مدى نفاذ قرار المعدوم الصادر عن الجهة الإدارية – نظرة قانونية

      التعليقات على مدى نفاذ قرار المعدوم الصادر عن الجهة الإدارية – نظرة قانونية مغلقة

م. د. حيدر مهدي حداوي

باحث في قسم الدراسات القانونية

مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء

كانون الثاني/ 2024

ابتداءً، يعدُّ القرار الإداري أحد أنواع القرارات الإدارية المختلفة، التي تصدر عن الجهة الإدارية صاحبة الاختصاص الأصيل بذلك، وهو عمل قانوني صادر عن الإرادة المنفردة للجهة الإدارية، بغية إحداث آثار قانونية، والمتمثلة في إنشاء مركز قانون للموظف العام (موظف أو تدريسي)، بغية إحداث آثار قانونية، والمتمثلة في إنشاء مركز قانوني جديد له، نحو: تعيين موظف، أو تعديل مركز قانوني (القدم الوظيفي)، أو إلغاء مركز قانوني له (عقوبة العزل من الوظيفة).

بناءً عليه، فإنَّ القرار المنعدم هو قرار يمتلك فقط المظاهر المادية لشكل القرار، مع انعدام المظاهر القانونية فيه, وهنا لا يحق لجهة الإدارة التمسك به في جميع الأحوال، ومنها كونه قد ترتب عليه حق مكتسب للشخص الذي صدر بحقه، مما يتطلب الامر عدم إلغائه، في ظل الأحوال العادية، على اعتبار أنَّ المبدأ القانوني العام، ينص على سريان الأمر الجامعي مثلا “القرار الإداري”، ومن تاريخ صدوره.

نعم هذ الكلام صحيح جدا، في حالة كون القرار الإداري لا يتعارض مع الغاية التي وجد من أجلها أصلا، وعندها فقد أجاز المشرع العراقي سحبه بأثر رجعي يمتد لتاريخ صدوره، وليس من تاريخ نفاذه، مع إلغاء كل ما يترتب عليه من حقوق والتزامات، لكل من صدر بحقه (الموظف العام أم جهة الإدارة المصدرة لذلك القرار الإداري), والعلة في ذلك تكمن في كون القرار الإداري المنعدم، لا يترتب عليه أي أثر قانوني، ولا تلحقه الحصانة ولا يزول عيبه بفوات مدة الطعن، عنصر التقادم الزمني (60) يومًا، التي نصَّ عليها المشرع العراقي, عليه يظهر لنا سؤال في غاية الأهمية، وهو: ما الآثار المترتبة على انعدام القرار الإداري؟ وللإجابة عنه نذكر الآتي:

أولا- لا يتمتع بأي أثر قانوني يترتب عليه، لكونه عملًا ماديًا وليس عملًا قانونيًا، وعندها يخرج من وصفه بالقرار الإداري، لعدم وجود العمل القانوني فيه.

ثانيا- عدم تمتعه بالحصانة بعد فوات مدة (60) يومًا، المحددة للطعن بالإلغاء، ويجوز الطعن به بأي وقت، أي بمعنى لا يخضع للتقادم الزمني الذي يشمل القرار الإداري الصحيح والمشروع.

ثالثا- يهدف تحقيق مصلحة شخصية أخرى للإدارة بشكل ضمني، وفي الظاهر تتحجج الإدارة بتطبيق القانون، بغية الخداع والتحايل على القانون، وعن طريق التفسير المنحرف غير المألوف بهذا الخصوص.

رابعا- يصبح الموظف العام كالفرد العادي لكونه  فقد صفة الرسمية، ولا يحق له المطالبة بإطاعة أوامره الوظيفة وتنفيذها.

خامسا- نوع الخطأ شخصي، وفي كلا الحالتين سواء كان الموظف حسن النية أو سيء النية، فإنَّ هذا النوع من القرارات تترتب عليه مسؤولية شخصية مصدرة القرار، على اعتبار المسؤولية تضامنية في تدرج السلطة في العمل الإداري، وعدم الإفصاح عن أصل الحق تطبيقا لقاعدة (حيث توجد السلطة توجد المسؤولية)، وكذلك قاعدة (الجهل بالقانون ليس بعذر).