نضع في هذا العدد بين يدي المتابع الاستراتيجي الكريم ترجمة ملخصة لمقالتين مهمتين تسلطان بعض الضوء الكاشف على الأحداث الجارية حالياً في الأنبار، وسنستمر في الأعداد القادمة بنشر بقية ما يُنشر حول هذا الموضوع الساخن، لرسم صورة أوضح وأكمل لهذا الملف ومعرفة وجهات النظر الأجنبية المختلفة المتعلقة به، الأمر الذي يهم بالتأكيد صانع القرار الاستراتيجي العراقي.
ففي مقالة “هل سيعود العراق ساحة للحرب مجدداً؟” للكاتب “نيد باركر” الكاتب والزميل السابق في مجلس العلاقات الخارجية، والمدير السابق لمكتب صحيفة لوس أنجلوس تايمز في بغداد هناك إشارة إلى أن الحكومة العراقية تواجه جبهتين؛ إحداهما: هي رجال العشائر السنية، والأخرى: هي تنظيم القاعدة، وهناك مخاطر بشأن تعطيل الانتخابات البرلمانية المقبلة في المناطق السنية، حيث يتصاعد العنف بين الفصائل المختلفة من السنة والقاعدة، وبين الجماعات السنية الأخرى التي تستعد لخوض تلك الانتخابات، كما أن العلاقات المتوترة بين المالكي والسنّة بشكل عام من المرجّح أن تؤثر على الاضطرابات أيضاً،ويعتقد الكاتب بأن مشاهد العنف في الأنبار برهنت على فشل حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي في معالجة المخاوف الكبيرة لدى السنّة، وهي أيضاً من نتائج سياسته السامة في الأنبار نفسها وزيادة التطرف الإسلامي في العراق وسوريا، فبعدما كان السنة في زمن نظام صدام حسين يشغلون مناصبَ كبرى في الحكومة والجيش، صار الشيعة هم المهيمنون على السلطة بعد الغزو الذي قادته أمريكا عام 2003، وحتى رجال الدين الشيعة، من المسالمين مثل آية الله العظمى علي السيستاني وكذلك العدائي المتطرف مقتدى الصدر، اعترفوا علناً بصحة المظالم السنية، وزار زعماء العشائر الشيعية أماكن المظاهرات تعبيراً عن تضامنهم،وينتاب المسؤولين من مؤيدي المالكي شكٌّ بأن مخيمات الاحتجاج كانت واجهة للمتشددين والسياسيين السنّة الذين يسعون للإطاحة بالحكومة أو إيجاد ذريعة لإقامة منطقة سنية مستقلة أو شبه مستقلة خاصة بهم، ويستطرد الكاتب بالقول: عشية الانتخابات الوطنية المقرر عقدها في 30 نيسان، تعيش محافظة الأنبار حالة فوضى وعدم استقرار من المرجّح أن تمتد إلى خارجها وتؤثر على بقية مناطق العراق.وهناك مخاطر بشأن تعطيل الانتخابات المقبلة في المناطق السنية، حيث يتصاعد العنف بين الفصائل المختلفة من السنة والقاعدة، وبين الجماعات السنية الأخرى التي تستعد لخوض الانتخابات البرلمانية، كما أن العلاقات المتوترة بين المالكي والسنّة بشكل عام من المرجّح أن تؤثر على الاضطرابات أيضاً، وان معظم المناطق السنية الآن غارقة في الصراع، مثل محافظة نينوى في الشمال التي يُنظر إليها على أنها معقل لمقاتلي القاعدة، ومحافظة ديالىالتي شهدت قتالاً بين الجماعات المسلحة السنية والشيعية نتج عنه ارتفاع في النزوح الداخلي للمدنيين، وان هذا الصراع في المناطق السنية يخلق جواً لأزمة دائمةيمكن أن تجرّ البلاد إلى حرب أهلية أو أن يتم استخدامها من قِبل المالكي لتبرير البقاء في السلطة، وان الواقع على أرض المعركة محيّر والدوافع المتضاربة لدى كل من الحكومة والقبائل السنية تجعل من الصعب على إدارة أوباما أن تجد سياسة من شأنها تقديم حلول لتنامي المحنة الطائفية وتنظيم القاعدة في العراق.
وفي تقرير “العراق على مفترق طرق: المصالحة أو الحرب الأهلية” للكاتب “محمد علي هريسي” نائب مدير مكتب بغداد لوكالة الصحافة الفرنسية، هناك تأكيد على أن التمرد الذي اندلع في الإقليم السني بسبب قيام الحكومة التي يقودها الشيعة بتفريق الاحتجاجات التي استمرت عاماً كاملاً، يضع البلاد على مفترق طرق بين المصالحة والحرب الأهلية، وعلى رئيس الوزراء أن يقرر في الأيام المقبلة ما إذا كان سيشُرك الأقلية السنية مشاركة حقيقية في السلطة، أو أنه سيمضي قدماً في سياساته التي يُزعَم أنها طائفية، لقد خرج العراق في عام 2008 من سنوات القتل الطائفي الوحشي لأن الحكومة والجيش الأمريكي كانا على الأرض وشاركتهم العشائر السنية التي انقلبت على مسلحي القاعدة، ويقول محللون: إن حكومة المالكي تحتاج إلى أن تفعل الشيء نفسه مرة أخرى لتعيد العراق مرة أخرى بعيداً عن حافة الهاوية، وإن الأقلية السنية التي هيمنت على البلاد منذ إنشائها بعد الحرب العالمية الأولى حتى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، أخذت تشعر بالضعف الأمر الذي دفعها إلى التمرد بعد غزو العراق، وقد أثار استياؤها هذا أعمال عنف في العام الماضي وصلت إلى مستويات لم تشهدها البلاد منذ عام 2008.