السيادة العراقية بين الأزمة والطموح

      التعليقات على السيادة العراقية بين الأزمة والطموح مغلقة

 

الدكتور زيد هلال هنون

رئيس قسم الدراسات القانونية

مركز الدراسات الاستراتيجية / جامعة كربلاء

تعد السيادة سمة الدولة القانونيّة، والخصيصة الأولى والأبرز لأيّ دولة، مهما كان شكلها، ونوع النظام فيها، فَعِلو أيّ دولة وسموّها، دون الخضوع لدولة أخرى، هو ما يضفي عليها صفة الإستقلال بذاتها، دون الإنتقاص من هذه السيّادة. ولأجل أن تكون الدوّل مستقلة، وفقًا للقانون الدولي، لا بُدّ من أن تكون السيّادة مطلقة لا ينتقص منها شيء، بالتدخّل في شؤونها الداخليّة، أو الخارجيّة، من قبل الدوّل الأخرى، فضلًا عن شرعيّة حكوماتها دون فرضها من قبل دولة أجنبيّة أقوى منها، وهي صفة لا تقبل التجزئة، فلا يجوز التدخّل في أيّ من البقاع الجغرافيّة، ضمن النطاق الإقليمي للدولة، كما أنّها متكاملة غير نسبيّة، ولا محدّدة في وقت دون آخر؛ كونها تتصف بصفة الدوام، والإستمرار وليس التأقيت، والتحديد بمدّة زمنيّة معيّنة.

تتمتّع السيّادة بأهمّيّة بالغة في دساتير مختلف دول العالم، لما في ذلك من إنعكاس على سمعة الدولة، وهيبتها، وقوّتها في نظر الدوّل الآخرى؛ إذ إنّها واجهة كلّ دولة أمام بقيّة الدوّل، ومن هذه الدساتير دستور جمهوريّة العراق لسنة 2005، الذي أشار بنصوص عديدة إلى سيادة العراق، بدءًا من الديباجة التي أشارت إلى أنّ هذا الدستور، هو من يحفظ للعراق إتّحاده الحر شعبًا، وأرضًا، وسيّادة، وقد توّجت عبارة “جمهوريّة العراق” في المادّة الأولى منه، بصفة الدولة العراقيّة الشامخة، التي لم يطُلْها أعداء العراق، ولن يطولوها مهما حاولوا، وجيّشوا، وجهّزوا من عدّة للعِداء على العراق، وهي: “السيادة الكاملة”، بقوله: “جمهوريّة العراق دولة إتّحاديّة واحدة ذات سيّادة كاملة”، وجعلها من إختصاص السلطتين التشريعيّة، والتنفيذيّة، في المواد (50،67،109)، لذا فإنَّ ما يجري الآن من إنتهاكات بشعة، من قبل العدوان الجائر المتمثّل بأميركا، في هجماتها الإرهابيّة على العاصمة (بغداد)، قلب العراق النابض، إنّما يمثّل مساسًا صريحًا بسيّادة الدولة العراقيّة، وإنتهاكًا صارخًا لسلامة أراضيها، وعدوانًا غاشمًا يظلّ صغيرًا مهما حاول أن يطولَ العراق.

إنَّ المجتمع الدولي، ومجلس الأمن، تحديدًا المكلفَين بواجب الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، مطالبان بالتدخّل السريع؛ لمنع هذا العدوان ولو بالقوّة، فالقوّة بالقوّة في مبادئ القانون الدولي، وأعرافه، واتّفاقياته، فيما لم تكن اتّفاقيّات شكليّة لا حقيقيّة، مشخصنة لغايات، ومصالح الدوّل الكبرى في المنطقة.