الكاتبان :هومي كاراس، ميغان دولي
الناشر: معهد بروكينغز
ترجمة:هبه عباس محمد علي
على الرغم من معرفتنا بالتأثير الخطير لفايروس كورونا على الاقتصاد وما شهدته البلدان المتطورة والنامية على حد سواء من ارتفاع معدلات البطالة والتراجع الاقتصادي و انخفاض معدل الاستثمار و الصادرات وعدم ثبات سعر الدولار، لكن لا يمكننا معرفة التأثير الكامل للفايروس على الفقر الا بعد مرور عام او عامين ، وبالمقابل نحن نعلم جيدا ان النمو الاقتصادي هو المحرك الأكبر للحد من الفقر ويسهم الركود الاقتصادي بزيادة الفقر فضلا على العوامل الأخرى. ومن جانبها أسست العديد من البلدان برنامج اجتماعي للتخفيف من الصدمات الاقتصادية ، اذ انفقت الدول ذات الاقتصادات المتقدمة تريليونات من الدعم المالي المباشر وغير المباشر ، أي مايعادل ٢٨% من الناتج المحلي الإجمالي ، فيما انفقت الدول ذات الاقتصادات النامية حوالي ٧% و ٢% من الناتج المحلي الإجمالي . وفي إحصائية للبنك المركزي في اذار ٢٠٢٠ كان هناك حوالي ١٠٣ برنامجا اجتماعيا في ٤٥ بلد وبحلول شهر أيلول عام ٢٠٢٠ قفز العدد الى حوالي ١٤١٤برنامج في ٤٥ بلد ومن المتوقع ان تسهم في حماية الاسر من العودة الى الفقر .
علينا ان نتأكد من التأثير الطويل الامد لفايروس كورونا، فقد يؤدي الى ارتفاع مؤقت في الفقر في بعض المناطق، وفي مناطق أخرى كانت مستويات النمو منخفضة قبل فايروس كورونا ومن المتوقع ان تشهد انخفاضا اكثر في العقود القادمة، وعلى صعيد متصل كان لدى هذه الحكومات حيز مالي قليل للتخفيف من تدابير الاستجابة السياسية، وبالاعتماد على توقعات صندوق النقد الدولي بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي يمكننا تحديد الأماكن التي من المحتمل ان يتركز فيها الفقر عام ٢٠٣٠ وما يمكن القيام به للحد منه.
شهد الفقر في العالم تراجعا كبيرا قبل جائحة كورونا، ووفقا لحساباتنا ، فإن الفقر المدقع -الذي يشمل الاسر التي تنفق اقل من ١,٩٠ دولار للفرد في اليوم وفقا لشروط تعادل القوة الشرائية لعام ٢٠١١- قد انخفض من ١,٩ مليار شخص في عام ١٩٩٠ الى ٦٤٨ مليونا في عام ٢٠١٩ وكان في طريقه للوصول الى ٥٣٧ مليونا بحلول عام ٢٠٣٠ لولا تفشي فايروس كورونا، اذ ارتفع عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع لأول مرة منذ عام 1997، ولا نتوقع أن يكون عدد الفقراء في العالم أقل من مستوياته بين عامي 2019-٢٠٢٣وبحلول عام ٢٠٣٠ نتوقع ان يعيش حوالي ٥٨٨ مليون شخص في فقر مدقع أي بزيادة قدرها 50 مليون شخص عما كان مقدرا قبل تفشي فايروس كورونا.
تتركز اثار الفقر الطويلة الأمد في بلدان محددة، ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي، فإن ٣٣ بلدا ناميا سوف تضل مستويات دخل الفرد فيها اقل من مستوياتها في عام ٢٠١٩، فضلا على ١٥ دولة افريقية في جنوب الصحراء الكبرى و٩ دول جزرية نامية ، و سيؤدي الركود الاقتصادي الطويل الاجل في هذه الدول الى تعقيد جهود الحد من الفقر ، كما سيؤدي ارتفاع النمو السكاني الى إعاقة التقدم في بعض البلدان. ان عدد الذين يولدون في الفقر اكثر من عدد الذين يهربون منه، ووفقا لتقديرات الفقر عام ٢٠٣٠ نتوقع ان يزداد الفقر بحوالي ٥٠٠٠٠٠ في ٢٥ بلد بالمقارنة مع تقديرات ماقبل كورونا ، والبلدان الأكثر تأثرا هي تلك البلدان التي كانت تعاني من الفقر في مرحلة ماقبل كورونا والمتمثلة بعدد من البلدان الافريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى والدول المتأثرة بالصراع كما في الشكل رقم(١) . توقعنا قبل فايروس كورونا أن يصل الفقر في نيجيريا إلى 96 مليون نسمة بحلول عام 2030. ونتوقع أن يبلغ الفقر 112 مليون نسمة بحلول عام 2030 ، أي بزيادة قدرها 16 مليون نسمة.
هذه الأرقام واقعية لكنها ليست حتمية ويمكن ان تتغير اذا اتبعت هذه الدول برنامج رعاية اجتماعية لدعم الفئات الأكثر ضعفا، وعلى الرغم من وصف هذه البرامج في عام ٢٠٢٠ بانها تدابير مؤقتة، لكن مع وجود البنى التحتية الان يمكن ان تستمر في تقديم المساعدة للفقراء، ويمكن ان يُسهم جمع البيانات الضخمة و التعليم الالي في هذه الجهود مما يساعد على الوصول الى المحتاجين بشكل افضل.
نخمن فجوة الفقر العالمية و المبلغ اللازم لإنقاذ الأشخاص من الفقر المدقع حوالي ١٠٠ مليار دولار ومن المحتمل ان يبقى عند هذا المستوى حتى عام ٢٠٣٠ (كما في الشكل٢) ، وبالمقابل، فإن صافي تدفقات لجنة المساعدة الإنمائية الثنائية والمساعدة الإنمائية الخارجية المتعددة الأطراف في عام 2020بلغ 161 مليار دولار؛ وتضيف المؤسسات الخيرية الخاصة أيضا 70 بليون دولار للتصدي للفقر. وبما ان ابعاد الفقرعديدة وتتجاوز فقر الدخل، فإن حجمه يشير إلى أن زيادة المعونة والموارد الحكومية ينبغي أن يصاحبها تركيز متجدد على استغلالها بالشكل الصحيح.
يجب ان تقترن هذه الجهود بأخرى هيكلية واسعة النطاق، ومن المحتمل ان يبقى مستوى الفقر مرتفعا في الدول المشار اليها في الجدول أعلاه بسبب استمرار انخفاض معدل النمو. يتطلب الوضع في نيجيريا وغيرها من المناطق الى بذل جهود اصلاح من اجل تصحيح اساسيات الاقتصاد الكلي وتمكين النمو على المدى الطويل، فيما تتمثل أهمية برامج الحماية الاجتماعية في دعم الاسر المكافحة، وبالنهاية فإن النمو الاقتصادي المرتفع يمثل الطريق الأسرع للقضاء على الفقر.