بقلم : م. م. مؤيد جبار حسن
قسم الدراسات الدولية – مركز الدراسات الاستراتيجية
نيسان/ 2017
ولد فشل النظام السياسي العراقي في الاداء على الصعد كافة احتجاجات شعبية بدأت منذ نهاية تموز 2015 واستمرت الى الوقت الحاضر. ونظرا لعجز السلطات الثلاث الرئيسة عن تصحيح الوضع على ارض الواقع، تظهر اراء بين الحين والاخر تتحدث عن امكانية حدوث انقلاب عسكري. وهذه الاراء نابعة من تزايد ثقة الجمهور بالمؤسسة العسكرية بعد صدمة كبيرة تمثلت بسيطرة داعش. وهذه الاراء تتوقع سيناريو قيام احد القادة العسكريين البارزين بانقلاب عسكري يطيح بالعملية السياسية في العراق.
ولاجل ذلك تزداد أهمية وضع قراءة موضوعية لهكذا سيناريو. اذ ان فكرة قيام انقلاب عسكري امر يحدث في اي دولة . الا انه في الحالة العراقية – وعند التفكير بهكذا سيناريو – يتبادر الى الذهنية العراقية مرحلة الانقلابات العسكرية في القرن الماضي والتي خلقت فوبيا عامة بسبب نتائجها الكارثية. ومع ذلك نحاول هنا الاجابة عن سؤال يدور حول امكانية حدوثه عبر نظرة تحليلية موضوعية.
يرى البعض ان منظومة الجيش العراقي مستقلة غير متحزبة ولا تتدخل في الفعل السياسي ، وان اي دور سياسي واضح وقوي لها لم يظهر منذ أكثر من ثلاثين سنة. وهذا ما اكده نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي لوزير الدفاع الجديد ، معربا عن أمله في بناء “جيش حر” يحظى بمحبة الشعب، وأشار الى استقلالية الجيش العراقي عن أية “توجهات سياسية أو تدخلات فئوية”.[1]
كما ان اللعبة الديمقراطية في العراق تحول دون تراكم الضغوط داخل المجتمع، والتي ربما تحاول ان تجد متنفس لها عبر فوهات سلاح الجيش. فهي تضمن تحقيق المساواة بين الأفراد . اذ على الحكومة ليس فقط مراعاة مصالح الناس على قدم المساواة وإنما عليها أن تأخذ آراءهم أيضاً في الحسبان على قدم المساواة .[2]
فضلا عن رفض القوى الاقليمية والدولية والتي تمتلك مصالح مهمة في داخل البلد ان تتأثر تلك المصالح بفعل تغيير الوضع القائم حاليا. فالولايات المتحدة مثلا بذلت جهود كبيرة لاسقاط نظام حكم صدام حسين في العراق ،وصولا الى أسقاطه عام 2003 .
وهناك رأي ينفي حدوث أي انقلاب عسكري في العراق مشابه لما حصل في تركيا في تموز 2016، مبينا ان الحشد الشعبي سيقف ضد أي انقلاب على الديمقراطية . كما قال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية السيد فالح الخزعلي: “ لا مخاوف من عملية انقلاب عسكري قد تقوم بها عمليات بغداد أو الجيش العراقي بسبب الوضع الأمني والحرب على داعش وكثرة التغييرات في المراتب والمهام”.[3]
اما محفزات الفعل العسكري، فالشعب العراقي، خلال السنوات الماضية، ابتعد عن حياة المدنية أكثر فاكثر. واتجه صوب العسكرة، وانتشار السلاح بشكل مكثف بين افراده، حتى العاب الاطفال في الاعياد ، وأطلاق النار في الافراح والاحزان ،وغيرها من المظاهر تدل على تراجع المدنية وحضور البداوة والقبلية، والركون الى العنف في حل المشاكل.
ومن المحفزات ايضا، الظلم الاجتماعي والفقر المدقع الذي ترزح تحته فئات كبيرة من الشعب وكما هو متعارف ان تلك الوصفة تعد الشرارة التي قد تفجر الوضع المتأزم فعلا.
كذلك امتلاك الجيش احترام وتقدير عموم الشعب، وترفعه عن الشبهات الطائفية والقومية الضيقة بفعل انتصاراته وتضحياته في ساحات الحرب على الارهاب لاستعادة ارض الوطن، جعل من الاخير الملجأ الاخير القوي ، قد يلجأ له المواطن الضعيف. خصوصا ان بعض القيادات ، لديها شعبية كبيرة بين عموم الشعب، وتعد شخصيات نزيهة عابرة للطائفية والمصالح الضيقة.
وقد أكد عضو المكتب السياسي للاتحاد الإسلامي الكوردستاني، السيد محمد أحمد، في مقابلة معه ” أن الوضع العراقي الراهن على حافة الهاوية، ولا يجب أن نأمل بوجود عراق مستقل طالما أن الشيعة يملكون كل العراق، وأعتقد أن على السنة استرداده منهم، أن الوضع العراقي الحالي، إما يتجه نحو انقلاب عسكري، أو اتفاق على حكومة مؤقتة لإجراء انتخابات مبكرة “.[4]
خلاصة الحديث ، ان الانقلاب من عدمه ، رهن الوضع العراقي الداخلي والخارجي وتقلباته المفاجئة السريعة . لذا على الحكومة والبرلمان ان يحذروا ،ولا يركنوا الى الدعة والاطمئنان، فإن حصل ان تحركت قطعات عسكرية ، مثلا، لمهاجمة المنطقة الخضراء ، والتي ترمز الى السلطة والنظام القائم ، فليس من المتوقع ان يحول الشعب بينها وبين ذلك ، كما حدث في تركيا مثلا. وسيقف أمام المنتفض لتغيير الوضع الحالي ، المنتفعين منه فقط ، وهم قلة كما تشير الوقائع والدلائل.
[1] قناة السومرية: https://goo.gl/lx9RVz
[2] سداد جعفر جواد،محاضرة حول فوائد وأهمية الديمقراطية،كلية الاداب ، جامعة بابل، الانترنت: http://www.uobabylon.edu.iq/uobColeges/lecture.aspx?fid=8&lcid=46472
[3] موقع عين العراق نيوز، الانترنت: http://aynaliraqnews.com/index.php?aa=news&id22=60306&lang=
[4] موقع رووداو الاخباري، الانترنت: http://www.rudaw.net/arabic/interview/10052016