العدد48/متى يتوقف العنف الطائفي في العراق؟

      Comments Off on العدد48/متى يتوقف العنف الطائفي في العراق؟

 

ننشر ترجمة ملخصة لمقالتين مهمتين تناولتا ازدياد نشاط تنظيم القاعدة في العراق في الآونة الأخيرة وتفاقم العنف الطائفي، الأمر الذي ينذر بتراجع وتدهور الأوضاع الأمنية على المستوى الاستراتيجي، مما يزيد الهوة والفجوة السنية – الشيعية إذا لم يتم تدبّر هذا التحدي بحكمة وروية استراتيجيتين.

فالمقالة الأولى بقلم الكاتب “نيت رولينغز” الصحفي في مجلة وورلد تايم والمحارب السابق الذي اشترك في غزو العراق، حيث يشير في البدء إلى مجموعة من أحداث العنف التي جرت في العراق في الآونة الأخيرة وتصاعد مستوى الهجمات التي كان أسوؤها في مدينة الصدر الشيعية الذي أصاب مجموعة من العمال البسطاء مما أودى بحياة عدد منهم وجرح آخرين، وأصبحت مثل هذه التقارير مألوفة خلال الأشهر القليلة الماضية، بسبب تصاعد حدة العنف في العراق إلى مستويات عالية، ويؤكد أنه وبعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003وإسقاط نظام صدام وحكومته التي كان معظمها من السنة العلمانيين، أصبح الشيعة مسيطرين على الحكم، وقد تزايدت وتيرة العنف هذا العام نتيجة لحملة التفجيرات التي يقودها السنة ضدهم، وامتد ذلك عبر الحدود إذ ينشط الجهاديون السنة في سوريا حيث يتفاقم الصراع الطائفي ويزداد البلد اضطراباً.والآن، وقبل أربعة أشهر من الانتخابات البرلمانية المقبلة يبدو أن الوضع في العراق يسير نحو حرب أهلية، ويشير في مكان آخر إلى ما قاله المحلل الأمني حول الوضع في العراق ستيفن ويكان: “إن ما لاحظناه خلال عام 2013 هو القدرة على شن هجمات منسّقة في أماكن واسعة، ومن دون توقف، كما أن الفاصل الزمني بين هذه التفجيرات الهائلة قليل نسبياً، وفي مقال له – أي ستيفن ويكان- بعنوان (العنف الطائفي في العراق يُدخل البلاد في دوامة مميتة) ذكر أن استمرار الحرب الأهلية في سوريا يؤجج الصراع الطائفي، وافترض أن ائتلاف المالكي يستخدم غطاء الطائفية لحفظ الأمن على المدى القصير، بدءاً من المطالبة علناً بحماية الشيعة في المناطق السنّية وحتى استدعاء ميليشيات شيعية للدفاع عن بغداد من هجمات تنظيم القاعدة، هذه القرارات انفعالية وغير محسوبة صيغت بأسلوب طائفي لنبذ العنف، ويعتقد الكاتب بأن الأمر ازداد سوءاً عندما اندمجت عناصر تنظيم القاعدة في العراق وسوريا في نيسان لتشكّل الدولة الإسلامية في العراق والشام (ISIS)، ويُعتقد أن تلك المجموعة ستكون من الجماعات الجهادية الرئيسة التي تقاتل القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، وقد أعلنت مسؤوليتها عن العديد من الهجمات في سوريا، وفقاً لديفيد سيغل – كما ينقل عنه كاتب المقال – وهو أستاذ مشارك في العلوم السياسية في جامعة ديوك في ولاية كارولينا الشمالية الذي يدرس تطوّر المنظمات الإرهابية “فإن مثل هذا الاندماج غير عادي؛ فعادةً الجماعات لا تنضم لبعضها“، إذ يفترض أن يقوم بذلك مجموعات أصغر تعمل تحت قيادة تنظيم القاعدة لتصبح أكثر مصداقية، ولكن “عمليات الاندماج الحقيقي نادراً ما تحدث”، ووفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية، وبعد شهرين من إعلان الاندماج صرّح زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري أنه اندماج باطل،وذلك لم يمنع ISIS من إحداث تأثير كبير على زيادة العنف في العراق، فقبل أسبوعين أفادت التقارير بأن الحكومة العراقية تعتزم تشكيل “قسم خاص” في بغداد يتألف من ميليشيات شيعية لمحاربة تنظيم القاعدة، وهو اتهام نفته حكومة المالكي، ومن المحتمل أن يضم هذا القسم الجماعات التي لعبت أدواراً رئيسة في حمّام الدم الطائفي عامي (2006-2007)، كما ان إعادة تسليح تلك الميليشيات يمكنه إضرام النار من جديد وإيقاع المزيد من القتلى يومياً في أحياء السنّة والشيعة على حدّ سواء، وختم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن حكومة المالكي تصرّ على قدرة قوات الأمن العراقية على تأمين وحماية العاصمة، ولكن إذا ما استمرت موجات التفجير فإنّ تعبئة الميليشيات الشيعية ستصبح أمراً مثيراً للقلق، وإذا كان صحيحاً – كما يعتقد ويكان- أن المالكي ينظر إلى الميليشيات الشيعية على أنها تعمل لاستتباب الأمن، فالوضع سوف يتحول من حملة إرهابية سنيّة إلى حالة اقتتال بين السنة والشيعة، وإذا ما عادت الميليشيات الشيعية للظهور فهذا ينذر بحربٍ أهلية مرة أخرى.

والمقالة الثانية بقلم الكاتب “بروس ريدل” مدير مشروع بروكينغز الجديد للاستخبارات، الذي شغل منصب مستشار في البيت الأبيض للرئاسات الأربعة الماضية، حيث يعتقد أنه من المرجّح اليوم أن يزداد العنف في العراق سوءاً حتى لو تم العثور على البغدادي أو القضاء عليه، إذ أثبت تنظيم القاعدة في العراق أنه يستطيع البقاء حتى لو قُطع رأسه لأكثر من مرة، إذ إن المشكلة لا تكمن بالقضاء على قيادات هذا التنظيم بل في ثقافة الإرهاب التي يروّج لها، ويرى بأن أصول هذه الموجة الطائفية المتطرفة كثيرة، والحكومة الشيعية في العراق لا يمكن أن تفلت من مسؤولية السماح لهذه الموجة بالتطور، إذ شجّع رئيس الوزراء المالكي، الهوية الشيعية والعداء الطائفي، ولقي العرب السنة معاملة سيئة، وقد شجّعت إيران سياسة المالكي الطائفية، كما أن التدخل الإيراني وحزب الله في سوريا في ربيع هذا العام أدّى إلى تفاقم التوترات ووصولها إلى نقطة الغليان، لكن تنظيم القاعدة هو الجاني الأول، إذ دعا مؤسسه الأردني “أحمد الفاضل الخلايلة” – المعروف بأبي مصعب الزرقاوي- إلى آراء متطرفة وطائفية فاقمت الوضع بين الطرفين (الشيعي والسني)، حيث ارتقى الزرقاوي في تطرفه ضد الشيعة إلى مستويات لم تشهدها خلال القرنين الماضيين، ومع ذلك فإن تنظيم القاعدة لا يمكن أن يسيطر على العراق لأنه أقلية ضمن أقلية، ويناشد ويتناغم مع العرب السنة الغاضبين الذين هم أقل من ثلث العراقيين، ويمكنه إثارة الفوضى والإرهاب، ولكنه لا يمكن أن يؤدي لعودة السنة إلى السلطة في بغداد.

                                                                             تحميل العدد كاملاً