٣٠ دولة نامية يجب مراقبتها عام ٢٠٢٣

      التعليقات على ٣٠ دولة نامية يجب مراقبتها عام ٢٠٢٣ مغلقة

الكاتب: هومي خاراس وشارلوت ريفارد 

الناشر: معهد بروكينغز

مراجعة وتحليل: د. فراس حسين علي.

ترجمة: هبة عباس محمد علي.

قسم إدارة الأزمات/ مركز الدراسات الاستراتيجية.

https://www.brookings.edu/blog/future-development/2023/01/10/30-developing-countries-to-watch-in-2023/

        تشير الأنباء إلى أنَّ عام ٢٠٢٣ سيكون عاماً صعباً فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية العالمية، ومن الضروري تجنب الانتكاسات والمحافظة على الوضع الحالي، إذ ستواجه البلدان النامية أزمات متداخلة، من الصعب معالجتها في ظل وجود حيز مالي ضئيل أو معدوم، فعلى المدى القصير تشكل الديون والأزمات الإنسانية تهديدات ملحة، لكن على المدى الطويل يظل العمل المناخي، والسعي إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة من الأولويات، وإنَّ تجاهل أي مجال ستكون له عواقب وخيمة على ملايين الناس.

يجب أن تتسم الخطط اللازمة لتجنب أسوأ النتائج ببعض الميزات المشتركة، فعلى المستوى المحلي تبرز الحاجة إلى سياسات ‏أفضل ومؤسسات أقوى وإدارة اقتصادية سليمة، أمّا على المستوى الدولي يجب أن يكون هناك دعم مادي أكبر.

ولعدم امكانية حماية جميع البلدان من جميع المخاطر، بسبب الافتقار للموارد البشرية والمادية اللازمة للتصدي للأزمات؛ تبرز حاجة المجتمع العالمي إلى خطة لتجنب المخاطر النظامية، ومراقبة البلدان ذات الأهمية النظامية، ويجب أن تركز هذه الخطة على البلدان التي يكون فيها عدد الأشخاص المتضررين هو الأكبر، لكن هذا لا يعني  تجاهل البلدان الصغيرة.

والتساؤل هنا عن البلدان التي يجب أن تكون على قائمة المراقبة، لمن يمكن أن يتسبب في فشل منهجي وعن فجوات الموارد المعنية، وهنا نجد أربعة مجالات تتخللها فجوات كبيرة:

  1. أهداف التنمية المستدامة: اجتمع رؤساء الدول في شهر أيلول في الأمم المتحدة، لتقييم التقدم المحرز في أهداف التنمية المستدامة، للفترة الزمنية (٢٠١٥-٢٠٣٠) ووجدوا أنَّ أهداف عام ٢٠٢٣ جميعها، بعيدة عن المسار الصحيح، وهناك تراجع في بعض المؤشرات، وبحسب الشكل (١) وُجد أنَّ حوالي (٦٠٠) مليون شخص، ما زالوا يعيشون في فقر مدقع، فضلا عن الملايين الذين يعانون من نقص الغذاء والتعليم والرعاية الصحية، وهناك حاجة إلى ما يقرب من تريليون دولار من الإنفاق الإضافي، للبلدان النامية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
  2. المناخ: تشكل نسبة الغازات المنبعثة في البلدان النامية (عدا الصين) حوالي (٣٨٪) من نسبتها في العالم، ومن المحتمل أن تصدر نصف الانبعاثات السنوية بحلول عام ٢٠٣٠، لذا يجري التحول نحو “النمو المستدام” في هذه البلدان، لكنه مقيد بسبب عدم كفاية التمويل. وتبلغ الطاقة الشمسية العالمية المركبة في البلدان النامية (عدا الصين) أقل من (٢٠%) على الرغم من الظروف المناخية الملائمة فيها، والسبب يُعزى إلى الحاجة إلى أموال إضافية تقدّر بـ(٥٠٠) مليار دولار لهذا العام، لتمويل جهود التخفيف من آثار تغير المناخ في هذه البلدان،  التي تتمثل في مشاريع البنية التحتية المستدامة، وحلول المناخ الطبيعي في الزراعة والغابات واستغلال الأراضي، ومن المتوقع أن يرتفع سقف الحاجة إلى أكثر من (١٠٠) مليار دولار (المبلغ الذي وعدت بتوفيره الدول المتقدمة لكنها لم تفِ به)، لذا تحتاج هذه البلدان إلى حوالي (٣٥٠) مليار دولار. وإذا لم يتم حل مشكلة التغير المناخي، فسوف يتم الحفاظ على  الاحتباس الحراري عند أقل من (١,٥) أو (٢) درجة.
  3. الديون: وفقا لإحصاءات البنك المركزي للديون الدولية، بلغت نسبة ديون الدول النامية عام ٢٠٢٣ حوالي (٣٨١) مليار دولار، ولدى (٥٣) دولة تصنيفات ائتمانية سيئة، إذ تبلغ ديونها حوالي (١٦٦) مليار دولار لعام ٢٠٢٣، وتبلغ ديون الدول الـ(١٠) الأولى فيها فقط، حوالي (٦٠%) من اجمالي الديون المستحقة في البلدان النامية. يسعى النظام الحالي لأجل تسوية الديون إلى التعامل مع كثير من البلدان، وتقوم (٣) دول فقط بالتفاوض بشأن ديونها، بموجب الإطار المشترك الذي تقوده مجموعة العشرين. إنَّ عدم التعامل مع كل حالة بشكل منفصل، ستقوض وصول الكثير من الدول النامية إلى أسواق رأس المال الخاصة، وسيشهد عام ٢٠٢٣ عودة أزمات الديون النظامية.
  4. الصراع والعنف: بالتزامن مع الحرب الأوكرانية عام ٢٠٢٢، واجهت العديد من البلدان مخاوف اندلاع أزمات إنسانية، متمثلة بالكوارث الطبيعية والنزاعات المسلحة ونقص الغذاء، فضلا عن عدم الاستقرار السياسي. وقد نشرت لجنة الإنقاذ الدولية قائمة مراقبة للحالات الطارئة في الدول الـ(١٠) الأكثر عرضة لخطر الأزمة الإنسانية. بلغت نسبة النازحين في جميع البلدان عام ٢٠٢١، بسبب الصراع أو العنف أو الكوارث، حوالي (٦٠%)، ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا)، تمت تلبية حوالي (٥٠%) من احتياجات هذه البلدان عدا أوكرانيا. ووفقا لإحصاءات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فقد تلقت هذه الدول (١٧) مليار دولار فقط عام ٢٠٢١، لكن تقدّر خسائرها حوالي (٣٢) مليار دولار. كما يقدّر معهد كيل للاقتصاد العالمي، المساعدات الإنسانية التي تلقتها أوكرانيا، بحوالي (١٧,٨) مليار دولار بين ٢٤ كانون الثاني – ٢٠ تشرين الثاني ٢٠٢٢، وإذا كانت نسبة خسائر هذه الدول الـ(١٠) في عام ٢٠٢٣ مشابهة لنسبتها عام ٢٠٢١؛ سيصل حجم الخسائر إلى (٥٠) مليار دولار.

 

النقاط المهمة:

يوضح الشكل (١) المخاطر التي تتعرض لها الدول العشرة الأولى، فضلا عن حاجة ثلاثين دولة أخرى إلى المراقبة، إذ تبلغ فجوة مواردها الاجمالية حوالي (٩٠٣) مليار دولار عام ٢٠٢٣، ويمكن تعويضه من الموارد المحلية، فضلا عن الكثير من الدعم الخارجي، لذا يجب  على الجهات المانحة ووكالات التمويل الرسمية وضع خطط طوارئ. وقد أعلن البنك الدولي بالفعل عن برنامج تمويل سيستمر حتى شهر حزيران.

لا تقتصر الحاجة إلى التمويل في الدول التي تعاني من أزمات متعددة؛ إذ تظهر حاجة العديد من الدول الأخرى، التي تتأثر بأقل نقطة ضعف إلى التمويل، لكن النظام الحالي لا يمكنه تلبية هذه الاحتياجات أو حلّ الأزمات المتزامنة.

تجري المناقشات في مجموعة العشرين والمنتديات الأخرى، بشأن توسيع بنوك التنمية متعددة الأطراف، وتظهر جاهزية بعض الصناديق ولاسيما الصندوق الاخضر للمناخ، إلى التجديد لكن لا يمكن معرفة مدى استعداد الدول الغنية إلى دعم الزيادة الضخمة في التمويل الرسمي. هناك  حاجة إلى آليات جديدة ومبتكرة، لتوجيه الموارد إلى البلدان النامية. هناك الكثير من الأفكار التي من الممكن تنفيذها، مثل: اصدار جديد من حقوق السحب الخاصة، وائتمانات مبيعات تعويض الكاربون في أسواق الكربون الطوعية، ومدفوعات برامج الخدمات البيئية وضرائب الوقود الأحفوري، لكن هذه الأفكار لاتزال في طور التكوين، ويجب تنفيذها لتجنب استمرار أزمات التنمية العالمية.

مراجعة وتحليل:

يشير المقال للكاتبين: هومي خاراس وشارلوت ريفارد، إلى أنَّ الاقتصاد العالمي في هذا العام، لن يكون كما كان عليه في الأعوام السابقة، فعام 2023 سيكون مختلفًا فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية العالمية، إذ سيواجه بلدان العالم مخاطر اقتصادية متعددة لاسيما البلدان النامية، إذ تعاني تلك البلدان من عجز كبير في الموارد المالية، وارتفاع كبير في حجم الدين العام، وعجز في توفير الخدمات الأساسية، نتيجة الأزمات التي تعرضت لها خلال جائحة كورونا، والحرب الروسية الاوكرانيةالتي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الضرورية والطاقة، ما يهدد التنمية الاقتصادية.

تمثل أزمة الديون العامة والأزمة الانسانية، من أبرز التحديات التي تواجهها تلك البلدان على المدى القصير، في حين تعد التغيرات المناخية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، أهم التحديات على المدى البعيد، وإنَّ أي تباطؤ في مجابهة تلك التحديات، سيكون له عواقب كبير على ملايين الأشخاص.

لذلك يقترح الكاتبان على صانعي القرارات الاقتصادية في البلدان النامية، مجموعة من المقترحات لعل أبرزها:

  • على مستوى الاقتصاد المحلي:
  • سياسات اقتصادية أفضل تعالج أهم المشكلات الذي يعاني منها الاقتصاد على المستوى المحلي، والمتمثلة بارتفاع الدين العام وتوفير الحاجات الأساسية وغيرهما، وفق خطط قصيرة وطويلة الأجل.
  • مؤسسات اقتصادية أقوى بعيدة عن الضغوط السياسية، تعمل على وضع الخطط الاقتصادية وتقيمها بشكل دوري، بما يحقق التنمية الاقتصادية المنشودة.
  • إدارة اقتصادية سليمة للاقتصاد المحلي، بما يجعل مستوى النمو الاقتصادي في المستوى الطبيعي، والسيطرة على التضخم والبطالة.
  • على المستوى العالمي:
  • تحتاج البلدان النامية دعمًا ماليًا كبيرا من المؤسسات الدولية والدول المتقدمة، لمجابهة التحديات الآنية والمستقبلية.
  • على المجتمع العالمي وضع الخطط لتجنب المخاطر الاقتصادية، ولاسيما الدول المؤثرة في الاقتصاد العالمي، (مثلاً البلدان المصدرة للغذاء العالمي او المنتجة للطاقة)، كون التأثير سينتقل للاقتصاد ككل.
  • أن تبدأ الدول المتقدمة بمساعدة الدول الأكثر تضررًا من حيث عدد الاشخاص، كونها الأكثر احتياجًا للمساعدة.
  • مساعدة المجتمع الدولي للبلدان النامية، في إنهاء النزعات الدولية والنزاعات المحلية في تلك الدول، كونها توثر تأثيرًا مباشرًا في الاقتصاد العالمي، مثل تأثيره في الاقتصاد المحلي لتلك الدول.