التعليم في العراق بين الامس واليوم

      التعليقات على التعليم في العراق بين الامس واليوم مغلقة

ا.م.د. خليل جودة عبد الخفاجي

باحث في قسم ادارة الازمات

مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء

تشرين الاول 2021

عانى العراق في ثلاثينيات القرن الماضي  من احوال سيئة في كل المجالات وخاصة في مجال التعليم نتيجة لسياسة وزارة المعارف وخطط الدولة في التعليم،

بعد المفاوضات لقرب دخول العراق عصبة الامم كدولة مستقلة والرغبة في اعادة النظر في مجمل اوضاع البلاد فقد دعت الحاجة الى اصلاح العملية التربوية في العراق من خلال  استقدام عدد من الخبراء والمستشارين الاجانب في مجال التعليم والاستفادة من خبراتهم وخاصة الامريكية فوقع الاختيار لدعوة لجنة امريكية برئاسة بول مونرو عام ١٩٣١.

في ١٩ من تشرين الاول ١٩٣١ اصبح عبد الحسين الجلبي وزير للمعارف لحكومة السعيد التي لم تهتم وتضع ضمن برنامجها اصلاح التعليم، واكد  في افتتاح دورة مجلس النواب ان العراق يحتاج صبر وثبات على الواقع، ويجب زيادة البعثات التعليمية وجلب علماء مختصين في التربية والتعليم، واصلاح التشكيلات العلمية واعادة المناهج مع التأكيد على وضع الاهتمام المالي بالوزارة ووضع تقرير شامل في التعليم..

شكلت لجنة برئاسة ساطع الحصري مدير المعارف في قضية جلب الخبراء ودعا الى بحث مشاكل المعارف بكاملها والسير على خطى التجربة المصرية في التعليم، الا ان الوزارة لم تأخذ برأيه وتبنت دعوة لجنة امريكية بسبب عودة العديد من المبتعثين العراقيين من امريكا والسير على خطى توصيات المعارف بما يسمى بالخبرات العلمية الامريكية..

اجريت اللجنة برئاسة متي عقراوي في كانون الثاني ١٩٣١ اتصالات مع بول مونرو الاستاذ في جامعة كولومبيا/ امريكا حيث اكد على  ادخال اصلاحات في التعليم وامكانية استعداده لترأس اللجنة واختيار اعضائها ،وتألفت اللجنة من )بول مونرو ( رئيسا، ووعضوية كلا من (وليم جاندلزرباكلي، اوكارولاس نايت(، و(جانيت بول مونرو) للسكرتارية.

رافق  اللجنة رسميا محمد فاضل الجمالي الذي  عاد الى العراق بعد رحلة دراسة الدكتوراه في امريكا، وقد اجرت اللجنة عدة اجتماعات وزارت  عدد من المدارس الأهلية والحكومية ووضعت تقرير اسمته ( لجنة الكشف التهذيبي) وتضمن وضع حلول ومعالجات  وتوصيات  من تسعة بنود مع التأكيد على اعداد المعلم وتدريبه وتحسين حالته المعاشية، فضلا عن ايجاد مدارس التعليم بالعمل ،والاهتمام بالعلوم والجغرافية والصحة والالعاب  والاقلال من دروس اللغة العربية وجعل اللغة الانكليزية اختياريا، كذلك الاهتمام بمدارس الاقليات الاخرى.

اما في مجال التعليم العالي فقد اوصت بإصلاح الحالة المعاشية للسكان ثم الاتجاه بعدها للتعليم العالي كون العراق بلد امي فقير معاشيا، والتأكيد على ارسال بعثات الى الخارج .

وبفضل توصيات هذه اللجنة استطاعت ان تنهض بالعراق في فترة الثلاثينيات وما بعدها واصبح العراق يعد من الدول المتقدمة في هذا المجال، ناهيك عن انخفاض مستوى الامية في السنوات اللاحقة.

ان ما يعيشه العراق اليوم هو اشبه بفوضى تعليمية ممنهجة سواء كانت مقصودة او غير مقصودة لقتل روح المنافسة والابداع ونشر الامية وتفشي البطالة ووضع نظام تعليمي لا يواكب تطورات المرحلة ولا يرتقي لمصاف الدول النامية..

ان هذه الفوضى تشترك فيها كافة مؤسسات الدولة والمجتمع بدأ من الاسرة وانتهاء بالوزارة فالجميع مشترك في القصور تجاه النهوض بالعملية التربوية، ولا يستثنى منها حتى التعليم العالي حيث ان سياسته وقراراته تخرج من رحم الدولة وبدون تخطيط احيانا، حيث بطالة في الخريجين ولاتفكر الحكومة بأيجاد حلول لهم.

من خلال ذلك نرى ان العراق اليوم اذا اراد ان ينهض بالواقع التربوي فيحتاج الى  ان تتكاتف الجميع وعلى غرار لجنة مونرو تشترك فيها الدولة بوزارتها والمنهج، والمعلم، والاسرة، وتوفير ورش عمل سواء كانت للمعلم او الطالب معا ووضع خطط وبرامج معدة من قبل الوزارة.

ولابد من الاشارة بوضع العراق والمنطقة في ضل الوباء المنتشر في جميع دول العالم وما تقدمه وزارة الصحة من خدمات صحية للجميع وتقديم اللقاحات  ويعد العراق في طليعة الدول المستوردة للقاحات بالرغم من قصور فئات كثيرة بعدم اخذ اللقاح وخاصة الطلاب مما يؤثر سلبا على العملية التربوية وانتظامها ..

اخيرا لابد من التذكير ان ثلاث سنوات  عجاف جعلت الطالب لم يعرف حرفا من القراءة الخلدونية وهذا سيخلق جيل امي للسنوات اللاحقة، وختاما يمكن القول ان تكاتف الجميع للنهوض بالعملية التربوية برمتها، وان تكون سنة دراسية ناجحة .