من تطبيقات مبدأ الاقتصادي الإيطالي “فليفريدو باريتو” أن 80% من الأزمات تنتج عن 20% من الأسباب، والخشية في محاربة الإرهاب أن يجري العالم وراء الـ80% من الأسباب محدودة التأثير، تاركا الأزمات تتفاقم بسرعة في مطلع قرن لا يغفر الأخطاء ولا يرحم في نتائجها. عزيزي القارئ الكريم، في هذا العدد من إصدار (العراق في مراكز الأبحاث العالمية) ستطلع على أربعة مقالات مهمة:
المقال الأول (الانحلال الكبير)، للكاتب (مايكل سينغ)، نشره (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى)، ويشير كاتبه إلى معاناة الشرق الأوسط الحالي من الانهيار؛ بسبب العجز المؤسساتي والاقتصادي، وانهيار المنظومة الأمنية الإقليمية بعد تراجع واشنطن عن توفير غطاء لمنظومة الحكم القائمة وتركيز أوباما على آسيا، فقاد إلى غياب استراتيجية أمريكية طويلة الأمد في المنطقة، مع عدم إيجاد استراتيجية بديلة. ويرى أن ذلك خلق فراغا في المنطقة جرى ملؤه من قبل التنظيمات الإرهابية كتنظيم “داعش” وما شابه، ومن دول إقليمية كإيران وتركيا، وقوى كبرى كروسيا والصين، وهذا الواقع الشرق أوسطي جعل المنطقة غير مستقرة بشكل أعمق. وفي نهاية المقال، ينصح الكاتب الرئيس الأمريكي القادم بتبني استراتيجية تدخلية أكثر وضوحا، مدعومة بتأييد الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
المقال الثاني (وقف إطلاق النار والانتخابات في سوريا: بوتين ما زال متقدما بخطوة)، للكاتب (فابريس بالونش)، ونشره (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى)، وكاتب المقال يجدُ في وقف إطلاق النار المعلن في سوريا برعاية أمريكية وروسية مع إعلان دمشق الانتخابات النيابية في شهر نيسان القادم مؤشرات لا تدعو إلى التفاؤل، ويعتقد أن بوتين في سوريا ما زال متقدما بخطوة على واشنطن. وعند تطرقه إلى تأثير ذلك على تركيا، يجد أن الأخيرة تشهد عزلا لتأثيرها على الداخل السوري لأسباب عدة يذكرها في مقاله. وفيما يتعلق بالفصائل المسلحة السورية، فإن اتفاق وقف إطلاق النار قد يجرها إلى مزيد من التشتت والانقسام مع عدم الإشارة إلى تنحي الأسد واستثناء “داعش” وجبهة النصرة من الاتفاق، وسيشهد الوضع شن هجوم واسع من الجيش السوري وجبهة سوريا الديمقراطية على “داعش” لقطع خطوط إمداده، وقد يستغل الأسد الانتخابات البرلمانية المعلنة لتعزيز نفوذه بتمثيل الأكراد في البرلمان القادم، ولن ليكون في نهاية المطاف أمام الغرب إلا خيارين: إما قبول ما تقدمه موسكو، أو دعم انتقال سياسي ينتهي برحيل الأسد.
المقال الثالث (خوف وقلق في المملكة العربية السعودية)، للكاتب (كينيث بولاك)، ونشره (معهد بروكينغز)، يحاول الكاتب في هذا المقال بيان جملة من مصادر الخوف التي تثير قلق السعودية منها: التمدد الشيعي المدعوم إيرانيا في المنطقة عموما، والحروب الأهلية في سوريا واليمن والعراق ومصر وليبيا واحتمال تمددها إلى داخل السعودية، وانخفاض أسعار النفط وتهديده للدعم الحكومي واستنزافه للصندوق السيادي…هذه المشاكل وغيرها تجعل السعوديين يشعرون بالخوف، ويحنقون على مواقف واشنطن التي يبدو أنها تختلف كثيرا مع الرياض في وجهات النظر، وقد يقود تنامي مشاعر الخوف إلى مزيد من السياسات العدوانية في المستقبل.
المقال الرابع (الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة: تنظيما الدولة الإسلامية “داعش” وجبهة النصرة مصدرا القوة)، للكاتبة (جينيفر كافاريلا)، نشره (معهد دراسات الحرب)، وهذا المقال في غاية الأهمية للمحللينَ الأمنيينَ والاستراتيجيينَ؛ لما فيه من معلومات تصب في تحديد سبل القضاء على “داعش” وجبهة النصرة في وقت واحد وبدون الفصل بينهما، سواء على المستوى العسكري أم على مستوى تنظيم العلاقات الإقليمية والدولية.