسات الهجرة …الخ.

يمكن تعريف العمل بأنه المجهود الإرادي الواعي الذي يستهدف منه الإنسان إنتاج السلع والخدمات لإشباع حاجاته، ومن هذا التعريف يتضح لنا أن مجهود الحيوانات أو مجهود الإنسان بغير هدف لا يعتبر عملا. اما سوق العمل فيمثل المؤسسـة التنظيمـية الاقتصـادية الـتي يـتفاعل فـيها عـرض العمـل والطلـب علـيه، أي يـتم فـيها بـيع خدمـات العمـل وشـراؤها (ومن ثم تسـعير خدمـات العمـل). وسـوق العمـل مـثل أي سـوق، تتضـمن بـائعين ومشـترين وقواعـد وأسـعار..، فإنهـا تمتاز بعدد من الخصائص منها:

  • خدمات العمل تؤجر ولاتباع
  • خدمات العمل لا يمكن فصلها عن العامل
  • ظــروف العمــل لا تقــل عــن الســعر(الأجــر) في تفســير قــرارات العــرض والطلب عليه.
  • الطلــب عــلى العمــل طلــب مشــتق أي هــو طلــب مــن أجــل انتاج ســلع وخدمات يتم بيعها.
  • كـثرة المؤسسـات والتشـريعات التي تحدد وتنظم آلية عمل السوق (اضافة إلى الحكومة فثمة مؤسسات تؤمن الاتصال بين المشترين والبائعين لخدمات العمل وتحث على تبادل المعلومات واجراء التعاقدات.
  • ويـتم في السوق تخصيص الموارد البشرية للوظائف عند معدلات أجر محـددة. وإن تخصـيص الأفـراد للوظـائف لـيس حاجـة فـردية فقـط (العـامل ورب العمـل) بـل ومجتمعـية أيضـاً حيـث يتم تخصيص الموارد البشرية بين المنشآت والصناعات والمهن والأقاليم.
  • ويـتحدد نتيجة لنشـاط السـوق (العـرض والطلـب حسـب المهارات والتعليم وفي اطار البنى والأقسام والتشريعات) عدد من العناصر:
  • حجم التشغيل وتركيبه
  • مستوى البطالة
  • مُستويات الأجور

ويطلـق مصـطلح القـوى العاملـة عـلى جمـيعا لأفـراد العـاملين أو الذيـن يرغـبون في العمـل بأجـر. أمـا الأفـراد الذيـن لا يعملـون بأجـر ولكنهم يرغـبون بالعمل فهم المتعطلون. أما الأفراد الذين لا يعملون ولا يبحثون عـن عمل أو لا ينتظرون العودة لوظائف عمل توقفوا عنها بصفة مؤقتة ، فهم لا يعتبرون جزءاً من القوى العاملة.

يعتـبر الأجـر ثمـن سلعة العمل التي يقدمها العامل إلى رب العمل من خلال عملية الانتاج. والعمـل عنصـر مـن عناصـر الانتاج وينطـبق علـيه معظـم خصائص التعويض التي تسري على العناصر الأخرى (العرض والطلب والسعر). إلا أنه يتميز مع ذلك بخصائص خاصة منها:

  • العمل متجسد في العامل لا ينفصل عنه.
  • العمـل سـريع الفـناء فمـالم يستعمل في وقته ضاع إلى الأبد (سلعة غير قابلة للتخزين)
  • قــوة الــتفاوض غــير متكافــئة بــين العــامل ورب العمــل (يعوضــها جزئــيا الاتحادات وتدخل الدولة).

إشكاليات الوظيفة الحكومية

سعت حكومة صدام حسين السابقة الى استقدام العمالة العربية الى السوق العراقية لتغطية النقص الحاصل في اليد العاملة اثناء الحرب العراقية الإيرانية ثمانينات القرن الماضي، وهذا الاجراء خلق مشاكل اقتصادية واجتماعية واخلاقية.

وخلال مدة الحصار الاقتصادي الجائر على الشعب العراقي، انحدر قطاع العمل بكلا كفتيه الحكومي والخاص، اذ في القطاع الحكومي، تهاوت قيمة الراتب الموظف الى اقل من 3 دولارات ، مما أدى الى الزهد بالوظيفة الحكومية واتجاه الأغلبية الى العمل الحر رغم صعوبات السوق وتضخم العملة .

بعد تغيير النظام ، على اثر العمليات العسكرية الامريكية –البريطانية، سادت حالة من الغموض بسبب عدم وضوح التوجه الاقتصادي للدولة الجديدة، لكن مع تصاعد الإرهاب والخلافات السياسية وعدم استقرار الساحة العراقية ، قامت اغلب الشركات الأجنبية التي دخلت البلاد بالانسحاب منه ، فرأس المال الجبان لا يغامر به هنا. لذا أصبحت الوظيفة الحكومية هي الوسيلة الوحيدة امام الشباب، سواء من الخريجين الذين تراكمت اعدادهم بعد السقوط او من لا يملك مؤهل علمي، للحصول على دخل ثابت، نوعا ما، وقبول مجتمعي.

ان قيام  السلطة (بنفخ)الطبقة الوسطى او خلقها من العدم ، عبر ضخ واردات النفط عبر رواتب ومخصصات وقروض، له ما يبرره . فعملية صنع  طبقة من المنتفعين والتابعين للحكومة ، والخاضعين لها ، لها إيجابيات لمن يمسك بزمام الأمور ، منها انه قد إمن شرهم وضمن ولائهم او على اقل تقدير عدم احتجاجهم وثورتهم عليه.

ان ما قامت به الجمهوريات المتعاقبة ، من اعتماد البترول ثروة وحيدة للبلاد، وقولبت النظام الاقتصادي والاجتماعي طبقا لها ، كان له اثار كارثية ، أدخلت البلاد في نفق الديكتاتوريات واوصلته الى اعلى مستويات الفساد ، بفضل الاعتمادية والرعاية الابوية للحاكم ومفهوم الراعي والرعية ، بعيدا عن دولة المواطنة والقانون الحقة.